«ميوميو كروز» لصيف 2015.. عين على السبعينات وأخرى على المستقبل

جانب يرتقي إلى الفنية رغم غلبة العنصر التجاري فيه

نقشات البايزلي كانت قوية وجريئة  -  مظهر ريترو عصري  فترة الستينات والسبعينات واضحة على التشكيلة  -  تفصيل شبابي وترصيعات غنية  -  جانب من العرض
نقشات البايزلي كانت قوية وجريئة - مظهر ريترو عصري فترة الستينات والسبعينات واضحة على التشكيلة - تفصيل شبابي وترصيعات غنية - جانب من العرض
TT

«ميوميو كروز» لصيف 2015.. عين على السبعينات وأخرى على المستقبل

نقشات البايزلي كانت قوية وجريئة  -  مظهر ريترو عصري  فترة الستينات والسبعينات واضحة على التشكيلة  -  تفصيل شبابي وترصيعات غنية  -  جانب من العرض
نقشات البايزلي كانت قوية وجريئة - مظهر ريترو عصري فترة الستينات والسبعينات واضحة على التشكيلة - تفصيل شبابي وترصيعات غنية - جانب من العرض

كان الموعد هو موسم الـ«هوت كوتير»، موسم تستعرض فيه بيوت الأزياء قدراتها الفنية من خلال فساتين تستنفد آلاف الساعات وتحتاج إلى عدة أنامل ناعمة ومتمرسة لتطريزها أو ترصيعها بآلاف الحبات من الأحجار أو اللؤلؤ، لهذا كان غريبا أن تختار ميوتشا برادا أن تعرض تشكيلة «الكروز» من خطها الأصغر ميوميو خلال هذا الأسبوع، وبعد شهرين تقريبا من عرض معظم بيوت الأزياء العالمية عروضها لـ«الكروز». هل هي مجرد صدفة؟ أم هي رغبة في استغلال وجود وسائل الإعلام في العاصمة الفرنسية لكي لا تفوت عليهم الفرصة في حال اختارت وجهة أخرى؟ أم هي إشارة إلى أن هذه الأزياء لا تقل فنية وحرفية؟ كان عرضها قبل انطلاق الأسبوع الباريسي بيوم واحد، لهذا لم يكن من الممكن الحكم أو الإجابة عن هذه الأسئلة، إلا بعد انتهائه، وهو ما كان. والجواب هو أنه باستثناء الترصيعات التي أسهب فيها بعض المصممين لكي يتميزوا بينما بقيت التصاميم أقرب إلى الأزياء الجاهزة منها إلى راقية - فإن التشكيلة التي قدمتها ميوتشا برادا تستحق يومها في باريس. كان كل شيء يقطر فنية، بدءا من المكان «باليه دايينا» الذي زين بمزهريات خشبية متباينة الطول توسطت موائد مستديرة إلى نجوم هوليوود، من أمثال أوما ثيرمان، وفريدا بينتو، وإيسلا فيشر، والمخرجين ستيف ماكوين ورومان بولانسكي، إضافة إلى أصدقاء ميوتشا من المصممين، على رأسهم مارك جايكوبس الذي لا يفوت أيا من عروضها، فضلا عن بعض المهندسين المعماريين. لكن العملة الرابحة بالنسبة لميوتشا كانت - ولا تزال - الأزياء، الأمر الذي لم يختلف هنا. فرغم أنها كانت تشكيلة «كروز»، أي للرحلات والمنتجعات الصيفية، فإنها مناسبة لأي زمان ومكان. كانت مستوحاة من الستينات والسبعينات بنقوشاتها وألوانها وقصاتها التي نجحت المصممة في إضفاء الكثير من العصرية عليها، مما جنب العرض صفة الـ«ريترو» رغم قوة إيحاءاتها القديمة التي ظهرت في أغلب القطع تقريبا، من الفساتين القصيرة جدا، إلى المعاطف والأقمشة اللماعة والقمصان ذات الأكمام الواسعة التي جرى تنسيقها مع بنطلونات ضيقة جدا، ناهيك بنقوش «البايزلي». بعد العرض، صاحت الممثلة ستايسي مارتن قائلة: «يمكنني أن أرتدي كل قطعة في هذه التشكيلة». والحقيقة أنها لن تكون الوحيدة، لأنها تشكيلة عملية وأنيقة، وفي الوقت ذاته تنوعت بين التايورات المفصلة على الجسم والقطع المنسدلة عنه من خلال فساتين وقمصان من الموسلين، بينما تميزت أغلبية الأزياء بطول قصير ونقوشات صارخة أحيانا، لم يهدئ من روعها سوى التصاميم المفصلة بنعومة، فضلا عن التطريزات الغنية التي ظهرت على الكثير من الفساتين والتنورات، بل حتى على الأحذية ذات الكعوب المنخفضة.
