قادة الدول الغربية «غاضبون» من تورط موسكو في قضية سكريبال

بريطانيا لديها «أدلة واضحة» في حادثة سالزبيري... وروسيا ترفض «الأكاذيب»

مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة تتحدث عن التورط الروسي في حادثة سالزبيري ويبدو مندوبا السويد وروسيا أمس (إ.ب.أ)
مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة تتحدث عن التورط الروسي في حادثة سالزبيري ويبدو مندوبا السويد وروسيا أمس (إ.ب.أ)
TT

قادة الدول الغربية «غاضبون» من تورط موسكو في قضية سكريبال

مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة تتحدث عن التورط الروسي في حادثة سالزبيري ويبدو مندوبا السويد وروسيا أمس (إ.ب.أ)
مندوبة بريطانيا لدى الأمم المتحدة تتحدث عن التورط الروسي في حادثة سالزبيري ويبدو مندوبا السويد وروسيا أمس (إ.ب.أ)

كشفت المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كارين بيرس، أمام مجلس الأمن أن لدى المملكة المتحدة «أدلة واضحة وموثوقة» حول تورُّط عميلين تابعين للمخابرات العسكرية الروسية في الهجوم بمادة «نوفيتشوك» الكيماوية المحظورة دولياً ضدَّ العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا، مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذا الهجوم، غير أن نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا رفض هذه «الأكاذيب بصورة قاطعة».
وعُقدت هذه الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن بعدما أصدر زعماء فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة بياناً مشتركاً في شأن هجوم سالزبيري، عبروا فيه عن «غضبنا من استخدام غاز الأعصاب الكيماوي، المعروف باسم (نوفيتشوك)، في سالزبيري في 4 مارس (آذار)»، مرحبين بـ«التقدُّم المحرَز في التحقيق في تسميم سيرغي ويوليا سكريبال». وأخذوا علماً بالتهم التي وُجِّهت ضد شخصين مشتبه فيهما بمحاولة القتل، ملاحظين أن «التحليل الذي أجرته المملكة المتحدة، والذي تحققت منه بشكل مستقلٍّ منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، حيال استخدام غاز الأعصاب الكيماوي نفسه في تسميم داون ستارغيس وتشارلز رولي كما في تسميم سكريبال». وحضوا روسيا على «توفير كشف كامل» لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية حول برنامج «نوفيتشوك» الخاص بها وشجعوا الذين لديهم معلومات حول هجوم سالزبيري بالإضافة إلى أميسبوري، على تقديمها إلى السلطات البريطانية.
وأكدوا أن «لديهم ثقةً كاملةً في التقييم البريطاني بأن المشتبه فيها ضابطان من المخابرات العسكرية الروسية»، معتبرين أن «هذه العملية تمت الموافقة عليها بالتأكيد على مستوى حكومي كبير». وكشفوا أنهم اتخذوا «إجراءات مشتركة» لمواجهة هذه النشاطات الروسية، معلنين تصميمهم على «تعطيل النشاطات المعادية لشبكات المخابرات الأجنبية على أراضينا، والحفاظ على حظر الأسلحة الكيماوية، وحماية مواطنينا والدفاع عن أنفسنا من كل أشكال النشاط الخبيث الذي يوجه ضدنا وضد مجتمعاتنا».
وفي الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن في نيويورك، عرضت المندوبة البريطانية للنتائج التي توصلت إليها التحقيقات التي أجرتها السلطات المعنية في المملكة المتحدة، قائلة: «لدينا الآن الدليل على تورط الدولة الروسية فيما حصل في سالزبيري وفي استخدام سلاح كيماوي هناك». وحذرت من أن «هذا التورُّط المتهور يعرض حياة الكثير من المواطنين للخطر ويعرض للخطر أيضاً الحظر العالمي لاستخدام السلاح الكيماوي». وهذا ما يدل على أن إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن «لديها سلوك نموذجي أظهر أنهم أرادوا قتل سيرغي سكريبال وابنته يوليا. قامروا بحياة الناس في سالزبيري». واتهمت المسؤولين الروس بأنهم «يعملون في عالم موازٍ يقتبسون فيه النظم الطبيعية للشؤون الدولية».
