ليبيا تتجه لطلب تدخل قوات دولية

مسؤول لـ {الشرق الأوسط} : حكومة الثني الانتقالية تتعرض لمؤامرة وشيكة

ليبيا تتجه لطلب تدخل قوات دولية
TT

ليبيا تتجه لطلب تدخل قوات دولية

ليبيا تتجه لطلب تدخل قوات دولية

في تطور مفاجئ يعكس الاتجاه نحو تدويل القضية الليبية مجددا، وعدم قدرة السلطات الليبية على وقف القتال الدائر منذ يومين في محيط مطار العاصمة طرابلس، أعلنت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني أنها درست ما وصفته بـ«استراتيجية طلب محتمل» لتدخل قوات دولية لحماية المواطنين ومقدرات الدولة وترسيخ قدراته، فيما تحدث مسؤول رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» عن أن حكومة الثني تواجه ما وصفه بمؤامرة وشيكة تتضمن اغتيال أو اعتقال معظم وزرائها.
وقال المسؤول الذي طلب عدم تعريفه، إن الحكومة ناقشت في اجتماع طارئ عقدته مساء أول من أمس تقريرا استخباراتيا على مستوى مهم وخطير للغاية في اجتماع الحكومة يحذر من احتمال تنفيذ حملة اغتيالات واعتقالات قد تطال عددا من أعضاء الحكومة، بمن فيهم رئيسها الثني، بالإضافة إلى عدد من النشطاء السياسيين والإعلاميين المناوئين للتيار الإسلامي.
وأضاف: «التقرير يتحدث عن ضلوع مسؤولين كبار في جهاز المخابرات العامة الليبية في المؤامرة، عبر سرده لتفاصيل اتصالات مشبوهة جرت بين مصطفى نوح نائب رئيس الجهاز، وصلاح بادي عضو المؤتمر الوطني العام (البرلمان) سابقا عن مدينة مصراته»، والقائد الميداني لما يسمى بعملية «قسورة»، التي يشنها المسلحون الإسلاميون منذ الأحد الماضي للسيطرة على مطار طرابلس، مشيرا إلى أن نوح عضو سابق بالجماعة الليبية المقاتلة التي يرأسها القيادي المعروف عبد الحكيم بلحاج.
وكشف المسؤول النقاب عن أن حكومة الثني طلبت رسميا من بعض قيادات مصراته التدخل لكف نشاطات بادي المناوئة لها، إلا أن هذه القيادات لم تأبه للطلب الرسمي وتجاهلته.
وأعلنت غرفة عمليات ثوار ليبيا، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، عن إطلاق عملية عسكرية انتقاما لمصرع عبد المنعم الصيد مسؤول مكافحة الجريمة قبل يومين في المواجهات الأخيرة، علما بأن الصيد كان قد اعتقل علي زيدان رئيس الوزراء السابق العام الماضي لبضع ساعات في طرابلس.
ووصفت الغرفة هذه العملية بأنها «كبيرة وضخمة العتاد لتحرير المطار»، لكنها لم توضح حجم القوات المشاركة فيها أو طبيعة تسليحها.
وهاجم سكان غاضبون مقر قناة «النبأ» التلفزيونية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين بالعاصمة طرابلس، بعدما نظموا احتجاجا على ما وصفوه بتغطية القناة غير المهنية والمنحازة.
وأغلقت الطرق المؤدية إلى المطار وحوله منذ الساعات الأولى من صباح أمس، كما تعرض لإطلاق قذائف صاروخية مجددا، لكن لم يُعرف مصدرها.
وأعلنت السلطات الليبية عن نجاحها في تفادي كارثة أمنية، مشيرة إلى أن الأجهزة المختصة تمكنت من تفكيك سيارات مفخخة كانت مجهزة لشن عمليات انتحارية قرب مقر أحد الألوية العسكرية التابع لحرس الحدود بالعاصمة.
في المقابل، وجه بعض أهالي طرابلس دعوة مفتوحة لجميع أبناء العاصمة القادرين على حمل السلاح للدفاع عن المدينة، وما سموه بـ«مقدرات الوطن»، بعد عجز الحكومة عن ذلك.
وقال الأهالي في بيان لهم، عقب وقفة احتجاجية بميدان الجزائر وسط العاصمة، أمس، إنه يتعين على جميع الكتائب المسلحة الشرعية وغير الشرعية مغادرة طرابلس، وإلا فإنها ستصبح هدفا مشروع لهم، كما هددوا بإعلان العصيان المدني والاعتصام في الميادين العامة إلى حين تحقيق هذه المطالب.
وأصدرت الحكومة بيانا عقب اجتماع طارئ عقدته مساء أول من أمس بطرابلس عدّت خلاله أن الاستعانة بالقوات الدولية المحتملة يستهدف منع الفوضى والاضطراب وإعطاء الفرصة لها لبناء مؤسساتها وعلى رأسها الجيش والشرطة.
ولم تحدد الحكومة أي تفاصيل إضافية تتعلق بهوية هذه القوات وطبيعة عملها، علما بأن هذه هي المرة الثانية التي تعلن فيها حكومة ليبية بعد حكومة زيدان العام الماضي، رغبتها في الاستعانة بخدمات قوات أجنبية في مهام حفظ الأمن والاستقرار.
وكشف بيان الحكومة النقاب عن أعمال تدمير شاملة تعرض لها مطار طرابلس الدولي جراء قصفه بعدة صواريخ أدت إلى إصابة 90 في المائة من الطائرات، مشيرا إلى أن إصلاح هذه الطائرات يحتاج إلى أشهر ومئات الملايين من الدولارات.
وتضمنت الخسائر أيضا إصابة برج المراقبة وتدمير شاحنات وخزانات الوقود بالإضافة إلى تدمير كامل لعدد من الطائرات بعضها تابع للأمن الوطني، وتدمير مبنى الجمارك ومباني الصيانة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.