طالبان تعلن وفاة مؤسس جماعة حقاني الأفغانية المتشددة

مقتل 16 عسكرياً... والقوات الأميركية تعترف بمقتل جندي وجرح آخر

جلال الدين حقاني وزير الحدود في عهد طالبان يشير على خريطة إلى مواقع داخل أفغانستان خلال زيارة إلى إسلام آباد عام 2001... ويرى في الصورة نجله نصر الدين (رويترز)
جلال الدين حقاني وزير الحدود في عهد طالبان يشير على خريطة إلى مواقع داخل أفغانستان خلال زيارة إلى إسلام آباد عام 2001... ويرى في الصورة نجله نصر الدين (رويترز)
TT

طالبان تعلن وفاة مؤسس جماعة حقاني الأفغانية المتشددة

جلال الدين حقاني وزير الحدود في عهد طالبان يشير على خريطة إلى مواقع داخل أفغانستان خلال زيارة إلى إسلام آباد عام 2001... ويرى في الصورة نجله نصر الدين (رويترز)
جلال الدين حقاني وزير الحدود في عهد طالبان يشير على خريطة إلى مواقع داخل أفغانستان خلال زيارة إلى إسلام آباد عام 2001... ويرى في الصورة نجله نصر الدين (رويترز)

نعت قيادة حركة طالبان في أفغانستان جلال الدين حقاني، أحد قادة الجهاد الأفغاني ضد الاحتلال الروسي ومن قبله ضد الحكومة الشيوعية في أفغانستان، وجاء في بيان النعي الرسمي أن حقاني كان يعاني من مرض خلال السنوات القليلة الماضية وتوفي نتيجة ذلك.
وكان جلال الدين حقاني وهو أحد القادة المعروفين في أفغانستان تخرج من جامعة العلوم الحقانية في بلدة أكورة ختك قرب بيشاور، ومنها أخذ لقب «حقاني»، وقاد مجموعات ضد حكم الرئيس الأفغاني الأسبق السردار محمد داود في بداية السبعينات من القرن الماضي مع الشيخ مولوي أرسلان رحماني، ثم انضم إلى «الحزب الإسلامي» - جناح الشيخ يونس خالص حينما بدأت الأحزاب المتشددة في الظهور بعد الانقلاب الشيوعي في أفغانستان عام 1978.
وكان حقاني الذي تركز عمله في البداية في ولايتي بكتيا وبكتيكا استقطب اهتمام المقاتلين العرب في أفغانستان حيث انضمت له ابتداء أولى المجموعات من المقاتلين العرب الذين كان من بينهم محمد عاطف أبو حفص المصري القائد العسكري السابق لتنظيم القاعدة ثم انضمت إليهم مجموعات كبيرة من المقاتلين العرب الوافدين إلى أفغانستان، وربطته علاقات قوية مع أسامة بن لادن والشيخ عبد الله عزام، وأبي حفص المصري، حيث خاض حقاني والمقاتلون العرب معركة جاور الشهيرة التي تمكن فيها مقاتلو حقاني والمقاتلون العرب من هزيمة حملة سوفياتية ضخمة على بلدة جاور القريبة من الحدود مع المناطق القبلية الباكستانية، مما زاد في رصيده الشعبي في صفوف الأفغان عام 1987. ورغم انضمام حقاني إلى حزب الشيخ يونس خالص «الحزب الإسلامي لأفغانستان» فإن الشيخ حقاني بقي شبه مستقل بشكل كبير عن الأحزاب الأفغانية في بيشاور فترة الجهاد ضد الغزو السوفياتي لأفغانستان.
