الكنيسة المصرية توقف راهباً وتجرد آخر من الصفة الدينية

ينتميان إلى دير «أبو مقار» المثير للجدل

TT

الكنيسة المصرية توقف راهباً وتجرد آخر من الصفة الدينية

في إجراء لافت جديد، أعلنت الكنيسة المصرية، بشكل رسمي، أمس، تجريد راهب من صفته الدينية الرفيعة، وتوقيف آخر لمدة عام عن ممارسته مهامه، وكلاهما من المنتمين لدير «أبو مقار» المثير للجدل، الذي شهد نهاية يوليو (تموز) الماضي حادث مقتل رئيسه الأنبا إبيفانيوس، ووجهت النيابة العامة تهمه قتله لاثنين من «الرُهبان» العاملين بالدير.
وأفادت المجلة الرسمية للكنيسة بأن لجنة الرهبنة وشؤون الأديرة، التي يرأسها بابا الأقباط الأرثوذوكس تواضروس الثاني، قررت تجريد الراهب يعقوب المقاري، على خلفية تأسيسه ديراً خارج سلطة الكنيسة، وجمعه تبرعات دون الحصول على موافقة، وقررت عودته لاسمه العلماني (المدني قبل التحول للرهبنة) شنودة وهبة عطا الله.
وشرحت أن «الراهب لم يستجب لجميع محاولات المطارنة والأساقفة لحل أزمة الدير الذي أنشئ دون موافقة قانونية من الكنيسة، وخرج عن مبدأ الطاعة والسلوك الرهباني»، وحذرت من «تنظيم رحلات لديره، أو تقديم أي تبرعات له، لأنه أصبح محروماً كنسياً».
وفي 29 يوليو الماضي، عثر على الأنبا إبيفانيوس مقتولاً، خارج مقر إقامته بالدير، وأجرت النيابة التحقيق مع 145 راهباً بالدير، وتنظر محكمة الجنايات، في 23 من سبتمبر (أيلول) الحالي، أولى جلسات محاكمة الراهبين السابقين المتهمين بقتله.
وأثارت واقعة مقتل القيادي الكنسي البارز داخل الدير عاصفة غير مسبوقة في الكنيسة المصرية، وأعقبتها قرارات حاسمة من بابا الأقباط الأرثوذكس، الذي قرر في أعقاب الحادث تعليق الرهبنة أو قبول أعضاء جدد في جميع الأديرة القبطية الأرثوذكسية لمدة عام، بدأ من أغسطس (آب) الماضي، كما حظرت على الأساقفة الظهور في وسائل الإعلام لأي سبب وبأي وسيلة (سواء كانت فضائيات أو صحفاً)، ومنحتهم شهراً لغلق أي حسابات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «فيسبوك»، وكان في مقدمة من أغلقوا حساباتهم البابا تواضروس، الذي أعلن وقف العمل بحسابه الرسمي على الموقع الأزرق.
من جهة أخرى، قررت لجنة الرهبنة، وقف الراهب يوئيل المقاري، الراهب بالدير ذاته لسنة كاملة، وذلك بعد إدانته من قبل اللجنة بـ«الظهور الإعلامي، بالمخالفة لقرار الحظر المفروض على الرهبان في هذا الصدد». وأوضح المجلس الرسمي للكنيسة أن الراهب الموقوف مؤقتاً «ارتكب، فضلاً عن ظهوره الإعلامي، مخالفة تتعلق بالإساءة لبابا الأقباط الراحل شنودة الثالث».
وعبرت لجنة الرهبنة، في بيان الإيقاف، عن أنها «تكن التقدير للبابا الذي رحل عام 2017، بعد قيادة الكنيسة لأكثر من أربعين سنة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم