الأسد يؤدي اليمين الدستورية اليوم.. وخطاب القسم يحدد «الخطوط العريضة» لولايته

محللون يتوقعون أن يقدم نفسه «خشبة الخلاص» بمواجهة تطرف «داعش»

الأسد يؤدي اليمين الدستورية اليوم.. وخطاب القسم يحدد «الخطوط العريضة» لولايته
TT

الأسد يؤدي اليمين الدستورية اليوم.. وخطاب القسم يحدد «الخطوط العريضة» لولايته

الأسد يؤدي اليمين الدستورية اليوم.. وخطاب القسم يحدد «الخطوط العريضة» لولايته

يؤدي الرئيس السوري بشار الأسد، اليوم (الأربعاء)، اليمين الدستورية لولاية رئاسية جديدة، بعد إعادة انتخابه في الثالث من شهر يونيو (حزيران) الماضي، لولاية جديدة تمتد إلى سبع سنوات. ومن المتوقع أن يحدد خطاب القسم الذي سيلقيه الأسد في دمشق، اليوم، من دون أن يحدد مكانه وزمانه بعد لأسباب أمنية، «الخطوط العريضة» لولايته الجديدة، التي تتزامن مع تقدم ميداني كبير تحرزه التنظيمات المتشددة، وفي مقدمها «الدولة الإسلامية»، على حساب تراجع «الجيش الحر».
وأوردت صفحة الرئاسة السورية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس أن خطاب الأسد المرتقب «سيحدد ملامح المرحلة المقبلة لسبع سنوات مقبلة بتوجهاتها وخطوطها الأساسية سياسيا واقتصاديا». وأشارت إلى أن «التفاصيل تتم بالتعاون مع المؤسسات فيما بعد وفي مراحل متتابعة».
وفي سياق متصل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر سوري قريب من السلطات، قوله إن الأسد «سيؤدي اليمين أمام عدد كبير من الشخصيات الأربعاء (اليوم)، ثم يلقي خطاب القسم الذي سيحدد فيه الخطوط العريضة لولايته الجديدة المؤلفة من سبع سنوات».
ويجمع محللون وخبراء على أن الأسد في المرحلة المقبلة سيعمل على تسويق صورته كرئيس منتخب من الشعب السوري ويقدم نفسه من جديد «حصنا ضد الإرهاب»، خصوصا مع المحاذير التي يثيرها تصاعد نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
ويتوقع الباحث السياسي وأستاذ العلاقات الدولية سامي نادر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن يقدم الأسد نفسه «خشبة الخلاص بمواجهة التنظيمات الإسلامية المتطرفة، برغم أن المسؤول عن ولادة التطرف الإسلامي ونموه هو نظام الأسد ذاته، الذي لم يتردد في فبركة هؤلاء المتطرفين بعد إطلاقهم من سجونه ومن سجون العراق». ويعتبر نادر، المواكب للشأن السوري، أن الأسد «يريد أن يستغل تصاعد نفوذ (داعش) ليقدم نفسه على أنه الوجه المناقض والحل الأوحد للتصدي لموجة التطرف»، وعدّ أن «ذلك فخ ساهم المجتمع الدولي بتكريسه نتيجة تقاعسه عن الدعم الفعلي للمعارضة السورية».
ويرى نادر أن «التحدي الأكبر اليوم هو أن يدرك المجتمع الدولي أن المعارضة الديمقراطية المعتدلة والإسلام الديمقراطي المعتدل، يشكلان الرادع الحقيقي لنمو التطرف»، مشددا على أن «كل من يراهن على أنه بإمكان الأسد أن يكون الحصن المنيع في وجه التطرف هو مخطئ وكمن ينفخ في النار». ويضيف: «الديكتاتور هو من ينفخ في نار التطرف، ولا حل إلا بدعم نقيضه، أي الإسلام المعتدل والديمقراطي»، آملا أن «يعي المجتمع الغربي الذي بدل تحالفاته وأولوياته وعدل بسياساته، أن رهانه على أنظمة قمعية تحت غطاء العلمنة لمواجهة التمدد الإسلامي هو رهان خاطئ».
