«فيتو» أميركي على «ترقية حزب الله» حكومياً... وتلويح بعقوبات

الحريري عول على تحرك لرئيس الجمهورية يعطي وزارة العدل لـ«القوات»

سعد الحريري رئيس الحكومة المكلف التقى أمس تيمور جنبلاط رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي والوفد المرافق له (دالاتي ونهرا)
سعد الحريري رئيس الحكومة المكلف التقى أمس تيمور جنبلاط رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي والوفد المرافق له (دالاتي ونهرا)
TT

«فيتو» أميركي على «ترقية حزب الله» حكومياً... وتلويح بعقوبات

سعد الحريري رئيس الحكومة المكلف التقى أمس تيمور جنبلاط رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي والوفد المرافق له (دالاتي ونهرا)
سعد الحريري رئيس الحكومة المكلف التقى أمس تيمور جنبلاط رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي والوفد المرافق له (دالاتي ونهرا)

أثارت الانتكاسة الحكومية التي حصلت أول من أمس، برفض الرئيس اللبناني ميشال عون تشكيلة وزارية قدمها إليه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، مخاوف من ارتدادات سلبية على الواقع السياسي اللبناني، في حين تبين أن ثمة عوائق أخرى أمام عملية التأليف الحكومية قد تكون أخطر من العقدتين «المسيحية» و«الدرزية» اللتين تعوقان الحريري في عملية تأليف الحكومة بعد أكثر من 100 يوم على تكليفه تأليفها.
وقالت مصادر لبنانية متطابقة إن العقدتين المعلنتين، وهما عقدة تمثيل «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي يرأسه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، قد لا تكونان سوى رأس جبل الجليد في ضوء «فيتو» أميركي حاسم حول زيادة حصة «حزب الله» الحكومية، كماً ونوعاً.
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مسؤولين أميركيين أبلغوا قيادات لبنانية أن أي زيادة لنفوذ الحزب في الحكومة سوف تواجه بمقاطعة أميركية شاملة وبعقوبات على المؤسسات التي يتزايد فيها نفوذ الحزب، ووقف للمساعدات المقررة للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى.
ويطالب «حزب الله» علنا بالحصول على وزارة الصحة ووزارة أخرى خدماتية، لكن التحذيرات الأميركية قد تكون عائقا أمام حصوله على مبتغاه، وبالتالي سيكون أمام خيارين، إما القبول بالحصة التي ينالها في الحكومة الحالية (وزارتي الصناعة، والشباب والرياضة) أو الرفض، ما يعني عمليا عرقلة تأليف الحكومة.
وقالت المصادر إن الضغوط الأميركية ستؤدي تلقائيا إلى وقف مساعدات لوزارة الصحة قيمتها نحو 150 مليون دولار، كما قد تؤدي إلى ضغوط أميركية على دول غربية ومنظمات دولية لوقف أي تعاون مع الوزارة.
وفيما لم يصدر عن السفارة الأميركية أي تعليقات بهذا الشأن، تقول مصادر لبنانية إن موقف السفارة الرسمي الذي تم إبلاغه للمسؤولين اللبنانيين لم يتغير عن الحكومات السابقة، وهو أن الأميركيين سوف يوقفون تلقائيا التعاون مع أي وزارة يشغلها عضو من «حزب الله» المصنف إرهابيا في الولايات المتحدة.
وكانت عملية تأليف الحكومة اللبنانية قد تعثرت، بعد «ملاحظات» أبداها الرئيس عون على التشكيلة التي حملها إليه الحريري، معتبرا أنها لم تراعِ «الأسس والمعايير التي كان حددها لشكل الحكومة والتي تقتضيها مصلحة لبنان».
