ليبيا: قتلى وجرحى بهجوم إرهابي على مؤسسة النفط في طرابلس

نفذه 6 مسلحون يشتبّه بانتمائهم إلى «داعش»... وحكومة السراج تتعهد ملاحقة المتورطين

الدخان يتصاعد من مقر مؤسسة النفط خلال الهجوم أمس (رويترز)
الدخان يتصاعد من مقر مؤسسة النفط خلال الهجوم أمس (رويترز)
TT

ليبيا: قتلى وجرحى بهجوم إرهابي على مؤسسة النفط في طرابلس

الدخان يتصاعد من مقر مؤسسة النفط خلال الهجوم أمس (رويترز)
الدخان يتصاعد من مقر مؤسسة النفط خلال الهجوم أمس (رويترز)

في أحدث هجوم إرهابي تشهده العاصمة الليبية طرابلس، اقتحم أمس مسلحون يعتقد أنهم من عناصر تنظيم داعش، مقر مؤسسة النفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، واحتجزوا عددا من الموظفين داخله رهائن، قبل أن تنجح القوات الأمنية في إيقافهم، في عملية أسفرت عن سقوط قتيلين و10 جرحى.
وعقب الحادث، عقد السراج اجتماعا عاجلا مع قيادات أمنية، ضم رئيس المخابرات العامة اللواء عبد القادر التهامي ورئيس جهاز المباحث العامة اللواء رشيد الرجباني وآمر الحرس الرئاسي اللواء نجمي الناكوع ومسؤولين آخرين، وأكد السراج ضرورة الاضطلاع بالكامل على أبعاد هذا الاعتداء الإرهابي. وشدد السراج وفقا لبيان وزعه مكتبه، على اتخاذ جميع الإجراءات والاحتياطات الأمنية اللازمة لإحباط مخططات الإرهابيين.
وقبل الاجتماع، أعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أن الأجهزة الأمنية المختصة شرعت على الفور في إجراء تحقيقاتها المكثفة لمعرفة أبعاد وهوية منفذي الاعتداء ومن يقف خلفه.
وسارعت الأجهزة الأمنية في طرابلس إلى اتهام تنظيم داعش الإرهابي بالوقوف وراء الهجوم، الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه، لكن مثل هذه الهجمات تحمل بصمات التنظيم.
ورفعت وزارة الداخلية مجددا حالة التأهب الأمني وتبنت أقصى درجات الاستعداد، وقالت إن المؤشرات الأولية تفيد بأن المجموعة المسلحة التي نفذت الهجوم تنتمي لـ«داعش»، وإن أعضاء المجموعة الستة هم من ذوي البشرة السمراء، مؤكدة أن مقر مؤسسة النفط تحت سيطرة الأجهزة الأمنية.
وبعدما اعتبرت أن «هذا العمل الجبان ما هو إلا محاولة فاشلة لزعزعة الأمن داخل العاصمة»، دعت الجميع إلى «الوقوف صفا واحدا ضد كل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن والمواطن».
وقال مصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط، إن المهاجمين قاموا بالرماية العشوائية على البوابة الرئيسية للمؤسسة ثم اقتحموا المقر تحت ستار تفجيرات وإطلاق للنار، لافتا إلى أن قوات الأمن قامت بإخلاء المبنى ومساعدة الموظفين على مغادرة المكان ونقل الجرحى لأقرب المصحات.
وأوضح أن الهجوم تسبب في سقوط قتلى وعدد من الجرحى وخسائر مادية كبيرة، بينما قالت وزارة الصحة إن الحصيلة الأولية للهجوم المسلح هي قتيلان و10 جرحى.
وسمع دوي انفجار وإطلاق نار، كما اشتعلت النار في المبنى الواقع في طريق السكة الذي أحاطت به قوات الأمن، بينما روى موظفون كانوا في المقر لحظة اقتحامه أن مسلحين ملثمين هاجموا المقر بعدما تبادلوا إطلاق النار مع حراسه، وأشار الموظفون إلى أنهم اضطروا للاختباء فيما تمكن بعضهم من الهروب من النافذة.
وقالت قوة الردع الخاصة بوزارة الداخلية الليبية إن «هجوما إرهابيا من (داعش) استهدف المؤسسة الوطنية للنفط»، مشيرة إلى العثور على أشلاء الانتحاريين، وبعضهم ذوو بشرة سمراء». وأكدت القوة في بيان لها سيطرتها على مقر مؤسسة النفط في طرابلس.
وقال وزير الداخلية عبد السلام عاشور، إن «الهجوم نفذه 6 أشخاص من ذوي البشرة السمراء قاموا باقتحام مبنى مؤسسة النفط في الساعات الأولى من صباح أمس، واستخدموا الأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية واحتجزوا عددا من الرهائن داخل مبنى المؤسسة».
