هجمات «داعش» تضع السويداء أمام خيارات... أحدها «لا مركزية إدارية»

تحقيق لـ «الشرق الأوسط» يرصد أوضاع المنطقة ذات الغالبية الدرزية

بعد تفجير تبناه «داعش» في السويداء في يوليو الماضي
بعد تفجير تبناه «داعش» في السويداء في يوليو الماضي
TT

هجمات «داعش» تضع السويداء أمام خيارات... أحدها «لا مركزية إدارية»

بعد تفجير تبناه «داعش» في السويداء في يوليو الماضي
بعد تفجير تبناه «داعش» في السويداء في يوليو الماضي

رغم ابتعاد أزيز رصاص المعارك وهدير الطائرات والمدافع عن السويداء، ومحاولتها الحفاظ على الحياد أو الظهور باللواء للنظام السوري، بدأ مؤخراً «ولاء محدود». حاولت السويداء خلال سنوات الحرب النأي بنفسها خارج دائرة الصراع المعقد في سوريا، لكنها عانت ويلات أخرى من مخلفات الحرب على الصعيدين البشري والاقتصادي، عصف بأهلها، وأربك إلى حد ما حياتهم.
سعى النظام السوري إلى ألا تبقى محافظة السويداء جنوب شرقي سوريا، خارج إرادته وسيطرته الفعلية، كحال باقي محافظات سوريا التي يسيطر عليها، بحسب الوفد الروسي خلال زيارته للسويداء أواخر يونيو (حزيران) الماضي من هذا العام 2018. لإقناع وجهاء المحافظة الدرزية، بتفعيل دور النظام السوري في المحافظة، والعودة إلى حال ما قبل اندلاع الحرب، وإنهاء الحالة العشوائية التي تعيش بها السويداء منذ بداية الحرب بالنأي بنفسها، وتحييد أبنائها عن الانضمام إلى صفوف الجيش، وتشكيل فصائل محلية من أبناء المحافظة للدفاع عنها، وصفها الوفد الروسي حينها بـ«التشكيلات الإرهابية»، باعتبارها تشكيلات غير مسجلة لدى صفوف قوات النظام السوري وغير موجهة من قبله، ولا تتفق كثيراً مع حالة تشكيلات النظام بالقتال معه في الجبهات كافة على الأرض السورية، والدفاع عن المحافظة من أي تهديد يحيط بها وبأبنائها حتى من النظام نفسه.
ويرى الكاتب والباحث جمال الشوفي، من مدينة السويداء في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنه منذ 25 يوليو (تموز) الماضي 2018، والسويداء تنام وتصحو على قلق. هي المحافظة المعروفة بغالبية انتمائها من الأقليات الدرزية ونسبة ضئيلة من سكان عشائر البدو والمسيحيين، واشتهرت بتعايشها السلمي رغم كل المحاولات المحكمة للإيقاع بها وزجها في أتون المحرقة السورية. وأضاف «تجلت حالة الحياد التي انكفأ أهلها بها في امتناع غالبية شبابها عن الالتحاق بالخدمة الإلزامية والاحتياطية، وبلغت الإحصائيات فيها أن ما يقرب من 50 ألف مطلوب للخدمة، بين مقيم في داخل السويداء أو هارب للخارج، إضافة إل تشكيل فصائل مسلحة - ذاتية التسليح - تحت مسمى (حركة رجال الكرامة) بقيادة وحيد البلعوس للدفاع والحماية الذاتية فقط، ولم يسجل لها الخروج خارج المحافظة في عملها العسكري، بل فقط عملت تحت شعار (حماية الأرض والعرض)، وحماية شباب المحافظة من الملاحقات الأمنية والعسكرية. ومعروف أن قادة الحركة وصفّها الأول قضوا بتفجيرين إرهابيين منذ قرابة ثلاثة أعوام».
بحسب متابعين، فإن الحالة الجديدة للسويداء بدأت، بعد أن نفذ «داعش» عملاً إرهابياً استهدف سبع قرى شرق السويداء مترافقة مع عدد من التفجيرات راح فيها قرابة 250 ضحية، وما يزيد على 30 مختطفة من بنات ذات القرى، حيث وكّل ملف التفاوض للروس واللجنة الرباعية من أبناء الجبل، ولم يحرز أي تقدم فيه حتى الآن، كما ودخل الجيش السوري فيما يسمى عمليات على التنظيم في بادية السويداء.
