إيهود باراك: نتنياهو أخطر رئيس حكومة في تاريخ إسرائيل

قال إن رئيس الحكومة يفقد الدولة «القيم الليبرالية» ويقودها نحو الفاشية

TT

إيهود باراك: نتنياهو أخطر رئيس حكومة في تاريخ إسرائيل

في هجوم شديد وغير مسبوق، اعتبر إيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، خليفته بنيامين نتنياهو، أخطر رئيس حكومة في تاريخ إسرائيل. وقال إن سياسته تهدد المشروع الصهيوني برمته، وقد توصل إلى وضع يصبح فيه اسم رئيس الحكومة الإسرائيلية في المستقبل «محمد»، أو نرى فيه مخطط ترحيل جماعي للفلسطينيين. وأكد أن نتنياهو فاشل في العمل، وماهر جداً في الكلام، ويستمد قوته اليوم من وجود الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، ومن صعود اليمين في أوروبا؛ لكنه يقود إسرائيل إلى فقدان القيم الليبرالية والديمقراطية، والتحول إلى دولة فاشية.
وجاءت أقوال باراك هذه، في مقابلة صحافية مطولة، أجراها معه صحافي يعد خصما لدودا لباراك ونتنياهو معا، وهو بن كسبيت، كبير المعلقين في صحيفة «معاريف»، لمناسبة رأس السنة العبرية، التي يحتفل بها اليهود يومين (أمس الاثنين واليوم الثلاثاء).
في تقديمه للمقابلة، قال كسبيت، إنه لم يغير رأيه في باراك، ولا يثق بأنه يستحق تولي أي مسؤولية في الحكم؛ لكنه لا يستطيع إلا أن يعبر عن إعجابه بحقيقة أنه في غياب معارضة حقيقية لحكم نتنياهو، فإن باراك يعتبر زعيم المعارضة الوحيد الذي يقول بملء الفم ما ينبغي أن يقال، لإيقاظ المجتمع الإسرائيلي من حكم نتنياهو وسياسته الخطيرة.
وقال باراك، إنه يكثر من انتقاد نتنياهو، فقط لأنه مواطن قلق جدا من أخطار سياسته. وأضاف: «سبب نجاح إسرائيل في الوجود والتطور والتحول إلى دولة قوية مزدهرة اقتصاديا وعلميا، هو أنها سارت على حلم آباء الصهيونية: إقامة وطن ديمقراطي لليهود، يعيش فيه غير اليهود بمساواة وشراكة؛ لكن حكم نتنياهو يشوه هذا الحلم، ويسعى لدولة ظلامية تمتد على طول البلاد من البحر إلى النهر، وتسود فيها عقلية مسيحانية». ويفسر باراك ما يقصد، فيقول: «نتنياهو ينجر وراء غلاة المتطرفين في التيار القومي الديني، لكي يحافظ على كرسيه. لا يريد أن يخسر قواعده اليمينية المتطرفة لأنه سيخسر الحكم، كما حصل له في سنة 1999، ولكن هناك ثمنا يضطر لدفعه لهذا التيار، المتقوقع في القومية الظلامية، ويفتقد للثقة بالنفس، لا يؤمن بالناس، ينطلق من مفهوم أن ما يوحد الناس حوله هو ليس الإنجازات؛ بل العدو الخارجي والداخلي، وهو الخطأ المميت الذي وقعت فيه ثورات قومية كثيرة منذ الثورة الفرنسية قبل 230 سنة. وفي التاريخ اليهودي ما يشجع فعلا على رؤية العدو الخطير، إذ كنا قد تعرضنا لمحاولة إبادة».
