سكان ومسعفون: سوريا وروسيا تستأنفان البراميل المتفجرة على إدلب

استهدفت أوتوستراد حلب ـ حمص... وموجة النزوح تجاوزت 5000 شخص

أحد عناصر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) يتحدث في اللاسلكي أمام مبنى تعرض للدمار بعد قصف جوي في «الهبيط» قرب إدلب أمس (أ.ب)
أحد عناصر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) يتحدث في اللاسلكي أمام مبنى تعرض للدمار بعد قصف جوي في «الهبيط» قرب إدلب أمس (أ.ب)
TT

سكان ومسعفون: سوريا وروسيا تستأنفان البراميل المتفجرة على إدلب

أحد عناصر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) يتحدث في اللاسلكي أمام مبنى تعرض للدمار بعد قصف جوي في «الهبيط» قرب إدلب أمس (أ.ب)
أحد عناصر الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) يتحدث في اللاسلكي أمام مبنى تعرض للدمار بعد قصف جوي في «الهبيط» قرب إدلب أمس (أ.ب)

قال سكّان ومسعفون إن الطائرات الروسية والسورية استأنفت ضرباتها الجوية المكثفة على إدلب وحماة أمس (الأحد)، في إطار تصعيد دمشق هجومها على آخر معقل للمعارضين بعد فشل قمة إيرانية روسية تركية في الاتفاق على وقف لإطلاق النار.
وقالوا إن طائرات هليكوبتر تابعة للجيش السوري أسقطت براميل متفجرة على قريتي الهبيط وعابدين في جنوب إدلب وعدد من القرى الصغيرة بالمنطقة، بحسب «رويترز».
وبدأ النظام السوري أمس التمهيد للجولة الأولى من معركة استعادة السيطرة على طريق حمص – حلب الدولي، عبر أوسع حملة قصف جوي استهدفت غربي الأوتوستراد، وسط تقديرات بأن يسلك المعركة وفق استراتيجية «دبيب النمل»، في ظل فشل اللقاء الثلاثي في طهران يوم الجمعة الماضي بالتوصل إلى صيغة تفاهم مع تركيا لشن عملية واسعة على محافظة إدلب.
واستأنف النظام السوري وروسيا أمس الضربات الجوية التي استهدفت أبرز معاقل قوات المعارضة بريف حماه الشمالي، وريف إدلب الجنوبي الواقعة غربي أوتوستراد حمص - حلب الدولي، في حملة وصفها المعارضون و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأنها أوسع حملة جوية ضد إدلب منذ شهر. وبلغت حصيلة الغارات بالبراميل المتفجرة، أمس، أكثر من 65 غارة، واستهدفت بلدة الهبيط ومحيطها، فيما شنَّت طائرات روسية «أكثر من عشر غارات على بلدة اللطامنة في ريف حماة الشمالي الغربي» المجاور لإدلب، استهدفت بشكل خاص مقرات تابعة للفصائل.
وأدت الغارات كذلك إلى خروج مستشفى في اللطامنة من الخدمة، غداة تضرر مستشفى آخر السبت في بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي.
وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان، تنفيذ الطائرات الروسية ومروحيات النظام وقواته، أكثر من 1060 ضربة برية وجوية وغارة خلال أقل من 72 ساعة على مناطق سريان الهدنة أجبرت الآلاف على النزوح.
ويأتي تجدد القصف بعد توقفه عصر السبت، بعد غارات روسية هي الأعنف منذ بدء دمشق مع حليفتها موسكو التلويح بشن هجوم وشيك على إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة لها. وفشل رؤساء إيران وروسيا وتركيا في قمة عقدت الجمعة في طهران في تجاوز خلافاتهم لتجنيب إدلب الخيار العسكري.
وتعد اللطامنة وكفرزيتا والهبيط أبرز معاقل المعارضة بالريف الجنوبي لإدلب وتبعد مسافة كيلومترات قليلة إلى الغرب عن الأوتوستراد الدولي، كما تبعد أقل من 10 كيلومترات عن مواقع سيطرة النظام السوري في ريف حماه الشمالي في حلفايا وطيبة الإمام وعطشان.
