التضخم والمنافسة قد يدفعان المركزي المصري لزيادة الفائدة

«العوائد المرتفعة» تحبط مجدداً عطاءات السندات

TT

التضخم والمنافسة قد يدفعان المركزي المصري لزيادة الفائدة

زادت تكهنات الأوساط الاقتصادية في مصر حول قيام البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل في نهاية الشهر الحالي، أو تثبيت السعر الحالي على أقل تقدير، وذلك مع نشر بيانات أمس تشير إلى ارتفاع التضخم في شهر أغسطس (آب) الماضي، وفي ظل ضغوط كبيرة تواجهها الأسواق الناشئة خلال الفترة الماضية؛ كان آخر مؤشراتها في مصر إلغاء عطاءين جديدين لبيع السندات بعد طلب المستثمرين لفوائد مرتفعة رأت القاهرة أنها «مبالغ فيها».
وعاود التضخم السنوي لأسعار المستهلكين بالمدن المصرية الارتفاع من جديد ليصل إلى 14.2 في المائة في أغسطس الماضي، مقارنة مع 13.5 في المائة في يوليو (تموز)، وفقا لما أعلنه الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء أمس الاثنين.
وأعلن جهاز الإحصاء ارتفاع معدل التضخم خلال شهر أغسطس الماضي بنحو 1.7 في المائة مقارنة بشهر يوليو السابق عليه ليبلغ 294.9 نقطة، موضحا أن معدل التضخم خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أغسطس 2018 ارتفع 13.8 في المائة، مقارنة بالفترة المناظرة من العام الماضي.
وأضاف الإحصاء أن معدل التضخم في الحضر زاد الشهر الماضي بنحو 1.8 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه، وفي الريف زاد معدل التضخم 1.7 في المائة في أغسطس الماضي مقارنة بالشهر السابق عليه، كما ارتفع على أساس سنوي بنحو 12.8 في المائة مقارنة بشهر أغسطس 2017.
وأشار الإحصاء إلى ارتفاع أسعار الطعام والشراب بنحو 2.8 في المائة خلال الشهر الماضي، كما ارتفعت أسعار الدخان والمشروبات الكحولية 0.5 في المائة، وزاد قسم المسكن والمياه والكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى، وقسم المطاعم والفنادق بنحو 0.9 في المائة، في حين تراجعت أسعار الملابس والأحذية بنحو 0.3 في المائة.
وأظهر المركزي للإحصاء ارتفاع قسم الطعام والشراب خلال شهر أغسطس مقارنة بالشهر المناظر من العام الماضي بنحو 11.4 في المائة، وقسم المشروبات الكحولية والدخان بنحو 20.8 في المائة، كما زاد قسم المسكن والوقود والمياه والكهرباء بنحو 18.7 في المائة، والنقل والمواصلات 30 في المائة.
وقالت ريهام الدسوقي محللة الاقتصاد المصري لـ«رويترز» إن «الأرقام أعلى قليلا من المتوقع، لكنها ما زالت تواكب رفع الشركات التدريجي لأسعار السلع... نتوقع أن يسير التضخم بشكل عرضي بين 12.5 و14 في المائة حتى أول تعديلات جديدة على أسعار الطاقة في مصر».
لكن رضوى السويفي رئيسة قطاع البحوث في بنك الاستثمار فاروس توقعت وصول التضخم إلى 13 في المائة بحلول نهاية العام، وإلى واحد في المائة أو أقل من ذلك على أساس شهري، وقالت إن «الارتفاع في أغسطس كان بسبب موسم العودة للمدارس وآثار بعض الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها مصر».
ورفعت الحكومة المصرية في يونيو (حزيران) أسعار الوقود بنسب تصل إلى 66.6 في المائة في إطار خططها الرامية لتقليص الدعم. وهذه هي المرة الثالثة التي ترفع فيها الحكومة أسعار الوقود منذ تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016 ضمن اتفاق قرض قيمته 12 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي.
وفي الآونة الأخيرة، رفعت الحكومة أسعار مترو الأنفاق والمياه والكهرباء وعدد من الخدمات المقدمة للمواطنين. ويشكو المصريون، الذين يعيش الملايين منهم تحت خط الفقر، من صعوبات في تلبية الحاجات الأساسية بعد القفزات المتتالية في أسعار الوقود والدواء والمواصلات.