ورأت أن «التحدي المباشر هو للنظام الدولي المستند إلى القواعد التي جعلتنا آمنين، بما في ذلك روسيا، منذ عام 1945»، مطالبة المجتمع الدولي بـ«الدفاع عن القوانين والأعراف والمؤسسات التي صانت مواطنينا ضد الأسلحة الكيماوية وضد التهديد بالتدخل الخارجي العدواني».
وقال المندوب الفرنسي فرنسوا دولاتر إن «الحقائق واضحة: نتائج التحقيق البريطاني، جنباً إلى جنب مع نتائج منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، تؤكد من التحليل الأولي أنه لا يوجد أي تفسير معقول آخر غير تفسير مسؤولية روسيا عن هجوم سالزبيري»، حيث استخدمت مادة «نوفيتشوك» العسكرية ضد سيرغي سكريبال وابنته يوليا. ولاحظ أن «مثل هذه العملية لا يمكن إطلاقها والموافقة عليها إلا بمستوى عالٍ من الدولة الروسية».
وفي كلمته، اعتبر المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أنه يسمع «الاتهامات نفسها والأكاذيب نفسها» من الجانب البريطاني، مضيفاً أن الاتهامات تتضمن «مزيجاً من الكراهية والأقاويل التي لا أساس لها من الصحة». ورأى أن «هناك حملة بريطانية ضد روسيا بسبب الهستيريا المعادية لروسيا». وأكد أن موسكو «ترفض بصورة قاطعة هذه الاتهامات المفبركة». وتساءل: لماذا تريد روسيا أن تسمم سيرغي ويوليا سكريبال بهذه الطريقة المعقدة، ثم قالوا أخيراً بواسطة قارورة عطر؟ وسخر قائلاً إن «ما يحصل هو دعاية لعطر (نينا ريتشي)».
ونددت رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي المندوبة الأميركية نيكي هيلي مجدداً «بهجوم سالزبيري الكيماوي وبأي هجوم كيماوي آخر»، قائلة إنه «من السهل أن نعبر عن سخطنا على استخدام السلاح الكيماوي ولكن من الصعب أن نجد الحلول المناسبة لمنع انتهاك» الاتفاقات الدولية في هذا المجال. واعتبرت أن «السلطات البريطانية قدوة لنا في السعي إلى محاسبة المسؤولين عن استخدام السلاح الكيماوي»، مشيرة إلى أن «المحققين البريطانيين توصلوا إلى تحديد العامل الكيماوي الذي استخدم في الهجوم ضد سيرغي ويوليا سكريبال».
واتهمت روسيا بأنها «عرضت مئات الناس للخطر» في الهجوم الذي استخدم فيه عميلان روسيان يعملان لمصلحة المخابرات العسكرية الروسية مادة «نوفيتشوك» بـ«أوامر من قادتهم». ورأت أن ما ظهر حتى الآن «يندى له الجبين». ولفتت إلى أن «السلطات الروسية، وبدلاً من الاعتراف بالمسؤولية اختارت الإنكار التام»، معتبرة أن روسيا فعلت الأمر ذاته بعدما احتلت شبه جزيرة القرم وبعدما أسقطت الطائرة الماليزية فوق شرق أوكرانيا.
وردت المندوبة البريطانية على كلمة نظيرها الروسي فأوضحت أن «القضاء مستقل في بريطانيا، وكذلك هي الحال بالنسبة إلى تحقيقات الشرطة»، مؤكدة أن «لدينا أدلة واضحة ونحن واثقون من أدلتنا». وأشارت إلى أن السلطات البريطانية طلبت التعاون من نظيرتها الروسية. بيد أن الأخيرة «أرادت تحويل الاهتمام نحو أمور أخرى». وأعلنت أنه «لا يمكن أن نطلب إطفاء الحرائق ممن يضرم هذه الحرائق. ولى زمن الأكاذيب».
وطلب نيبينزيا حق الرد مجدداً، فقال إن نظيرته بيرس «لم تأتِ بجديد» في ردها، مضيفاً أن «ما تريده السلطات البريطانية ليس التعاون بل أن نقول إننا مذنبون». وزاد أنه «ربما يرغب البعض في أن نعيش في كوكب آخر. ولكن هذا الكوكب هو الوحيد. ولذلك أن نتعاون بصورة جديّة» لتسوية هذه المسألة. وقال نيبينزيا للصحافيين إنه طلب من بيرس تقديم معلومات وافية عن الشخصين المتهمين، مضيفاً أنها «أجابت أن الأسماء المتوافرة مستعارة على الأرجح».


مقالات ذات صلة

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».