الروبل الروسي ينخفض إلى أدنى مستوياته في عامين

TT

الروبل الروسي ينخفض إلى أدنى مستوياته في عامين

منذ الساعات الأولى لعمل بورصة موسكو يوم أمس الاثنين، واصلت العملة الروسية تراجعها أمام العملات الرئيسية، لليوم الثالث على التوالي، وتخطت في هبوطها أمام الدولار واليورو مؤشرات ما قبل عامين ونصف. وعلى الرغم من أن قيمة الروبل الروسي بدأت تتراجع بشكل مستمر منذ مطلع أبريل (نيسان) الماضي، حرص المسؤولون الروس، في الكرملين ووزارة المالية، على التقليل من شأن هذا الوضع، ووصفوا ما يجري بأنه حالة لا تدعو للقلق، وأحالوا الهبوط إلى هروب رؤوس الأموال من سوق السندات الروسية، وهو ما أكدته تقارير عن مؤسسات مالية دولية. وقال خبراء ماليون روس إن العملة الوطنية تبقى عرضة لتأثير جملة من العوامل، ورجحوا خسائر إضافية للروبل في الفترة القادمة.
ومع جلسات التداول الصباحية في بورصة موسكو أمس، تقلبت العملة الروسية أمام العملات الرئيسية، وتخطت بداية عتبة 70 روبلا أمام الدولار، الذي عزز موقفه وارتفع في الساعات الأولى حتى 70.16 روبل للدولار الواحد، أي بزيادة 25 كوبيك (الروبل 100 كوبيك) عن سعر الإغلاق نهاية الأسبوع الماضي. وفي منتصف النهار تحسن وضع الروبل قليلا وعاد حتى مؤشر 69.7 روبل لكل دولار، إلا أنه سرعان ما تراجع مجدداً حتى 70.18 روبل للدولار الواحد. وبالنسبة لليورو، فقد تراجع قليلا في الساعات الأولى صباح أمس، حتى 80.52 روبل لليورو الواحد، أي بخسارة 27.25 كوبيكا عن سعر الإغلاق نهاية الأسبوع الماضي. إلا أن الوضع تغير بعد الظهر، وعوض اليورو خسائره الصباحية وارتفع حتى 81.25 روبلا لليورو الواحد، أي بزيادة 45 كوبيكا عن سعر الإغلاق يوم الجمعة الماضي.
وبهذا يكون الروبل قد تراجع أمام الدولار واليورو حتى مستويات ربيع عام 2016، فضلا عن ذلك فإن سعر الروبل أمس أمام الدولار يمثل عتبة جديدة تجاوزها «الأخضر»، بعد أن تجاوز في أبريل (نيسان) الماضي عتبة 60 روبلا لكل دولار (كان عند مؤشر 57.2 روبل في 3 أبريل وارتفع حتى 64.06 روبل للدولار في 12 أبريل). كما أن ارتفاع اليورو حتى أكثر من 80 روبلا للدولار، عتبة جديدة تجاوزها «الأوروبي» أمام الروبل، بعد أن تجاوز في مارس (آذار) الماضي عتبة 70 روبلا لليورو الواحد (كان عند مؤشر 68.90 روبل في 1 مارس وارتفع حتى 71.33 روبل لليورو في 29 مارس).
وفي تعليقه على تقلبات الروبل أمس، كان أندريه بيلاأوسوف، معاون الرئيس الروسي حريصاً على طمأنه السوق وكبح حالة القلق، وقال إن هبوط العملة الوطنية «لا يشكل بعد» موضوعا يثير القلق، وعبر عن قناعته بأن ما يجري «ليس سوى مسألة ظروف متصلة بالأحداث السياسية المعروفة»، ويرجح أنه يقصد بذلك التدهور الأخير في العلاقات بين روسيا والغرب، على خلفية تحديد لندن هوية المتهمين في قضية تسمم الضابط سابقاً في الاستخبارات الروسية سيرغي سكريبال وابنته يوليا في بريطانيا.
وكذلك كانت وزارة المالية الروسية حريصة على كبح القلق، واعتبرت أن ما يجري في السوق حالة مؤقتة. وقال فلاديمير كوليتشيف، نائب وزير المالية الروسي، إن «التقلبات التي نراها الآن ليست منهجية ولا هيكلية الطابع، وهي على الأرجح حالة ظرفية مؤقتة، مرتبطة بتدفقات رؤوس الأموال بشكل عام من البلدان النامية إلى الدول المتقدمة». وأوضح أن روسيا لا تعيش في فراغ وفي معزل عما يجري في العالم، وأنه من الطبيعي أن تتأثر بالوضع في الأسواق الناشئة، وعبر عن قناعته بأن السوق الروسية ستستقر عندما تنتهي الأزمات في تلك الأسواق.
وحسب معطيات منصة «إي بي إف آر»، والتقديرات بناء على تقرير «بنك أوف أميركا - ميرل لينش»، بلغ حجم الأموال الهاربة من الصناديق التي تتعامل مع السندات الروسية نحو 25 مليون دولار، خلال الأسبوع الذي بدأ يوم 5 سبتمبر (أيلول) الجاري، وذلك على خلفية تراجع الاهتمام بأسواق الدول الناشئة، والتصعيد نحو روسيا بسبب قضية «سكريبال».
وإذ تتوافق وجهات نظر الخبراء الروس مع الربط في التصريحات الرسمية بين هروب رؤوس الأموال وهبوط الروبل، إلا أن توقعاتهم لم تعكس ذلك المستوى من «التفاؤل الرسمي» حول الوضع في الفترة القادمة. وقال الخبير فلاديمير روجانكوفسكي من «المركز المالي الدولي» في موسكو إن «الروبل الروسي الذي انخفض منذ مطلع العام بنسبة 24 في المائة، وعلى الرغم من أن ما يجري يبدو كارثياً، لكن وضعه (الروبل) ليس سيئا بقدر ما يجري لليرة التركية، التي انخفضت خلال الفترة ذاتها بنسبة 73 في المائة، أو العملة الأرجنتينية التي انخفضت بنسبة 114 في المائة». وعبر عن قناعته بأن انخفاض الروبل حصيلة تجمع جملة عوامل تأثير ترتبط بالمضاربات وتحسن موقف الدولار، وهروب المستثمرين. وقال إنه يصعب تحديد الفترة التي سيبقى فيها الروبل على حاله هذه.
من جانبه رجح الخبير المالي مارك غويخمان استمرار الضغط على الروبل، وانخفاضه لاحقا حتى فوق عتبة 71.5 روبل للدولار، و81.8 روبل لليورو.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.