وتقول فايزة محمد، وهي أرملة تعيش في القاهرة وتعول طفلين، لـ«رويترز»: «كل حاجة بقت نار والأسعار مولعة... حتى الفاكهة مش عارفين نشتريها، أسعارها ارتفعت بشكل جنوني».
ومن جانبه، قال البنك المركزي المصري أمس إن معدل التضخم الأساسي ارتفع قليلا إلى 8.83 في المائة على أساس سنوي في أغسطس، من مستوى 8.54 في المائة في يوليو. ولا يتضمن التضخم الأساسي سلعا مثل الفاكهة والخضراوات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها.
وفي غضون ذلك، ارتفعت احتمالات رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة بنهاية الشهر الحالي، وقبل نشر بيانات التضخم، كان الاتجاه الغالب يشير إلى تثبيت أسعار الفائدة على أقل تقدير نظرا للمنافسة الشرسة التي تواجهها مصر لجذب الاستثمارات في أدوات الدين مع رفع أسعار الفائدة في عدد كبير من الأسواق الناشئة، مثل الأرجنتين التي وصلت إلى مستوى فائدة قياسي عند 60 في المائة.
وتعاني كثير من الأسواق الناشئة من أزمات كبرى لعملاتها واقتصاداتها، على غرار الأرجنتين وتركيا والهند وغيرها، خاصة مع زيادة جاذبية الاستثمار بالدولار مع رفع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) للفائدة، ما يعد استثمارا أقل مخاطرة للمستثمرين، حيث بدأت حركة نزوح واسع للاستثمارات من الأسواق الناشئة إلى الولايات المتحدة على وجه الخصوص منذ الربيع الماضي.
ورغم أن الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة، أو مزيد من رفعها، يؤثر سلبا على تمويل القطاع الخاص نظرا لزيادة تكلفة الاقتراض، وكذلك زيادة تكلفة الديون على خزينة الدولة، فإن عددا متزايدا من المراقبين والمختصين يرون أن البنك المركزي المصري سيكون - على الأغلب - مجبرا على رفع الفائدة للحفاظ على التدفقات النقدية الأجنبية وما يعرف بـ«الأموال الساخنة» داخل مصر، مع حساب احتمالية انخفاض سعر الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية خاصة الدولار، متبعا في ذلك مسار موجة الهبوط التي تعانيها عملات باقي الأسواق الناشئة.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري أنه تم إلغاء عطاءين لبيع سندات لأجل خمس وعشر سنوات بقيمة إجمالية 3.5 مليار جنيه (195.4 مليون دولار) أمس، بعدما طلبت البنوك والمستثمرون أسعار فائدة مرتفعة.
وتلك هي المرة الثانية على التوالي التي تلغي فيها مصر عطاءات للسندات بسبب طلب عوائد تراها مصر «خارج الحدود المنطقية» حسبما ذكرت وزارة المالية عند إلغاء عطاءي سندات لأجل ثلاث وسبع سنوات الأسبوع الماضي.
وقال مصرفيان لـ«رويترز» شارك أحدهما في عطاء هذا الأسبوع إن البنوك والمستثمرين طلبت عوائد تتراوح بين 18.40 و18.60 في المائة. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت وزارة المالية والبنك المركزي سيقومان بطرح السندات من جديد في عطاء خاص كما حدث الأسبوع الماضي، وفقا لمتعاملين في السوق، عندما اشترى بنك الاستثمار القومي السندات في عطاء خاص.
ولم يرد مسؤولو وزارة المالية على رسائل من «رويترز» اليوم للتعقيب. لكن وزارة المالية قالت في بيان صحافي الأسبوع الماضي عند إلغاء عطاءي سندات إن أسعار العائد المطلوبة حينها «لا تعكس الأداء الاقتصادي والمالي الجيد ولا التحسن في التصنيف الائتماني... وإنما تأثرت بالمخاطر المرتبطة بالأسواق الناشئة».
وتستهدف مصر الوصول بمتوسط سعر الفائدة على أدوات الدين الحكومية في موازنة 2018 - 2019 الحالية إلى نحو 14.7 في المائة، مقارنة مع 18.5 في المائة في السنة المالية 2017 - 2018 التي انتهت في 30 يونيو.
وقال مصرفي لـ«رويترز» طالبا عدم نشر اسمه «منطقي جدا ما تفعله الحكومة من إلغاء العطاءات بسبب العوائد المرتفعة. كيف يمكن للحكومة أن تشتري بتلك الأسعار لمدة عشر سنوات؟... نريد تقليص عجز الموازنة وليس زيادته. الأفضل أن يتم التركيز على أذون الخزانة خلال الفترة المقبلة».



سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
TT

سوق العمل في أوروبا تشهد تراجعاً بالربع الثالث

عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)
عمال يتنقلون عبر محطة لندن بريدج للسكك الحديدية ومترو الأنفاق خلال ساعة الذروة الصباحية (رويترز)

شهدت سوق العمل في أوروبا تراجعاً بالربع الثالث من العام، مما يشير إلى استمرار التراجع في ضغوط التضخم، وهو ما قد يبرر مزيداً من خفض أسعار الفائدة، بحسب بيانات صدرت الاثنين.

وتباطأ ارتفاع تكاليف العمالة في منطقة اليورو إلى 4.6 في المائة في الربع الثالث، مقارنة بـ5.2 في المائة في الربع السابق، في حين انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة من 2.6 في المائة، وهو تراجع مستمر منذ معظم العامين الماضيين، وفقاً لبيانات «يوروستات».

وتُعزى ضغوط سوق العمل الضيقة إلى دورها الكبير في تقييد سياسة البنك المركزي الأوروبي بشأن خفض أسعار الفائدة، خوفاً من أن تؤدي زيادة الأجور بشكل سريع إلى ارتفاع تكاليف قطاع الخدمات المحلي. ومع ذلك، بدأ الاقتصاد في التباطؤ، حيث بدأ العمال في تخفيف مطالباتهم بالأجور من أجل الحفاظ على وظائفهم، وهو ما يعزز الحجة التي تقدّمها كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، لدعم مزيد من التيسير في السياسة النقدية.

وبينما لا تزال الشركات تحافظ على معدلات توظيف مرتفعة، فإنها أوقفت عمليات التوظيف الجديدة بشكل حاد، وذلك مع تكدس العمالة في محاولة لضمان توفر القوى العاملة الكافية للتحسن المنتظر.

وفيما يتعلق بأكبر اقتصادات منطقة اليورو، سجلت ألمانيا أكبر انخفاض في تضخم تكلفة العمالة، حيث تراجع الرقم إلى 4.2 في المائة في الربع الثالث من 6 في المائة بالربع السابق. وتشير الاتفاقيات المبرمة مع أكبر النقابات العمالية في ألمانيا إلى انخفاض أكبر في الأشهر المقبلة، حيث يُتوقع أن ينكمش أكبر اقتصاد في المنطقة للعام الثاني على التوالي في عام 2024 بسبب ضعف الطلب على الصادرات، وارتفاع تكاليف الطاقة.

وعلى الرغم من تعافي الأجور المعدلة حسب التضخم إلى حد كبير إلى مستويات ما قبل الزيادة الكبيرة في نمو الأسعار، فإن العمال لم يتلقوا زيادات ملحوظة في الأجور، حيث تدعي الشركات أن نمو الإنتاجية كان ضعيفاً للغاية، ولا يوجد ما يبرر مزيداً من الزيادة في الدخل الحقيقي. كما انخفض معدل الشواغر الوظيفية، حيث سجل أقل من 2 في المائة في قطاع التصنيع، فيما انخفض أو استقر في معظم الفئات الوظيفية الأخرى.