وبعد دخول أحزاب المجاهدين الأفغان العاصمة كابل في نيسان أبريل (نيسان) 1992 بعد سقوط حكومة الرئيس الأفغاني الأسبق الدكتور نجيب الله، أعطي حقاني منصبا وزاريا هو وزارة الأوقاف والشؤون الاجتماعية في أفغانستان. وقد نأى حقاني بنفسه ومقاتليه عن المشاركة في الصراع على السلطة بين قوات مسعود رباني - وقوات حكمتيار ودوستم بعد دخول أحزاب المجاهدين الأفغان لكابل، وعمل مع يونس خالص على محاولة الإصلاح بين الأحزاب الجهادية، ولما لم تستجب له قيادات هذه الأحزاب اعتزل الحرب ولم يشارك فيها. وفي عام 1996 ومع تقدم قوات حركة طالبان باتجاه العاصمة كابل أعلن حقاني انضمامه إلى حركة طالبان وبيعته للملا محمد عمر مؤسس حركة طالبان، كما أنه عمل على التقريب بين أسامة بن لادن والملا محمد عمر، وقد اصطحب يونس خالص زعيم «الحزب الإسلامي» الذي ينتمي إليه حقاني أسامة بن لادن من جلال آباد إلى مدينة قندهار مقر قيادة طالبان. وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) تولى حقاني منصب وزير الحدود في حكومة طالبان نظرا لعلاقته القوية بالمناطق القبلية الباكستانية، وهو الذي رتب مع هذه القبائل استضافة الآلاف من عائلات المقاتلين العرب ومقاتلي طالبان وعائلاتهم بعد سيطرة القوات الأميركية على أفغانستان.
ورفض حقاني بعد أسبوعين من بداية الحرب الأميركية على أفغانستان محاولات باكستانية ومن دول عربية الانقلاب على الملا محمد عمر وإعلان قيادة جديدة لحركة طالبان تعمل على وقف إطلاق النار مع القوات الأميركية، كما رفض محاولات بعض من أعضاء مجلس شورى طالبان عام 2004، حيث طلبت منه هذه القيادات أن تخلع بيعتها للملا محمد عمر ومبايعة حقاني، إلا أنه قال لهم حسب مصدر حضر تلك الجلسة: «أنتم تريدون السلطة والجاه، ولم يرتكب الملا عمر ما يوجب خلع البيعة منه». بعد عدة سنوات من العمليات التي خطط لها حقاني ضد القوات الأميركية استهدفته غارة أميركية في أحد المنازل التي كان يقيم فيها في منطقة قريبة من الحدود الباكستانية فأصيب بشظية في ظهره تسببت له بإصابة في العمود الفقري نتج عنه شلل تام له، وتولى ابنه سراج الدين حقاني قيادة عمليات شرق أفغانستان التي وصلت عملياتها إلى العاصمة كابل ومناطق أخرى بعيدة مثل مزار شريف.
وقد وصف مدير المخابرات الأفغانية الأسبق رحمت الله نبيل وفاة حقاني بأنها لن تؤثر على عمل ما يسمى بشبكة حقاني، وقال نبيل في تغريدة له على تويتر إن وجود عدد من قيادات الشبكة مثل سراج الدين حقاني (نجل الشيخ جلال الدين) وخليل حقاني - شقيق الشيخ جلال الدين، وحمزة ويحيى وعزيز حقاني - أبناء الشيخ جلال الدين وعدد من القيادات الأخرى المدربة سيكونون خلفا في العمل العسكري. وادعى رحمة الله نبيل أن جلال الدين حقاني توفي من زمن طويل ولكن لم يتم الإعلان عن وفاته إلا الآن وهو متعلق بزيارة وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيين لإسلام آباد، ولن يكون لغياب جلال الدين حقاني أي تأثير لأن الاستخبارات الباكستانية دربت نجله سراج الدين ليكون أكثر دموية منه، حسب قول مدير المخابرات الأفغانية الأسبق.
في غضون ذلك، واصلت حركة طالبان الأفغانية المناوئة لحكومة الرئيس أشرف غني شن هجماتها على القوات الأفغانية والأميركية في مناطق عدة من أفغانستان، فقد أعلن مسؤول أفغاني رسمي طلب عدم ذكر اسمه مقتل ستة عشر عسكريا حكوميا ورجل شرطة فيما أصيب خمسة عشر جنديا آخر في هجوم شنته حركة طالبان على مراكز عسكرية حكومية في منطقتي زرمت وجاني خيل في ولاية بكتيا شرق أفغانستان. ونقلت محطة «تي في 1» الأفغانية الخاصة عن المسؤول قوله إن قوات طالبان شنت الهجوم ليلة أول من أمس، حيث استمر الهجوم من الليل إلى فجر أمس، فيما تقول مصادر حكومية أخرى إن 28 من مسلحي طالبان لقوا مصرعهم في الهجوم وأصيب كذلك تسعة من مقاتلي الحركة. وكانت حركة طالبان أعلنت عن سلسلة من الهجمات شنها مقاتلوها على القوات الحكومية في عدد من المناطق، فيما باتت تسيطر الحركة على كافة الطرق المؤدية إلى مدينة ميمنة مركز ولاية فارياب شمال أفغانستان تمهيدا لتشديد الحصار عليها قبل مهاجمتها ومحاولة السيطرة عليها. وحمل الموقع الرسمي للحركة عدة بيانات عن الاشتباكات في ولايات زابول ونيمروز وقندهار وعدد من الولايات الأخرى قالت طالبان إنها تمكنت خلالها من تدمير عدد من الآليات العسكرية الحكومية وقتل وأسر عدد من جنود الحكومة.
وكانت المصادر العسكرية الأميركية أكدت مقتل جندي أميركي وجرح جندي آخر شرق أفغانستان بيد مجندين محليين على ما يبدو حسب بيانات لقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. ولم يوضح بيان قوات الأطلسي المكان الذي تم فيه قتل الجندي الأميركي غير القول إنه وقع في ولاية ننجرهار شرق أفغانستان في «هجوم من الداخل على ما يبدو» وهي عبارة تستخدمها قوات حلف الأطلسي في حال مهاجمة جنود حكوميين أفغان جنود قوات الناتو أو المدربين الأميركان الذين يدربون القوات الأفغانية. قال القائد الجديد لقوات حلف الأطلسي في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر: «إن تضحية جندينا الذي تطوع للمهمة في أفغانستان لحماية بلده خسارة مأساوية لنا ولكل من لن يعرفوه أبدا». وحسب البيانات الرسمية لقوات الأطلسي في أفغانستان فإن الجندي القتيل هو السادس منذ بداية العام الحالي، وأن أحد عشر جنديا آخر قتلوا خلال العام الماضي، وتنتشر قوة من نحو أربعة عشر ألف جندي أميركي في أفغانستان تقول الولايات المتحدة إن مهمتهم التدريب وتقديم المشورة للقوات الحكومية الأفغانية، والإشراف على أدائها فيما تسميه واشنطن الحرب على الإرهاب. لكن حركة طالبان الأفغانية التي تقاتل لإجبار القوات الأجنبية على الانسحاب من أفغانستان قالت في بيانات صادرة عنها إنه في معركة غزني الشهر الماضي وما صاحبها من كمائن في ولاية ميدان وردك غرب كابل وولاية لوجر جنوب العاصمة تمكن مقاتلو الحركة من قتل عشرات الجنود الأميركان الذين نقلوا من ميدان المواجهة عبر مروحيات عسكرية أميركية.


