روسيا وأوكرانيا تستعدان لتصعيد المواجهة

كييف تناقش 20 قانوناً ضد «العدوان الروسي»... وموسكو تتهمها باغتيال زعيم الانفصاليين

روسيا وأوكرانيا تستعدان لتصعيد المواجهة
TT

روسيا وأوكرانيا تستعدان لتصعيد المواجهة

روسيا وأوكرانيا تستعدان لتصعيد المواجهة

دخلت العلاقات بين موسكو وكييف مرحلة جديدة من التصعيد، على خلفية تبادل الاتهامات بعد اغتيال زعيم الانفصاليين الأوكرانيين ألكسندر زاخارتشينكو قبل أيام في دونيتسك، وبدء البرلمان الأوكراني (الرادا) مناقشة عشرات القوانين الموجهة ضد روسيا.
وانتقل التصعيد بين البلدين من حرب التصريحات والاتهامات المتبادلة إلى الشروع بوضع إجراءات عملية، رجّحت أوساط روسية أن تسفر عن إدخال اتفاقات مينسك للتهدئة في شرق أوكرانيا مرحلة «موت سريري» وفقا لتعليق وسائل إعلام روسية.
ووجهت هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي الروسي، أمس، اتّهاما رسميا إلى أوكرانيا بالوقوف وراء اغتيال زعيم الانفصاليين في شرق أوكرانيا الذي لقي حتفه قبل أيام في تفجير استهدف مقهى كان يجلس فيه يقع على بعد مئات الأمتار من القصر الرئاسي في جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد. وأفاد بيان الهيئة بأن «الاستخبارات الأوكرانية ضالعة في اغتيال زاخارتشينكو».
ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن رئيس قسم المعلومات الاستخباراتية والاتصالات الدولية في الجهاز الأمني أن روسيا «لا شكوك لديها في هوية مخططي العملية». وأكد بيسيدا استعداد جهاز الأمن الفيدرالي الروسي للمساعدة في التحقيق في اغتيال زاخارتشينكو، مشيرا إلى أنه قد أرسل خبراءه إلى «جمهورية دونيتسك» لهذا الغرض.
واغتيل زاخارتشينكو الجمعة الماضي، 31 سبتمبر (أيلول)، بتفجير استهدفه في أحد مقاهي مدينة دونيتسك. ولم تستبعد لجنة التحقيق الروسية التي فتحت ملفا جنائيا في الحادثة أن يتم اللجوء إلى القضاء الدولي، بعد وضع لائحة اتهام ضد شخصيات أوكرانية.
من جانبها، نفت السلطات الأوكرانية على لسان رئيس جهاز الأمن الأوكراني، فاسيلي غريتساك، صلتها باغتيال زاخارتشينكو، وقالت إن كييف «لم تبعث بأي مجموعة تخريبية - استخباراتية» إلى دونيتسك. وكانت موسكو لوّحت بإجراءات عملية، لكن الرئيس فلاديمير بوتين أعلن في وقت لاحق أن بلاده لن تنسحب من اتفاقات مينسك بسبب الحادثة.
في المقابل، اتّجهت أوكرانيا لاتخاذ سلسلة خطوات رأت فيها موسكو تصعيدا واسعا. وأعلن وزير خارجية أوكرانيا بافل كليمكين، عن نية بلاده طرح مسألة الاعتراف ببحر آزوف (المحاذي لشبه جزيرة القرم) منطقة إقليمية، وترسيم الحدود المائية فيه مع روسيا. وأضاف كليمكين: «نحاول حاليا تركيز اهتمام شركائنا على الاعتراف ببحر آزوف سياسيا وقانونيا منطقة إقليمية عادية، وذلك لمواجهة التلاعب والمضاربات التي يجري الحديث عنها».
وأشار كليمكين إلى أن بلاده ستطرح الأمر على التحكيم في إطار اتفاقية قانون البحار، للحصول على استنتاجات قانونية ليصبح بحر آزوف ومضيق كيرتش، منطقة إقليمية دولية. وأشار وزير خارجية أوكرانيا، إلى ضرورة تطوير الوجود العسكري الأوكراني على سواحل بحر آزوف. ويسمح هذا التطور لكييف باستخدام مبادرة ترسيم الحدود مع روسيا، في تقديم الشكاوى لدى المحاكم الدولية. كما يوفر قاعدة قانونية لوجود عسكري غربي في المنطقة بناء على طلب أوكراني.
تزامن هذا التوتر مع انطلاق أعمال الدورة البرلمانية الجديدة في أوكرانيا، بعد انتهاء عطلتها الصيفية، ويستعد مجلس «الرادا» لمناقشة نحو 50 مشروع قانون خلال هذه الدورة، بينها 20 مشروعا موجها ضد روسيا وصفتها وسائل إعلام أمس، بأنها تشكل «عشرين ضربة قوية لموسكو».