ويتابع باراك: «نتنياهو يشير كل الوقت إلى هؤلاء الأعداء، إلى هتلر ما. مرة يقول إن (حزب الله) هو هتلر الذي يريد إبادتنا. ومرة يرى هتلر في أبو مازن (الرئيس الفلسطيني، محمود عباس). ولا بد من تعيين أعداء في الداخل أيضا، فيراهم في المواطنين العرب في إسرائيل مرة، وفيما يسمونه علية القوم مرة ثانية، أولئك الذين يعتبرونهم متكبرين يسهرون في المطاعم ويستجمون في الخارج ويسكنون في بيوت فخمة، الليبراليون والمثقفون، فيتهمونهم بالتعاون مع العدو. والأساس في الحديث هو القول للناس: لا تنظروا إلى هؤلاء الأعداء من أسفل لأعلى؛ بل اجعلوهم أسفلكم. وما يغذي هذا النفس، هم أولئك المتطرفون من شبان التلال في المستوطنات، ورجال الدين الذين يروجون للعربدة والعنف، أمثال الحاخام ليئور، الذي تربى على يديه باروخ غولدشتاين، منفذ مذبحة الخليل، وهم الذين يرى الشاباك (جهاز المخابرات العامة) أنهم كانوا الملهم لقاتل إسحاق رابين، ولمنفذي مذبحة عائلة الدوابشة. نتنياهو مقتنع بأنه إذا اصطدم معهم سيخسر حكمه، وهو لا يريد أن يخسر هذا الحكم».
واعتبر باراك هذا النهج عند نتنياهو جزءا من نهج رائج في عصرنا، يمثله الرئيس دونالد ترمب في الولايات المتحدة واليمين الصاعد في أوروبا. ولكن نتنياهو سبقهم جميعا إليه. وملخص هذا النهج، هو أن تعمل أي شيء يخدم بقاءك.
وفي رد على سؤال حول ترمب، قال باراك، إنه يستند إلى فكر وعقيدة تقول إن الشعب يريدك قويا «بلطجيا»، تضرب أعداءك وخصومك بيد من حديد. وأضاف أنه لا يستبعد أن يقوم الرئيس ترمب بتوجيه ضربة عسكرية شديدة لإيران عشية الانتخابات النصفية القريبة في الولايات المتحدة، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لكي يستقطب هذا الجمهور، ويمنع إمكانية فوز الحزب الديمقراطي بأكثرية في مجلسي النواب والشيوخ. ويضيف: «إذا فاز الحزب الديمقراطي فإنه سيباشر حتما إجراءات لإسقاط ترمب من الحكم قبل انتهاء ولايته، وهو سيمنع هذا بكل قوته».
وبالعودة إلى نتنياهو، فإن باراك يشير إلى أن إقدامه على سن قانون القومية، الذي لا ضرورة له ولا حاجة لإثبات أن إسرائيل دولة يهودية، يعود إلى رغبته في القضاء على قيم المساواة والعدالة، والقضاء على مكانة المحكمة العليا كأساس للحكم السليم. فهو يريد الترويج لفكرة أنه لا مكان في البلاد لشراكة يهودية عربية. فإما نحن وإما العرب. ولأن هناك خطرا بأن يؤدي عدم حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلى تحول إسرائيل إلى أكثرية عربية، واحتمال أن يصبح اسم رئيس الحكومة المقبل «محمد»، فإنه يقود إلى اتجاه ترحيل جماعي للعرب وتحول إسرائيل إلى دولة فاشية.
ويرى باراك أن نتنياهو يخطط لخوض الانتخابات المقبلة على أساس هذا المنطق، حتى يعود إلى الحكم قويا ليواجه الاتهامات له بالفساد.
ويتهم باراك المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، بمساعدة نتنياهو على مشروعه هذا، لذلك يماطل في توجيه لائحة اتهام ضده. وقال إنه لا يدري لماذا يفعل مندلبليت هذا! هل لأنه مخلص لنتنياهو الذي عينه في المنصب لهذا الغرض، أو أنه يفعل ذلك لأنه يتعرض للابتزاز. لكن من الواضح أنه لا يتصرف بما تمليه عليه وظيفته. فالشبهات بالفساد قوية جدا؛ خصوصا في ملف 4000، الذي يشتبه فيه بأن نتنياهو قدم تسهيلات لرجل أعمال مقابل النشر عنه بشكل إيجابي.
واختتم باراك قائلا، إن الخطر على إسرائيل كبير من هذا النهج. وعلى معسكر اليسار والوسط والليبرالي، وعلى التيار الصهيوني المخلص لمبادئ هرتسل وجابوتنسكي، أن يستيقظ لمواجهته.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».