واشنطن وإسلام آباد أمام تحديات الخلاف حول الإرهاب

تعليق المساعدات عام 2011 بعد مقتل بن لادن في مدينة أبوت آباد

TT

واشنطن وإسلام آباد أمام تحديات الخلاف حول الإرهاب

أعلنت الولايات المتحدة، الأحد، عزمها إلغاء 300 مليون دولار من المساعدة الأمنية إلى باكستان المتهمة بتقديم دعم مستمر لمجموعات متطرفة في أفغانستان. إلا أن إسلام آباد والمحللين يقللون من أهمية مثل هذا الإجراء على حكومة عمران خان الذي تولى مهامه قبل أسبوعين. كما أن الولايات المتحدة أعلنت عن هذا الإجراء مسبقاً في يناير (كانون الثاني) الماضي.
لكن الموضوع سيكون في كل الأحوال على جدول أعمال زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو المقررة في الأسبوع الحالي إلى باكستان والتي يفترض أن يلتقي خلالها نظيره الجديد شاه محمود قريشي. رغم نفي إسلام آباد المتكرر، لدى واشنطن قناعة بأن باكستان تلعب دوراً مزدوجاً، وتتهمها بدعم حركة طالبان التي تشن اعتداءات دامية في أفغانستان المجاورة بينما تتلقى مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية، السبت، إعادة برمجة 300 مليون دولار كانت مخصصة لباكستان «في غياب اتخاذ إجراءات حاسمة» من قبل هذه الدولة، لكن لا يزال يتعين على الكونغرس المصادقة على القرار.
وسارع قريشي إلى التقليل من أهمية القرار، مؤكداً أن المساعدة جزء من مدفوعات تم إعلان تجميدها في يناير في إطار «صندوق دعم التحالف» لإعادة تسديد نفقات باكستان المرتبطة بعمليات مكافحة الإرهاب. وعلقت هوما يوسف، المحللة لدى مركز «ويلسون سنتر» في واشنطن، بأن «الأمر لا يتعلق بخفض جديد للمساعدة، بل هو تطبيق لقرار إلغاء سابق». تتهم واشنطن وكابول باكستان بدعم مجموعات مسلحة متطرفة على غرار حركة طالبان الأفغانية وشبكة حقاني الذي يوفر المأوى لعناصرها في المناطق الحدودية مع أفغانستان. وتطالب واشنطن بوقف الدعم الذي تنفيه إسلام آباد بحجة كلفته العالية من الضحايا والمال في إطار مكافحة الإرهاب. في الوقت الذي تلحق فيه حركة طالبان خسائر بالقوات الأفغانية، رغم دعم أكثر من 14 ألف جندي أميركي ناشطين في البلاد، يطالب البنتاغون من باكستان أن تحث طالبان على خوض محادثات سلام مع كابل. وأوضح راندال ج. شرايفر، المسؤول في وزارة الدفاع المكلف شؤون آسيا والمحيط الهادي، الأربعاء «لا شك في أننا في حاجة إلى مساعدة باكستان من أجل تشجيع حركة طالبان وحضها وممارسة الضغوط عليها بهدف قدومها إلى طاولة المفاوضات».
وتابع المسؤول خلال مؤتمر أمام مؤسسة «كارنيغي» لقد «اتخذنا القرار بخفض مساعدتنا وفرض قيود... على باكستان لإقناعها بمواصلة السير في هذه الطريق وممارسة نفوذها على طالبان». وحصلت باكستان بحسب الأرقام الأميركية على أكثر من 33 مليار دولار من المساعدات الأميركية منذ عام 2002، وتم تعليق هذه المساعدة في الماضي خصوصاً في عام 2011 بعد العملية الأميركية على مدينة أبوت آباد التي قتل فيها أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة.
لكن لا يبدو أن واشنطن تريد قطع كل الجسور مع باكستان، حيث الشعور المعادي للولايات المتحدة قوي جداً. والولايات المتحدة في حاجة إلى الوصول إلى المجال الجوي لباكستان وطرق الإمداد التي تمر عبرها إلى أفغانستان، حيث لا يزال لديها وجود عسكري ملحوظ. من جهة أخرى، باكستان هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي تملك السلاح النووي وواشنطن تريد ضمان عدم وقوعه في أيدي متطرفين. يأتي الإعلان الأميركي بعد بضعة أسابيع على وصول بطل الكريكت السابق عمران خان إلى سدة الحكم، والذي كان أعلن في الماضي تأييده الحوار مع المتمردين. تقول يوسف، إن خان «يدعو منذ زمن إلى عملية سلام في أفغانستان»، مضيفة أن «إطلاق حوار معه مع محاولة إرغامه على الرضوخ سيؤدي إلى نتيجة عكسية».
خصوصاً أن خان عندما كان في صفوف المعارضة، وجه انتقادات حادة إلى الولايات المتحدة. ودعا بعد إعلان العقوبات في يناير إلى «رد قوي» على واشنطن، لكنه تبنى لهجة أكثر تصالحاً منذ توليه منصبه، وبات يدعو إلى علاقات «متوازنة». تقول ماريا سلطان، المحللة المتخصصة في شؤون الدفاع، إن القرار الأميركي «ضعيف جداً ومتأخر جداً حتى يؤثر على قرارات باكستان». وكانت باكستان حوّلت أنظارها منذ سنوات إلى الصين، وذلك على خلفية فتور علاقاتها مع واشنطن، ويجري العمل حالياً على تنفيذ مشروع ضخم للبنى التحتية بقيمة نحو 60 مليار دولار في باكستان بالتعاون مع الصين.


مقالات ذات صلة

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)
أفريقيا استنفار أمني صومالي في العاصمة مقديشو (متداولة)

مقتل 10 من عناصر حركة «الشباب» بغارة أميركية في الصومال

نفّذت الولايات المتحدة ضربة جوية في جنوب الصومال أسفرت عن مقتل عشرة من عناصر حركة «الشباب»، وفق ما أفاد الجيش الأميركي، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.