وتجري مفاوضات عدة مع المجتمع المحلي بغية إلحاق شباب الجبل في الجيش والفيلق الخامس الروسي، يقوم بها بشكل مباشر الروس مع القيادة المحلية من جهة، ومع قادة حركة «رجال الكرامة» من جهة أخرى، حيث لا مصلحة اقتصادية فعلية لروسيا في السويداء و«لا غاز أو بترول فيها، سوى خزانها البشري من الشباب، وأيضاً لا مصلحة لها بخسارة حربها الإعلامية على الإرهاب دولياً باحتكاكها العسكري المباشر فيها».
باتت السويداء أمام خيارين: إما الاقتراب لمنظور العودة الكاملة للدولة والنظام السوري، أو البقاء في منظورها الخاص والنأي بالنفس، وفي كلتا الحالتين يرى مراقبون أنها بدأت تعيش مرحلة جديدة مفصلية في أمورها الأمنية والمدنية والعسكرية، خلافاً لما تسير عليه سابقاً. ويعزو أحد سكان المحافظة نظرية «العودة الكاملة إلى الدولة» لأسباب عدة «أولها محدودية إمكانات الفصائل المحلية بالدفاع الكامل عن المحافظة من الهجمات الداعشية، وعجزهم عن التدخل في ملف المفاوضات مع التنظيم على للمختطفين، وظهور أهمية الوجود العسكري للنظام ومشاركته مؤخراً في الدفاع عن المنطقة، وإبعاد خطر التنظيم عن تخوم السويداء، وسحب المعارك معه إلى مناطق البادية شرق السويداء، وتسلم النظام ملف التفاوض مع التنظيم».
بينما يرى أنصار «النأي بالنفس» أن وجود الفصائل المحلية ساعد على الحد من هجمات التنظيم على المحافظة، كما منع النظام من القيام بأفعال تعرضت لها باقي مناطق البلاد من مداهمات واعتقالات أو السحب للخدمة الإلزامية، وللفصائل مواقف عدة في منع اعتقال الأشخاص، أو اقتياد الشباب إلى الخدمة الإلزامية، وأعطت للمحافظة طبيعة خاصة بها وبتعامل النظام معها، وبخاصة أن هذه الفصائل تحظى بقبول لدى مشيخة الموحدين الدروز في السويداء، وبقبول آخر من الأهالي، وهي حالة أبعدت هيبة الدولة والنظام إلى حد ما في المحافظة.
أما الآن، بحسب الناشط ريان المعروف من السويداء، فالمرحلة باتت مفصلية وبدأت السويداء «تعيش مرحلة جديدة، قد تفضي إلى النزول إلى رغبة النظام بإعادة ترتيب الأمور الأمنية والعسكرية في المحافظة، التي تمرد أهلها على إرسال أولادهم للخدمة الإلزامية، وعدم الاقتراب من المطلوبين الأمنيين في المحافظة، وتشكيل فصائل محلية مستقلة بعيدة عن توجيهات النظام السوري».
وكحال باقي مناطق سوريا التي خضعت للتسويات والمصالحة، وبقاء الفصائل العسكرية كقوات رديفة للجيش وتسوية أوضاع المطلوبين والفارين عن الخدمة الإلزامية، قد ينتهي الأمر في السويداء على هذا الحال، وبخاصة أن النظام السوري بات يسعى لكسب أوراق الضغط في المحافظة، مع إحكام سيطرته على كامل محافظات الجنوب السوري ضمن برنامج المصالحات والاتفاق مع روسيا، وإدارته ملف المختطفين في السويداء مع التنظيم، ومشاركة قوات الجيش السوري وقوات رديفة له في تحقيق تقدم ملحوظ على حساب التنظيم عند أطراف السويداء، وإبعاد خطر هجمات التنظيم عن المحافظة إلى حد ما.