وغالبية مشروعات القوانين المقترحة تقدمت بها الخارجية الأوكرانية لإقرارها في البرلمان، وعلى رأسها قانون إلغاء معاهدة الصداقة الموقع بين البلدين في العام 1997، ووفقا للمشروع المقدم، فإن روسيا انتهكت الباب الثاني في الاتفاقية الذي ينص على «احترام وحدة وسلامة أراضي البلدين الموقعين على الاتفاقية والحدود القائمة بينهما». ورأت نائب رئيس «الرادا» ايرينا غيراشينكو أن المعاهدة التي تنتهي الخريف المقبل «لن تمدد تلقائيا»، وسيتم إلغاء العمل بها، كما «ستقوم أوكرانيا برفع دعوى قضائية ضد روسيا أمام المحاكم الدولية المختصة بسبب انتهاك موسكو وثيقة دولية وقعت عليها».
وينظر مشروع قرار آخر قدمته الخارجية بتمديد العمل بقانون «الوضع الخاص» لشرق أوكرانيا الذي تم وضعه في العام 2014 على خلفية اتهامات بتوغل عسكري روسي في هذه المنطقة. كما يناقش «الرادا» مشروع قانون يحظر عمل وسائل الإعلام الروسية على أراضي أوكرانيا، لأنها «تمارس حربا إعلامية عبر تزوير الحقائق لا تقل خطورة عن الدبابات والمدافع التي أرسلتها موسكو إلى شرق أوكرانيا»، وفقا لتعليق نائب في البرلمان أمس.
وبين مشروعات القوانين المقدمة لإقرارها، قانون بفرض عقوبة جنائية «على من ينكر العدوان العسكري الروسي على أوكرانيا»، في تطور ينذر بفرض قيود واسعة على الأطراف المتعاطفة مع روسيا داخل أوكرانيا. وآخر يدعو إلى تقليص الحقوق الممنوحة للروس على أراضي أوكرانيا، ويحظر السفر إلى روسيا إلا للضرورة، كما يحظر مشروع ثالث دخول الكتب والأفلام السينمائية والفنانين من روسيا.
في الشق الاقتصادي، تفرض مشروعات قوانين جديدة قيودا على البضائع الروسية ونشاط المصارف الروسية في أوكرانيا، ويمنح أحد القوانين «وضعا خاصا» للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية كونها تابعة للكنسية الروسية، علما بأن غالبية الأوكرانيين يتبعون المذهب الكاثوليكي.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن نواب أن أحد القوانين المقترحة يتعلق باللغة الرسمية للبلاد، في مراجعة لقانون سابق كان ينص على اعتبار الروسية لغة رسمية ثانية في بعض الأقاليم التي تقطنها أقليات ناطقة بالروسية، لكن المحكمة الدستورية أوقفت العمل بهذا القانون في وقت سابق، ما استدعى إعادته إلى «الرادا» لوضع قانون جديد حول لغة البلاد الرسمية.
ولفتت أوساط أوكرانية إلى الأهمية الخاصة لمناقشات البرلمان الأوكراني والقوانين التي يجري الإعداد لسنها خلال هذا الموسم، باعتبار أن هذه الدورة تسبق مباشرة انتخابات الرئاسة الأوكرانية في مارس (آذار) المقبل، وانتخابات البرلمان في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل، ما يعني أنّها تضع الأسس القانونية لتعامل أي رئيس أو حكومة جديدة مع ملف «العدوان الروسي».
وقال نواب أوكرانيون أمس إن الأهداف الأساسية التي وضعها المشرعون في أوكرانيا لتحقيقها خلال هذه الدورة هي «تعزيز أمن أوكرانيا في مواجهة العدوان، وتعزيز التحالف مع حلف الأطلسي، والتكامل مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز قدرات الجيش الأوكراني». ويشير الهدف الأخير إلى توجه وزارة الدفاع الأوكرانية إلى فتح قناة اتصال خاصة مع وزارة الدفاع الأميركية، مهمّتها تسهيل حصول أوكرانيا على أسلحة ومعدات أميركية. كما أشار نواب في الرادا إلى اقتراح قدم للمناقشة خلال هذه الدورة، يسمح بإجراء استفتاء لإدخال تعديل على بند في الدستور يحظر إقامة قواعد عسكرية أجنبية على أراضي أوكرانيا. ويهدف التعديل إلى وضع استثناء يتيح نشر قواعد أميركية لمساعدة أوكرانيا على مواجهة «التوسع الروسي».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.