واستنكرت بعثة الأمم المتحدة ما وصفته بالعمل الإرهابي الجبان، واعتبرت أن المساس بالمؤسسة التي تؤمّن مصدر قوت الليبيين هو اعتداء عليهم جميعاً. ودعت البعثة في بيان لها الليبيين إلى وقف ما أسمته بالتناحرات الجانبية العقيمة والعمل معا ومع المجتمع الدولي للقضاء على الإرهاب.
وظل مقر المؤسسة الوطنية للنفط حتى أمس بعيدا عن العنف في البلاد التي اعتادت فيها الفصائل المسلحة على غلق حقول النفط من حين لآخر لتقديم مطالب. وتدر المؤسسة دخلا لليبيا. والمؤسسة الوطنية للنفط والبنك المركزي الذي يقع مقره في طرابلس هما المؤسستان الحكوميتان الوحيدتان اللتان تعملان بكفاءة في ظل الفوضى.
وهجوم أمس الذي استغلته الحكومة الموازية في شرق البلاد برئاسة عبد الله الثني للمطالبة مجددا بنقل مقر المؤسسة الوطنية للنفط من العاصمة إلى مدينة بنغازي «الآمنة»، هو أول حادث من نوعه بعد ساعات قليلة فقط من إعلان البعثة الأممية موافقة الميليشيات المسلحة في طرابلس على تثبيت وقف لإطلاق النار بعد أكثر من أسبوع على معارك طاحنة بين الميليشيات المتناحرة على النفوذ والسلطة.
وقالت حكومة الثني في بيان لها إن الميليشيات الإرهابية والجماعات المسلحة المارقة تتحكم في مؤسسة النفط وتتقاسمها جماعة «الإخوان» و«المقاتلة» و«القاعدة» بالإضافة إلى تنظيم داعش، مشيرة إلى أن تلك الجماعات تستفيد من «عجز حكومة السراج ومن وهمِ سيطرتها بأجهزتها الهزيلة» على الأوضاع في مناطق نفوذها.
من جهتها، أعلنت البعثة الأممية مساء أول من أمس أن الاجتماع الذي عُقد في مدينة الزاوية غرب ليبيا وحضره ممثلون عن حكومة السراج والقادة العسكريين والأجهزة الأمنية والمجموعات المسلحة المتواجدة في العاصمة وما حولها، تعهدت خلاله الميلشيات بالاستمرار في وقف إطلاق النار وبالالتزام بوثيقة موقعة تتضمن إنشاء آلية للمراقبة والتحقق ترمي إلى ترسيخ وقف إطلاق النار.
كما أعلنت أن رئيسها غسان سلامة سيواصل ما وصفته بمساعيه الحميدة لإعلان حزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي تشكل أساس حل الأزمة والعمل مع جميع الأطراف للتوصل إلى اتفاق سياسي.
وبحث السراج باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي ووزير الدفاع مع اللواء محمد الحداد آمر المنطقة العسكرية الوسطى الذي تعرض للاختطاف مؤخرا، الترتيبات التي اتخذت في إطار التكليف الصادر من السراج بتأمين الهدنة في ضواحي العاصمة وإيقاف الأعمال العدائية.
واستنكرت المنطقة العسكرية لمصراتة عملية اختطاف اللواء الحداد مؤخرا، مشيرة إلى قيام مجموعة مسلحة مقنعة استغلت تحركه دون حراسة واقتادته تحت تهديد السلاح واحتجزت حريته لساعات. وأوضحت المنطقة في بيان نقلته وكالة الأنباء الموالية لحكومة السراج أنها لن تذكر تفاصيل هذه الحادثة كي لا تؤثر على سير التحقيقات من قبل الجهات الأمنية.
إلى ذلك، تحدثت تقارير صحافية سويسرية عن أن أسلحة سويسرية يجري تداولها في ليبيا وسط تصاعد جديد للقتال في البلاد بين ميليشيات مُتناحرة. ونقل الموقع الإلكتروني للإذاعة السويسرية عن أسبوعية «سونتاغس بليك» أن تجارا من طرابلس يقومون ببيع أسلحة وقاذفات قنابل سويسرية من صنع شركة على شبكة الإنترنت.
واستندت الصحيفة الصادرة في زيوريخ بالألمانية إلى تقرير صادر عن مركز أبحاث أسترالي متخصّص في شؤون الأسلحة وعلى مُستندات مصورة. وقالت الصحيفة إنها تلقت تأكيدات من شركة «رواغ» لصناعة الأسلحة المملوكة للكنفدرالية ومن شركتي «بروغر» و«تومت اي جي» العاملتين في مجال التزويد بالمعدات الدفاعية أن المُستندات تتضمن بالفعل صُورا لمُنتجاتهم، إلا أنه من غير الواضح كيف وصلت الأسلحة إلى هذه المنطقة التي مزقتها الحرب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.