وعلى الرغم من تبني تنظيم داعش الهجمات على محافظة السويداء، حدث انقسام في الشارع بالسويداء على خلفية هجمات التنظيم على المحافظة، حيث تحدث ناشطون من المحافظة عن مؤشرات تربط هجمات التنظيم بنقل عناصر «داعش» أواخر مايو (أيار) الماضي من عام 2018، من جنوبي دمشق إلى بادية السويداء، وانسحاب بعض قوات النظام من على تخوم بادية السويداء إلى ريف درعا الشرقي أثناء المعارك التي كانت هناك؛ ما جعل المنطقة الشرقية للسويداء عرضة لهجمات التنظيم التي حدثت وفق لروايتهم. واعتبر آخرون أن تنظيم داعش حاول عبر هجمات السويداء، إلى بعث رسائل، أنه ما زال قادراً على خلط الأوراق في المنطقة، رغم الخسائر التي تلقاها في العراق وسوريا، إضافة إلى سعيه للحصول على ورقة ضغط على النظام وروسيا؛ لتسهيل نقل أو إخراج عناصره من منطقة حوض اليرموك أقصى جنوب غربي درعا، إلى مناطق سيطرته، والإفراج عن معتقلين من التنظيم لدى النظام، تبعاً لتزامن الهجمات على السويداء مع هجوم النظام وروسيا على منطقة حوض اليرموك وإحراز تقدم بها بعد سيطرته على ريف درعا الغربي، الذي كانت تسيطر عليه المعارضة في درعا، إضافة إلى أن التنظيم في أول رسالة تفاوض لإطلاق سراح المختطفين طالب بوقف الهجوم على منطقة حوض اليرموك التي يسيطر عليها التنظيم هناك، وتسهيل انتقال عناصر التنظيم إلى مناطق سيطرته.
يقول نور رضوان مسؤول «شبكة السويداء 24» الخاصة بنقل الأخبار عن السويداء لـ«الشرق الأوسط»، إن محافظة السويداء يغلب عليها طابع الحياد حيال ما يحصل في سوريا بين معارضة وموالاة، أو اختلاف وجهات النظر حول أسباب هجمات التنظيم على المحافظة، لكن ما يوحد أبناءها هو الخطر الحقيقي، حيث كان مؤخراً شاهداً على معارك بادية السويداء ضد التنظيم، مضيفاً «إن أبناء السويداء وقفوا إلى جانب بعضهم بعضاً خلال المعارك، رغم انتمائهم إلى تشكيلات مختلفة موالية أو حيادية أو محلية»، ما يؤكد أن الخطر الحقيقي هو ما يوحد المزاج الشعبي في السويداء.
وأشار إلى انتشار مظاهر جديدة عدة في المحافظة، كحالة الطائفية بين الدروز والعشائر البدوية، وانتشار السلاح بشكل واسع جداً، وحالة الحواجز المكثفة والتدقيق الأمني والتفتيش، واعتقالات طالت عدداً من شباب العشائر البدوية، من القاطنين في ريف السويداء الشرقي، أيضاً انتشار الحواجز بشكل عشوائي بالمدن والقرى والبلدات، من قبل الفصائل المحلية والرديفة للجيش وعدم تنظيمها أو ربطها بجهاز أمني موحد؛ ما تسبب في مقتل ما يزيد على 12 مدنياً عن طريق الخطأ والاشتباه، مضيفاً «كما انتشرت مؤخراً ظاهرة تدريب النساء والفتيات على استخدام السلاح، للدفاع عن النفس بعد أن تركزت هجمات التنظيم على اختطاف النساء والبنات في السويداء، ويقوم بهذه المهمة أحد قادة الفصائل المحلية أو الفصائل الرديفة للجيش في المحافظة».
وتابع، أنه بعدما حققت قوات النظام والفصائل الرديفة تقدماً في محيط السويداء، وتراجع التنظيم إلى عمق البادية الشامية باتجاه منطقة «الصفا»، تحاول بعض التشكيلات التابعة للنظام استقطاب الشباب من السويداء للانضمام إلى صفوفها، عن طريق إغراءات سلطوية ومادية، وأن الانضمام يحسب من الخدمة الإلزامية ضمن محافظة السويداء، حيث عملت ميليشيات «حزب الله» اللبناني مؤخراً على استقطاب عناصر الدفاع الوطني في ريف السويداء الشرقي للانضمام إلى صفوفه، حيث قدم الأخير رواتب لعناصر الدفاع الوطني قبل شهر تقريباً.
