مصر: استنكار برلماني لدعوة أممية لإلغاء أحكام إعدام 75 مداناً بـ «فض رابعة»

TT

مصر: استنكار برلماني لدعوة أممية لإلغاء أحكام إعدام 75 مداناً بـ «فض رابعة»

استنكر برلمانيون مصريون دعوة مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، إلى إلغاء أحكام الإعدام الصادرة من محكمة جنايات القاهرة، أول من أمس، بحق 75 مداناً من قيادات وعناصر جماعة الإخوان، في القضية المعروفة باسم «فض اعتصام رابعة العدوية». وفي حين وصفت المسؤولة الأممية، أمس، المحاكمة بأنها «غير عادلة»، عدّ النواب تلك التصريحات «هجوماً مرفوضاً على مصر وسلطاتها القضائية المستقلة».
كانت محكمة «جنايات القاهرة» قد عاقبت العشرات من قيادات وعناصر جماعة «الإخوان» بالإعدام شنقاً، وذلك بعد أن أدانتهم في القضية التي تتعلق بتجمع أنصار الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، في أعقاب عزله في يونيو (حزيران) 2013. وهو الاعتصام الذي تم فضه في أغسطس (آب) من العام نفسه، وطالت الأحكام 734 متهماً بأحكام متباينة بين السجن المؤبد 25 سنة، والمشدد 15 سنة، فضلاً عن أحكام بالسجن 5 سنوات.
وقالت باشليه، في بيان، إنه إذا نُفذت أحكام الإعدام، فسيمثل ذلك «إجهاضاً جسيماً للعدالة لا سبيل لإصلاحه».
وفي المقابل، رأت وكيل لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، مارجريت عازر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن تقييم المسؤولة الدولية للأحكام «مرفوض، وغير مقبول، نظراً لكونه يتعلق بمؤسسة قضائية يجب أن تحظى باحترام أحكامها المبنية على أدلة وشهادات، فضلاً عن أن هناك درجات أخرى من التقاضي أمام محكمة النقض»، وواصلت: «ليس من حق أي دولة أو مؤسسة أن تشكك في قرارات قضائية للجهات المصرية المستقلة».
ودعت باشليه، في بيانها بشأن الأحكام، محكمة النقض (أعلى هيئة قضائية مدنية في البلاد)، التي ينتظر أن تفحص الطعون المقدمة من المدانين، إلى «تغيير الأحكام، وأن تضمن احترام المعايير الدولية للعدالة».
من جهته، عدّ أمين سر لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، شريف الورداني، أن تعليقات المفوضة الدولية «افتقرت إلى الموضوعية، حيث إنها غضت الطرف عن التهديدات العلنية الموثقة والتلويح باستخدام القوة واللجوء للتفجيرات من قبل مدانين في القضية، وذلك في أثناء مشاركتهم في وقائع الاعتصام قبل فضه، فضلاً عن الشهادات المستقلة بشأن إطلاق الرصاص في اليوم نفسه لفض الاعتصام قبل 4 سنوات من جهة المحتشدين بداخله».
وقال الورداني لـ«الشرق الأوسط»: «نحن بصدد نهج واضح للهجوم على مصر منذ عزل الرئيس الأسبق (محمد مرسي) في يونيو 2013، ويأتي في إطار تعليقات أخرى من مؤسسات أخرى بشأن الحكم ذاته».
وبشأن ما إذا كانت وكيل لجنة حقوق الإنسان، بصفتها البرلمانية، مطمئنة لخضوع المدانين في القضية لمحاكمات تراعي ضمانات النزاهة والدفاع عن النفس، أشارت عازر إلى أن «كل درجات القضية، من التحقيقات في النيابة، والنظر أمام القضاء، استوفت الطرق القانونية اللازمة، وتم خلالها استخدام كل الوسائل المتاحة من قبل هيئة الدفاع، خلال 5 سنوات تقريباً»، واستكملت: «المسار القضائي يضمن جولة جديدة في القضية ذاتها أمام محكمة النقض، التي يمكنها رفض الحكم السابق، ونظر القضية من جديد أمامها، وكل هذه الضمانان مكفولة لكل من يحاكم أمام القضاء المصري».
وجاءت أحكام الإعدام بحق المدانين بعد استطلاع رأي (غير ملزم) لمفتي مصر، وطالت قيادات بارزة من جماعة «الإخوان»، منهم عصام العريان وعبد الرحمن البر (المعروف بمفتى الإخوان) ومحمد البلتاجي وصفوت حجازي. والأحكام بالإعدام تتعلق بـ44 مداناً محتجزين، فضلاً عن 31 مداناً هارباً (غيابياً)، أبرزهم طارق الزمر ووجدي غنيم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.