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس - الجنوب، خطار أبو دياب، قوله إن الأسد «يريد أن يعزز موقعه كمنتصر أمام حليفيه الإيراني والروسي»، وعدّ أن قسم اليمين «سيكون أيضا عرض قوة في مواجهة الدول التي طالبت برحيله» منذ عام 2011. تاريخ اندلاع الحركة الاحتجاجية ضده. وتوقع أن «يحاول الأسد استغلال مراسيم القسم من أجل تأكيد شرعية مشكوك بها من الخارج، وسيتوجه إلى القاعدة الوفية له (في الداخل) لتأكيد ضرورة استمراره حيث هو».
ويقول مدير مركز الأبحاث الاستراتيجية في دمشق بسام أبو عبد الله أن مسألة تنحي الأسد «باتت موضوعا منتهيا وساقطا. حتى الحديث الأميركي في هذا الموضوع انتهى، رغم أن الولايات المتحدة كانت الأكثر تكرارا لهذا الحديث. (...) في السعودية وقطر انتهى أيضا هذا الحديث. الجميع في انتظار تسويات كبرى في المنطقة».
وفي حين يحمل معارضون سوريون على استمرار الأسد بالتصرف وكأنه رئيس شرعي، برغم أعداد القتلى والدمار واللاجئين، من خلال تمسكه بمظاهر الشرعية كالانتخابات وأداء القسم، يوضح الأستاذ الجامعي سامي نادر في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن إطلالة الأسد تأتي عقب جمود المساعي للحل السلمي. ويقول إن الأسد، الذي سيحدد في خطاب القسم شروط نجاح أي حل مقبل لأزمة سوريا، تزامنا مع تعيين مبعوث أممي جديد، سيبدو وكأنه «يتكلم لوحده ولا أحد يصغي إليه، في حين أن المعارضة المتمسكة بمقررات (جنيف 2) لم تتمكن من فرض وجودها، والدليل جمود التسوية السلمية».
ويرى نادر أن «المسار التفاوضي معلق منذ فشل مؤتمر (جنيف 2). وبالتالي كل طرف يغني على ليلاه ولا مساحة لحوار ثنائي»، خصوصا في ظل تصاعد قضايا دولية أخرى فرضت نفسها على قائمة أولويات المجتمع الدولي، بدءا من أوكرانيا مرورا بتطورات الملف العراقي وانهيار الحدود، وصولا إلى غزة». ويستنتج أن «الملف السوري لم يعد بحد ذاته أولوية اليوم، بل بات جزءا من ملف المشرق ويتطلب تسوية كبرى، تبدو أفقها مسدودة حتى اللحظة».
وتتزامن تجديد ولاية الأسد مطلع شهر يونيو (حزيران) الماضي مع خسارة كتائب المعارضة معاقل مهمة لها في حمص (وسط) وريف دمشق (القلمون خصوصا) وشرق مدينة حلب (شمال) ومحافظة دير الزور، مقابل تقدم سريع لتنظيم الدولة الإسلامية، الذي أعلن إقامة «الخلافة الإسلامية» واستولى على مساحات شاسعة في شمال وغرب العراق الحدودي مع شرق سوريا.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية والاستراتيجية في معهد «ايريس» الفرنسي كريم بيطار أن «الأسد سيستثمر مسألة الخوف من الجهاديين، ويواصل عملياته العسكرية». ويقول، في تصريحات نقلتها عنه وكالة الصحافة الفرنسية أمس، إن الأسد «يأمل بأن تجاوزات الدولة الإسلامية ستساهم في جعله يكسب ود أناس تعبوا من ثلاث سنوات من الحرب، وسيواصل الاستثمار في الهاجس الغربي تجاه التطرف الإسلامي ويطرح نفسه شريكا في مكافحة الدولة الإسلامية».
لكن بيطار يشير إلى أن الأسد «سيواصل في الوقت نفسه استراتيجيته في قمع الانتفاضة ضده، عبر تعزيز وجوده وقوته على محاور الطرق الرئيسة والمدن، مع احتمال أن يتخلى عن شرق البلاد»، الذي بات في الجزء الأكبر منه تحت سيطرة «الدولة الإسلامية».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.