وأوضح معروف، أن مناطق السويداء جنوب البلاد، وجرمانا بريف دمشق، وحضر في ريف القنيطرة، تعتبر مناطق تواجد الدرزية في سوريا، وتقع محافظة السويداء في الجنوب الشرقي من دمشق، وتحدها دمشق من الشمال، ومحافظة درعا من الغرب، والبادية السورية، ومنطقة الصفا من الشرق، والأردن من الجنوب. يبلغ عدد سكان المحافظة ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين ألف نسمة، يعتمد أهلها على الزراعة؛ فهي تشتهر بزراعة الكرمة (العنب الجبلي) والتفاح واللوزيات والتين، لم تتأثر الزراعة كثيراً بفعل الأحداث في سوريا، بسبب حياد المحافظة وابتعادها عن دائرة الحرب في سوريا خلال السنوات الماضية، وانتقل أهلها منذ بداية الأحداث في سوريا من الحالة الوطنية الفاعلة إلى النأي بالنفس.
ويتميز أهالي السويداء، بحسب معروف، بـ«الترحيب بضيوف المحافظة، حيث سكن السويداء أعداد كبيرة من محافظة درعا وحمص في ظل السنوات السابقة؛ هرباً من الصراع في مناطقهم، وهي ما زالت محافظة على العادات والتقاليد القديمة، ويعتبر رجال الدين لطائفة الموحدين الدروز قادة للرأي، ويلعبون دوراً مؤثراً في حياة أبنائهم»، مبيناً أن حال السويداء من ناحية الخدمات المدنية كالمياه والمدارس والكهرباء والتجارة جيدة مقارنة بالمحافظات الأخرى، فهي لم تخرج عن كنف النظام كباقي المحافظات التي شهدت الثورة، ولم تتعرض لأي عمليات تخريب أو تدمير، ولا تزال بنيتها التحتية صامدة.
وأشار إلى أنه بعد اندلاع الحرب في سوريا واتخاذ المحافظة الحياد وتمردها إلى حد ما على القرارات الناظمة في سوريا، وبخاصة فيما يتعلق بأمور التجنيد والاحتياط، وانتشار الفصائل المحلية واللجان الشعبية والدفاع الوطني وانتشار السلاح، والبطالة؛ عاشت السويداء، «انفلاتاً أمنياً، حيث كثرت عمليات القتل والخطف والسرقة، وسط غياب تدخل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري في المحافظة بالوضع الأمني الذي تعيشه، ويفضل الشباب في السويداء بعد المرحلة الجامعية السفر إلى دولة فنزويلا، أو الخليج العربي، أو لبنان، أو البقاء ضمن المحافظة؛ خوفاً من الملاحقة الأمنية أو السحب إلى الخدمة الإلزامية».
واعتبر مراقبون أن الخيارات المطروحة في السويداء اليوم لحل ملفات المحافظة «لا تأتي بنتيجة من دون ضامن حقيقي، فلا بد من طرح خيارات أخرى على موائد التفاوض، حيث ينظر أبناء المحافظة لإيجاد تسوية عامة في مجمل الملفات المتعلقة بالسويداء من حيث أمن واستقرار المحافظة وتعايش أبنائها السلمي، وأن تكون حمايتها بيد أبنائها ذاتهم، وإذا تخلت روسيا عن ذلك فحقهم الطلب بالحماية الدولية في حال تعرضهم لأعمال إرهابية متكررة؛ ما يتطلب نجاح روسيا لحل ملف المختطفات، للانتقال إلى ملفات المحافظة الأخرى كالمتخلفين عن الخدمة الإلزامية، والمفصولين قسرياً من وظائفهم، سواء بالقرار 137 لرئاسة مجلس الوزراء، أو بحكم المفصولين، والملفات الأمنية وإجراءاتها التعسفية، بما في ذلك موضوع الاعتقال وغيره، وفقاً لحلول جزئية جيوبولتيكية قد تكون أحدها شكلاً من (اللامركزية الإدارية)، تطبيقاً لقاعدة (ألكسندر دوغين)، المنظّر الأكبر لعمليات روسيا الجيوبولتيكية في المنطقة».
وكان كتب في «مركز كاتيخون للدراسات» قبل فترة بعنوان «المشكلات الجيوبولتيكية وقوانين المدى الكبير والعولمة والمفارقة الروسية»، والقاعدة هي «أن القوميات الصغرى يتم ابتلاعها سياسياً واقتصادياً، في حال عدم وجود منافس دولي كبير، وليس بالضرورة بالحرب الجيوسياسية وفقط كما حدث ويحدث في باقي المدن السورية الأخرى».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.