مقالات ذات صلة

موسكو تُحمّل أنقرة مسؤولية تعثر التطبيع مع دمشق: تتصرف كدولة محتلة

شؤون إقليمية وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والروسي سيرغي لافروف خلال لقائهما في أنطاليا جنوب تركيا مارس الماضي (الخارجية التركية)

موسكو تُحمّل أنقرة مسؤولية تعثر التطبيع مع دمشق: تتصرف كدولة محتلة

بحث وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، ملف الأزمة السورية والجهود التي تقودها روسيا لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان وبهشلي خلال الاحتفال بذكرى تأسيس الجمهورية التركية في 29 أكتوبر الماضي (الرئاسة التركية)

تركيا: انقسام حول المشكلة الكردية... وإردوغان قد يختار الانتخابات المبكرة

تعمق الجدل والانقسام حول احتمالات انطلاق عملية جديدة لحل المشكلة الكردية في تركيا... وذهبت المعارضة إلى وجود أزمة داخل «تحالف الشعب» الحاكم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أحد لقاءات الأسد وإردوغان في عام 2010 (أرشيفية - الرئاسة التركية)

​إردوغان يُبقي على آماله بلقاء الأسد واحتمال شنّ عملية عسكرية شمال سوريا

جدّدت تركيا رغبتها في تطبيع العلاقات مع سوريا من دون تحقيق شرط الانسحاب العسكري لقواتها الموجودة في مناطق الشمال السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا عناصر من «حركة الشباب» الصومالية الإرهابية (أ.ب)

مقديشو: مقتل 3 جنود صوماليين وأكثر من 20 إرهابياً من «حركة الشباب»

لقي ثلاثة جنود على الأقل مصرعهم، وأصيب ثلاثة آخرون من القوات الصومالية جراء انفجار لغم أرضي استهدف مركبة عسكرية في مديرية دينيلي بالعاصمة مقديشو.

«الشرق الأوسط» (مقديشو)
شؤون إقليمية يسود جدل واسع في تركيا حول خلافات غير معلنة بين إردوغان وحليفه دولت بهشلي (الرئاسة التركية)

بهشلي جدد دعوة أوجلان للبرلمان وأكد عدم وجود خلاف مع إردوغان

جدد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي تمسكه بدعوته لحضور زعيم حزب العمال الكردستاني السجين للحديث أمام البرلمان مشدداً على عدم وجود خلاف مع إردوغان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تدشين قاعدة دفاعية أميركية مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا

وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تدشين قاعدة دفاعية أميركية مضادة للصواريخ الباليستية في بولندا

وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
وفد يضم الرئيس البولندي وضيوف آخرين يغادرون سطح نظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور» بمناسبة حفل تدشين هذا النظام في بولندا 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

افتُتحت رسمياً، اليوم (الأربعاء)، في بولندا، قاعدة تشكّل جزءاً من نظام دفاعي أميركي مضاد للصواريخ الباليستية يثير ريبة موسكو، استكمالاً لنظام موجود بالفعل في تركيا ورومانيا وإسبانيا.

وقال وزير الدفاع البولندي، فلاديسلاف كوشينياك كاميش، خلال مراسم في قاعدة «ريدجيكوفو» في شمال البلاد، بحضور عدد من كبار السياسيين البولنديين والقادة العسكريين الأميركيين: «هذا حدث ذو أهمية تاريخية لأمن بولندا والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كوشينياك كاميش يتحدث إلى الضيوف خلال حفل التدشين الرسمي لنظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور بولندا» 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وبدأ العمل في هذا الموقع منذ يوليو (تموز) الماضي، في إطار مشروع الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي، وهو جزء من شبكة رادارات وصواريخ اعتراضية، بدأت واشنطن إنشاءها قبل خمسة عشر عاماً، وتهدف إلى الحماية من تهديدات الصواريخ الباليستية المتأتية من خارج منطقة أوروبا والمحيط الأطلسي، خصوصاً من إيران.

ولطالما أثار انتشار هذه الشبكة في أوروبا ردود فعل سلبية من روسيا التي ترى فيها خطراً على أمنها، رغم تأكيدات حلف شمال الأطلسي بأنها ليست موجهة ضدها.

واحتجت موسكو مجدداً، الأربعاء، على هذه القاعدة المقامة على بُعد 230 كيلومتراً من جيب كالينينغراد الروسي.

السفير الأميركي في بولندا يتحدث إلى الضيوف خلال حفل التدشين الرسمي لنظام الدفاع الصاروخي «إيجيس آشور بولندا» في 13 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وحذّر الناطق باسم «الكرملين»، دميتري بيسكوف، من أن «هذا تقدم للبنية التحتية العسكرية الأميركية في أوروبا نحو حدودنا»، و«سيؤدي ذلك إلى اتخاذ إجراءات مناسبة لضمان التكافؤ».

وتشمل العناصر الرئيسية لهذه الدرع المضادة للصواريخ، بالإضافة إلى القاعدة في بولندا، موقعاً مشابهاً في رومانيا، ومدمرات تابعة للبحرية الأميركية متمركزة في روتا بإسبانيا، وراداراً للإنذار المبكر في كوريجيك بتركيا.

وينتشر حالياً أكثر من 10 آلاف جندي أميركي في بولندا، إحدى الدول الأكثر دعماً لجارتها أوكرانيا.