عرض خاص لفيلم نادين لبكي «كفرناحوم» في بيروت

في عرض سينمائي خاص لبّى أهل الصحافة والإعلام دعوة نادين لبكي لحضور فيلمها «كفرناحوم» الحائز على جائزة التحكيم في مهرجان «كان» في مايو (أيار) الفائت.
هذا العرض الذي يسبق موعد 20 سبتمبر (أيلول) الحالي، لإطلاق العمل رسمياً في صالات السينما اللبنانية ترجم خلاله المدعوون حماسهم لمتابعته بعد أن دخلوا صالات سينما «أمبير» في منطقة «السوديكو» المستضيفة للحدث قبل وقت عرضه بفترة.
وما إن استُهلّ العرض بمشهد يصور بطله (زين الرافعي) مكبل اليدين يستعد لحضور محاكمته، حتى خيّم الصمت على الصالة رقم «3» بشكل لافت. فنادين لبكي أسَرت الحضور منذ اللحظة الأولى لبداية الفيلم بكاميرتها الواضحة والتي تحاول فيها تقريب الواقع إلى عالم الشاشة الذهبية من خلال تفاصيل صغيرة تعتمدها عادةً في أعمالها السينمائية. ويعد «كفرناحوم» العمل السينمائي الثالث الذي تطل به نادين على جمهورها بعد «سكر بنات» و«هلأ لوين». فمسافة السنين التي تتجاوز الـ4 أعوام بين عمل سينمائي وآخر لها باتت عنصراً تشويقياً تستخدمه المخرجة اللبنانية لحث جمهورها على انتظار أفلامها بفارغ الصبر، كونها تأخذ وقتها في تحضير فكرته وعملية تنفيذه. موضوع الفيلم الذي بات معروفا لدى هواة الأفلام السينمائية والمطلعين على أخبارها يحكي عن طفل يعيش في منطقة فقيرة ويقرر التمرد على نمط الحياة الذي يخضع له فيقوم برفع دعوى قضائية ضد والديه اللذين -حسب رأيه- لم يتحملا المسؤولية الكافية لتربيته في ظروف أفضل.
ولعل عملية اختيار الفريق التمثيلي بمن فيه الطفل ابن الـ12 سنة، زين الرافعي، الذي اكتشفته إحدى أعضاء فريق الـ«كاستينغ» التابع لنادين خلال وجودها في منطقة الطريق الجديدة، ومروراً بيوردانوس شيفراو (تجسد دور العاملة الإثيوبية «رحيل»)، ووصولاً إلى الطفل الأفريقي الأصل (تريجر بنقوله)، شكلت هذه الشخصيات المحور الرئيسي لآراء أهل الإعلام، الذين أثنوا عليهم بعد أن تابعوا الفيلم لمدة ساعتين كاملتين دون أن يرفّ لهم جفن.
فجميعهم أدّوا أدواراً يعيشون ما يشبهها تماماً في حياتهم العادية وهو ما ساهم في نجاحهم فيها. ويأتي ذلك تزامناً مع إدارة نادين لبكي المشهود لها بمهارة تحريك ممثلي أفلامها أمام كاميرتها.
فعند انتهاء العرض تحدث الحاضرون عن قدرة نادين لبكي على تقديم شخصيات أفلامها من واقع حي يجعل مشاهدها يصدق كاميرتها فيُخيَّل إليه أنه يتابع قصة معيشة عن قرب وليس فيلماً سينمائياً استغرق تصويره نحو 6 أشهر.
وبغض النظر عن السجال الذي أثاره موضوع الفيلم إثر عرضه في مهرجان «كان» من قِبل البعض لأنه يدرج لبنان في خانة بلدان العالم الثالث غير المتحضر، إلا أنه استطاع أن يولّد تعاطفاً شديداً بين أبطاله ومشاهده بعد أن كشف عن شريحة اجتماعية يسكنها البؤس لطالما حاول (المشاهد) غض النظر عن وجودها وتجاهلها على أرض الواقع من باب رفضه تصديقها أو فكرة الانتماء إلى وطن يحتضنها تحت سقفه.
حضور نادين لبكي في الفيلم كان بمثابة «ضيف شرف» يمثل همزة الوصل ما بين طفل معذب وأحلامه المستقبلية. فـ«زين» وجد في محاميته (تؤدي دور محامية الطفل) بصيص النور الذي قد يسمح له بالتفكير في الغد. وهو الأمر الذي قد يلزمه معجزة ليتحقق في ظل عدم وجود أي إثبات أو وثيقة رسمية تؤكد ولادته.
تعليقات مختلفة بادر إلى تكرارها ضيوف العرض من أهل الصحافة والإعلام. وتضمنت في غالبيتها ردوداً عفوية على أسئلة كثيرة تطرحها لبكي في الفيلم دون أن تعطينا الجواب الشافي لها. «طيب لماذا الإنجاب إذا لا يستطيع الأهل أن يتحملوا مسؤولية تربية أولادهم؟»، و«لا أصدق أن هناك مواطنين يشبهون شخصيات الفيلم ويعيشون هنا بيننا!»، و«لقد دفعتنا نادين للتفكير ملياً قبل اتخاذ القرار بالزواج والإنجاب». ربما أرادت نادين لبكي أن تستفزّنا وتحرك عواطفنا وتفكيرنا ورؤيتنا نحو لبنان أفضل عندما نجحت في لفت نظرنا إلى مشكلات عديدة نعيش أحياناً على هامشها كالزواج المبكر وتحديد النسل وعمالة الأطفال، والتي حسب تقرير صدر مؤخراً أظهر أن هناك 100 ألف طفل يقعون ضحاياها في لبنان.
وعن اسم الفيلم «كفرناحوم» توضح نادين لبكي: «الاسم فرض نفسه عليّ عندما رحت أضع رؤوس أقلام الموضوعات التي سأعالجها في هذا الفيلم. يومها كنت أجلس مع زوجي خالد مزنر في غرفة الجلوس في منزلنا عندما أعدت النظر بتلك العناوين وقرأتها من جديد فإذا بي أقول له: في الواقع هذه العناوين تصنع كفرناحوم حقيقية». والمعروف أن عبارة كفرناحوم تعني بالفرنسية مكاناً تعمّه الفوضى.