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات الحكومية، إن الحريري كان يراهن على مبادرة من عون تقضي على الجمود الذي يلف عملية تأليف الحكومة. وتشير إلى أن المعادلة القائمة التي جمع الحريري معالمها من لقاءاته مع القيادات اللبنانية المرشحة للدخول إلى الحكومة، تقضي بضرورة تأمين بديل فعلي لـ«القوات» التي يمكن أن تتخلى عن مطالبتها بمنصب نائب رئيس الحكومة ووزارة سيادية، يكون بحصولها على 4 وزارات، من بينها وزارة مهمة، وتحديدا وزارة الطاقة، التي يرفض التيار الوطني الحر بشدة التخلي عنها، أو وزارة الأشغال التي يتمسك بها «حزب الله» من حصة حليفه تيار «المردة». وكان الحريري يأمل بتعويض «القوات» بوزارة العدل مع وزارة التربية ووزارة خدماتية أخرى، على أن يعطي «القوات» وزارة رابعة من حصته الشخصية، ينال بدلا منها وزارة دولة شؤون مجلس الوزراء، غير أن «ملاحظات» رئيس الجمهورية أوحت برفضه التدخل كما كان الحريري و«القوات» يأملان، مقابل استمرار تشدد وزير الخارجية جبران باسيل في عدم التخلي عن أي وزارة من حصة «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه حاليا.
أما العقدة الدرزية، فما تزال مؤجلة أيضا في ظل تفرغ الحريري للعقدة المسيحية حاليا. ويطالب النائب السابق جنبلاط بـ3 حقائب وزارية عائدة للدروز، لكونه يمتلك الغالبية الكبرى من المقاعد الدرزية في البرلمان. وكانت شائعات راجت عن إمكانية توزير سني (النائب بلال عبد الله) من حصة جنبلاط، على أن يكون المقعد الدرزي الثالث بالتفاهم بين جنبلاط والحريري، لكن الحريري لم يتحمس للطرح لصعوبة تنفيذه. ولا يبدو جنبلاط منغلقا على الحلول، بانتظار اقتراحات فعلية تقدم له، لكنه ما يزال متمسكا بموقفه حتى اللحظة، رغم استعداده لتسهيل تأليف الحكومة، كما تقول مصادر قريبة منه.
وواصل الحريري، أمس، مشاوراته غداة تقديم مسودته الحكومية إلى عون، إذ استقبل وزير الإعلام ملحم الرياشي موفدا من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وجرى عرض لآخر المستجدات والجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة.
وشن «التيار الوطني الحر» حملة انتقادات لمتهميه بعرقلة تأليف الحكومة، إذ لفت النائب إبراهيم كنعان إلى أن «نصف التشكيلة التي قدمها الحريري أمس (الأول) تشكيلة (رفع العتب)»، مشددا على «أننا نرفض الاحتكار بتمثيل الطوائف ونراه محاولة لإجهاض نتائج الانتخابات وعدم احترامها». وشدد كنعان، بعد تلاوة بيان اجتماع «تكتل لبنان القوي» الأسبوعي، على أن «هناك التفافا على دور رئيس الجمهورية». وأضاف: «نحترم صلاحيات كل المؤسسات الدستورية، وما سمعناه عقب بيان بعبدا غير مقبول، والرئيس عون مؤتمن على شراكة فعلية وحقيقية». وقال كنعان: «لا نريد البقاء بلا حكومة، ولكن لسنا على استعداد لأن نكون شهود زور دستوريا وديمقراطيا».
لكن «القوات» تلقي باللائمة على «التيار الوطني الحر»، ولوحت أمس مجددا بالتصعيد، إذ أكد رئيس لجنة الإدارة والعدل عضو «تكتل الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان أن «(القوات) نزلت إلى الحدّ الأدنى من حقوقها فظنّ البعض أنه (بازار)، وبعد ما حدث سنعود إلى مطلبنا بـ5 وزراء مع حقيبة سيادية، وما حدث لا يضر إلا بالعهد». وقال: «عملية التسهيل التي قدمتها (القوات) هي للتسهيل والبعض الذي لم يقبل الدور الذي لعبته (القوات) يعلم أن المتضرر الأول من تأخير الحكومة هو العهد، وآن الأوان لـ(التيار) أن يتنازل للتشكيل».
بدوره، اعتبر أمين سر «تكتل الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم أن ملف التشكيل عاد إلى نقطة الصفر مع السلبيات. ولفت كرم إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون، أوصى الرئيس المكلف سعد الحريري بإنهاء موضوع التشكيل مع باسيل، والأخير رفض العرض المقدم قبل أن يصل إلى فخامة الرئيس، مضيفاً: «محاولة حشر الرئيس المكلف ووضعه أمام مهل غير دستورية هي محاولة ضغط عليه ومحاولة لإحراجه إلا أنها فشلت في ظل عدم إمكانية أحد عزله».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.