نقشات «البايزلي» كانت أكثر ما ترسخ في الذهن، حيث استعملت في الكثير من القطع بما في ذلك التنورات والمعاطف القصيرة، وتباينت ألوان هذه النقشات في الغالب بين البرتقالي والأزرق والأخضر، مما شكل لوحة تستحضر نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي، من دون أن تفقد عنصر الحيوية الذي تتطلبه إيقاعات العصر والمرأة العصرية التي تتوجه لها هذه التشكيلة. ولا شك في أن هذه المرأة ستشكر ميتوشا على هذه الخزانة المتنوعة التي تجمع الأناقة مع بعض الشقاوة، لأننا يجب أن نتذكر أننا هنا في عرض «ميوميو» الخط الأصغر لبرادا، الذي تعبر من خلاله المصممة عن جانب طفولي بداخلها، وإن كان الطفولي هنا يتجسد في أنوثة ناعمة وذكية. كما أنه عندما تأخذنا المصممة إلى أي حقبة، فإننا نعرف أنها ترسم توجهات الموضة وتحددها للمواسم المقبلة، بمعنى أننا سنرى هذه التصاميم والألوان والنقشات مقلدة في محلات الموضة الشعبية، مؤثرة في أسلوبنا بشكل أو بآخر.
تجدر الإشارة إلى أن آخر مرة قدمت فيها برادا عرضا لـ«ميوميو» (كروز) كانت في لندن، ومنذ ثلاث سنوات. لم يكن عرضا كبيرا بقدر ما كان عرضا يجري بموعد مسبق وخاص، لكن مع تزايد أهمية هذا الخط وقوته التجارية، لم يعد بإمكانها تجاهل الأمر والحاجة لعروض تسلط الضوء عليه أكثر، لهذا وظفت له كل عناصر النجاح. فهي لم تعتمد فقط على الأزياء أو ديكور المكان «باليه دايينا»، بل جندت المغنية جوزفين أونياما للترفيه على الحضور خلال حفل الاستقبال، ثم المغني جاك وايت، الذي قدم عدة أغنيات طوال الحفل حتى تأتي المتعة متكاملة.
بعد نهاية العرض، تجولت ميوتشا برادا بين الصفوف لتحية حضورها وابتسامة واسعة تعلو محياها، فقد كانت تعرف أنها حققت في هذه التشكيلة ما يعجز عنه الكثير من المصممين، ألا وهو تحقيق المعادلة بين الفني والتجاري. فهي مثل ميداس، لها قدرة عجيبة على تحويل كل شيء تلمسه إلى ذهب وأرباح، بدليل هذه التشكيلة الخاصة بـ«الكروز»، الذي يؤكد في كل موسم أنه الجانب الذي يحقق الربح لبيوت الأزياء عامة. فقد تكون قطعة من الـ«هوت كوتير» تباع بمئات الآلاف من الدولارات، إلا أنها من نصيب امرأة واحدة تنتمي إلى ناد نخبوي بعدد أعضاء محدود جدا، على العكس من زبائن الـ«كروز» الذين ينتمون إلى طبقات مختلفة. هؤلاء الزبائن اكتشفوا أن أزياء هذا الخط تتميز بفنية، قد لا تستغرق أسابيع أو أشهرا لتنفيذها، لكنها تتطلب بدورها الكثير من الدقة والجمال، مما يمنحهم الأناقة المطلوبة. صحيح أنها منذ عقد من الزمن تقريبا، لم تكن بهذا التنوع الذي يخاطب كل الشرائح والأساليب، ولا بهذا الجمال، إذ كانت بسيطة تلعب في أغلب الأحيان على فكرة البحر وألوانه، ومن ثم لم تخاطب الكل أو تعرف الإقبال الذي تشهده حاليا. لكن شتان بين الأمس واليوم، فهي بحسب الكثير من بيوت الأزياء أصبحت الدجاجة التي تبيض لها ذهبا، ويقدر سوقها بـ60 إلى 85 في المائة من مبيعات المصممين، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أسعارها المعقولة بالمقارنة مع غيرها من الخطوط، عدا أنها تبقى في السوق مدة أطول، خصوصا في الأسواق التي تتمتع بمناخ دافئ أو حار مثل الشرق الأوسط.
ما لا يختلف عليه اثنان أن خط «الكروز» عموما يختلف عن أزياء الـ«هوت كوتير» تماما، من ناحيتي الجوهر والمظهر على حد سواء. فهذه الأخيرة تحتفل بالحرفية العالية التي قد تستغرق أسابيع طويلة وساعات مضنية لتنفيذها، لأنها موجهة في الغالب إلى مناسبات فخمة وإلى امرأة لا يهمها السعر بقدر ما يهمها أن تتميز فيها وتحتفظ بها تحفة فنية ربما تورثها لبناتها وحفيداتها. أما أزياء الـ«كروز»، فهي لكل الأوقات، وإن كانت تخاطب زبائن يفكرون في الهروب من البرد إلى أماكن مشمسة، مما يفسر طرحها في الأسواق في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) أو ديسمبر (كانون الأول) على أكثر تقدير.
وإذا كان ما عرضته ميوتشا برادا في خط الـ«كروز» لـ«ميوميو» بباريس أخيرا البوصلة لما سيكون عليه صيف 2015، فإنها تشير إلى أن هذا الجانب يرتقي بنفسه بالتدريج ليصبح أكثر فنية رغم محافظته على عمليته ومخاطبته كل الأذواق والمناسبات، والأهم من هذا على الجانب التجاري، الذي أتقنته المصممة هنا بشكل واضح.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».