ندوة دولية تطالب «مجلس حقوق الإنسان» بتصويب تقرير فريق الخبراء حول اليمن

TT

ندوة دولية تطالب «مجلس حقوق الإنسان» بتصويب تقرير فريق الخبراء حول اليمن

دعا مجتمعون في ندوة دولية بالعاصمة الإماراتية أبوظبي مجلس حقوق الإنسان إلى تصويب تقرير فريق الخبراء المكلف بدراسة حالة حقوق الإنسان في اليمن، وذلك بما يتوافق مع مقررات مجلس الأمن الدولي وغيره من التقارير الأممية، من حيث تكييف وتوصيف مختلف أطراف الصراع باليمن، والاعتماد على المقررات الدولية التي هي الأساس في توصيف كل طرف، وبما يمثله ذلك من بناء للمواقف والمقررات المتعلقة بالمسؤولية عن حالة حقوق الإنسان باليمن.
وطالب المجتمعون في ندوة «اليمن... تقرير الانتهاكات واستمرار المعاناة» المجلس بإيجاد آلية لمراجعة تقرير فريق الخبراء وتصويبه، بما يرتقي به إلى المعايير الدولية المعتمدة في مثل هذه التحقيقات والتقارير وبالشراكة مع الأطراف المعنية، وبما يضمن سلامة التقرير وعدم خروجه عن الضوابط القانونية والإجرائية والمعمول بها دوليا، وبما يسهم في الوقت نفسه في وقف وإنهاء المأساة الإنسانية باليمن.
كما أكدت الندوة التي استضافتها جمعية الصحافيين الإماراتية في أبوظبي ضرورة قيام دول التحالف العربي بتشكيل لجنة تحقيق عربية وفقا للآليات المتبعة بجامعة الدول العربية والميثاق العربي لحقوق الإنسان، ودعمها وتمكينها بما يسهم في إجراءات تحقيقات على النحو الذي يسهم في إنهاء الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في اليمن وتحقق المساءلة والمحاسبة سبيلا للعدالة باليمن.
وأكدت الندوة ضرورة قيام مجلس الأمن باتخاذ القرارات والإجراءات التي تضمن تنفيذ جميع قراراته التي اتخذها بشأن اليمن، والعمل على بذل كامل الجهود لإعادة الشرعية باليمن، وإنهاء سيطرة الحوثيين على مقدرات ومدن اليمن وحرمان المدنيين من حقوقهم، وتعطيل التنمية وسبيل الحياة الكريمة باليمن.
وشددت على ضرورة قيام مجلس حقوق الإنسان بتصويب الآلية القانونية التي صدر التقرير بناء عليها، حيث صدر قرار المجلس بالتكليف تحت البند العاشر، وقام الفريق بإصدار تقريره تحت البند «الثاني» والعاشر، متجاوزاً الأساس القانوني الذي عمل الفريق على أساسه وعلى ضرورة قيام مجلس حقوق الإنسان بوقف مناقشة تقرير فريق الخبراء تحت البند الثاني لمخالفته مقررات المجلس، والتعاطي معه تحت البند العاشر الذي صدره قرار المجلس في سبتمبر (أيلول) من خلاله.
كما أكدت ضرورة قيام مجلس حقوق الإنسان بتقييم نتائج ومخرجات فريق الخبراء المكلف، من حيث إسهامها في إنهاء المعاناة الإنسانية التي يعيشها المدنيون باليمن، وما يقدمه من سبل وآليات تسهم في وقف ما يتعرض له الشعب اليمني من انتهاكات وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تمارسها الميليشيات الحوثية بحقه بشكل ممنهج وشامل، أوضحته جملة التقارير الأممية المعنية باليمن.
وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في حماية المدنيين باليمن، لا سيما الأطفال والنساء الذين يتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات الجسيمة والجرائم ضد الإنسانية.
وقرر المشاركون في الندوة رفع بيانهم متضمناً ما خَلُصَ إليه رأي الخبراء الدوليون وممثلو المجتمع المدني، مع رجاء الأخذ بعين الاعتبار مقررات ومخرجات الندوة الدولية التي قامت بعقدها جمعية الصحافيين الإماراتية بهدف تحقيق العدالة للشعب اليمني.
وقررت الندوة نشر البيان دولياً وتوثيقه بالمكاتب المختصة بالهيئات الأممية المعنية وبعثت منه نسخا إلى: الأمين العام للأمم المتحدة، رئيس وأعضاء مجلس حقوق الإنسان، المفوض السامي لحقوق الإنسان، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
وقال محمد الحمادي رئيس جمعية الصحافيين في الإمارات إن دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية لديها تاريخ إنساني رائد، مشيرا إلى أن دول التحالف تعمل على البناء والتنمية والسلام في اليمن وجاءت لنصرة الشرعية في اليمن والتصدي لأطماع ميليشيات الحوثي الانقلابية.
من جانبه قال نبيل عبد الحفيظ وكيل وزارة حقوق الإنسان في اليمن إن الحكومة الشرعية في اليمن هدفها الدائم هو تحقيق السلام في اليمن ولا تتأخر عن التعاطي بإيجابية مع كافة المبادرات الأممية الهادفة إلى تحقيق السلام في اليمن وآخرها مشاورات جنيف، مشيرا إلى أن هذا الأمر يقابله تعنت من جانب ميليشيات الحوثي الانقلابية وتجاهل لكافة المبادرات الأممية.
وأكد أن تقرير حقوق الإنسان الصادر مؤخرا حول اليمن تضمن حزمة من المغالطات ومن ثم فنحن نعتبره تقريرا «مسيسا» يفتقر للحيادية، مشيرا إلى أن الحكومة الشرعية اليمنية أعلنت مؤخرا رفضها للتقرير بشكل تام وأنها تعكف على إعداد رد رسمي يفنده لإرساله إلى الأمم المتحدة.
وأوضح أن من أبرز المغالطات التي يتضمنها هذا التقرير أنه يسمي ميليشيات الحوثي الانقلابية بـ«سلطة الأمر الواقع» كما يدعي سيطرة هذه الميليشيات على مساحة كبيرة من الأراضي اليمنية بينما في الحقيقة أن الشرعية اليمنية تسيطر على نحو 90 من الأراضي اليمنية.
وأشار إلى أن التقرير أغفل عن قصد الدور الإنساني الرائد الذي تقوم به قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية وما تقدمه دولة الإمارات والمملكة من مبادرات إنسانية غير مسبوقة تهدف إلى تخفيف معاناة الشعب اليمني. وقال إنه في الوقت الذي تحدث فيه التقرير عن وجود عراقيل تحول دون وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن فإن الحكومة الشرعية اليمنية وفرت 22 منفذا لإيصال المساعدات. وتساءل «فأين هي العراقيل التي يتم الحديث عنها؟».
من جهته أكد عيسى العربي رئيس الاتحاد العربي لحقوق الإنسان على ضرورة العمل على تشكيل فريق من الخبراء الدوليين والمستشارين في القانون الدولي لدراسة التقرير وتفنيده، مشيرا إلى أن التقرير استند في مقرراته إلى الانحياز والكيل بمكيالين في القضايا محل ولايته.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.