وقالت مصادر المعارضة السورية في الشمال، إن تركز القصف العنيف على القاعدة الخلفية لخطوط الدفاع عن المنطقة «يؤشر إلى أن النظام وروسيا يسعيان للتمهيد لعملية عسكرية تستهدف السيطرة على الأوتوستراد الدولي»، متوقعة أن تكون العملية «محدودة في مراحلها الأولى بهذا الجانب، وهو ما يدفعها لتصغير دائرة الاستهداف وحصرها بمناطق صغيرة بمحاذاة الأوتوستراد الدولي».
من جهتها، أعلنت فصائل المعارضة في ريف حماة الشمالي، استهداف مواقع قوات النظام في مدينة سلحب غربي حماة بصواريخ «غراد»، إضافة لقذائف هاون على حاجز زلين، وذلك رداً على القصف المتواصل على المنطقة.
وإذ يجمع المتابعون وبينهم «المرصد السوري»، على أنه «لا وجود لمعركة واسعة»، ويتوقع معارضون أن تسير العملية وفق استراتيجية «القضم البطيء» المعروفة بالعلوم العسكرية باسم «دبيب النمل»، وذلك، تحسباً لتدفق مئات آلاف المدنيين كنازحين إلى الشريط الحدودي معها.
وتركزت الحشود العسكرية للنظام في منطقة خطوط التماس الجنوبية لقوات المعارضة التي تحكم سيطرتها على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، إضافة إلى مناطق في ريف حماه الشمالي، والشمالي الغربي، ومناطق في ريفي حلب الغربي والجنوبي. كما دفع النظام بتعزيزات إلى ريف اللاذقية الشرقي الذي يقع على تماس مع جسر الشغور في غرب إدلب.
وتنتمي القوات والميليشيات النظامية المشاركة بالمعركة إلى قوات الجيش النظامي والفيلق الخامس.
وأكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أن حشود النظام لم تصل إلى ريف حلب الغربي، بالحجم الذي دفع بها إلى ريف حماه بمحاذاة الأوتوستراد، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن لا يبدو أن هناك معركة في ريف حلب الغربي»، مع أن المعارضة توعدت في وقت سابق من أن الرد على هجوم النظام ضمن الخطة الدفاعية والردعية التي وضعتها، تتضمن هجوماً على مواقع النظام في ريف حلب الغربي ومدينة حلب، وهي «منطقة رخوة بالنسبة للنظام».
ويعتبر النظام فتح أوتوستراد حمص - حلب الدولي الحيوي بالنسبة للنظام، أو ما يُعرف بالطريق القديم إلى حلب، «أولوية»، بحسب ما تقول وسائل الإعلام القريبة منه، بالنظر إلى أن إغلاقه في عام 2012 اضطر النظام للمرور عبر طريق صحراوي عبر أثريا - خناصر بمسافة تتعدى الـ80 كيلومتراً من حماه باتجاه حلب. ولم يتم تفعيل تفاهمات سابقة رعتها تركيا لفتح الطريق في ظل سيطرة الفصائل على المعابر في الجانب الخاضع لسيطرة المعارضة بريف إدلب وحلب، وعبرت عبره شاحنات محملة بمواد إغاثية فقط.
أما منطقة جسر الشغور، فتعد استراتيجية كونها قريبة من منطقة اللاذقية حيث تقيم روسيا أكبر قواعدها الجوية في سوريا (حميميم)، وهي منطقة خاضعة لسيطرة تنظيم «جبهة النصرة»، بينما يقيم المقاتلون التابعون لـ«الحزب الإسلامي التركستاني» في جبال اللاذقية الشرقية المحاذية لجسر الشغور.
ومع استمرار الغارات على إدلب، يشهد ريف إدلب الجنوبي الشرقي حركة نزوح مستمرة، وفق المرصد الذي أحصى نزوح أكثر من 5000 شخص، ضمن محافظة إدلب، خلال الـ48 ساعة الماضية، قاصدين مناطق في ريف إدلب الشمالي وفي ريف حلب الشمالي الغربي، بعيداً عن خطوط التماس، مع قوات النظام. وتصاعدت عملية النزوح من مدينة جسر الشغور ومحيطها، نحو ريفيها الشرقي والشمالي، نتيجة تصعيد القصف بشكل غير مسبوق منذ أسابيع، خشية تنفيذ الطائرات الروسية ضربات خلال الساعات المقبلة.
وكانت الأمم المتحدة حذرت من أن العملية العسكرية قد تجبر قرابة 800 ألف شخص من إجمالي نحو ثلاثة ملايين يقيمون في إدلب والجيوب المحاذية لها على الفرار من منازلهم، فيما قد يشكل أكبر عملية نزوح حتى الآن تشهدها الحرب السورية منذ اندلاعها قبل أكثر من سبع سنوات.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».