الروبل الروسي يلتقط الأنفاس في «وقت مستقطع» بين العقوبات

وزير التجارة: انخفاض قيمة العملة المحلية لم يكن كارثياً

الروبل الروسي يلتقط الأنفاس في «وقت مستقطع» بين العقوبات
TT

الروبل الروسي يلتقط الأنفاس في «وقت مستقطع» بين العقوبات

الروبل الروسي يلتقط الأنفاس في «وقت مستقطع» بين العقوبات

بعد تراجع كبير لسعر الروبل الروسي مقابل الدولار، استقرت العملة المحلية الروسية إلى حد كبير خلال تعاملات الأسبوع الحالي. وفي المرحلة الحالية، التي تبدو أقرب إلى «وقت مستقطع» ما بين عقوبات فرضتها الولايات المتحدة ضد روسيا سابقاً، وأخرى تستعد لتبنيها لاحقاً، يستمر الحديث في الأوساط الاقتصادية الرسمية والبحثية الروسية، حول تأثير تلك العقوبات على الاقتصاد الروسي، وبصورة خاصة على سعر العملة الوطنية، وارتباط تقلباتها بالعوامل الخارجية مثل أسعار النفط، والوضع الجيوسياسي، والأزمات في العلاقات بين روسيا والغرب.
في هذا السياق، قالت وزارة التجارة والصناعة الروسية إن الروبل - وإن تراجع أمام الدولار نتيجة العقوبات - فإن تراجعه لم يكن كارثياً، وأكدت أنها تجري محادثات مع عدد من دول العالم لاعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري عوضاً عن الدولار. أما الخبراء فقد رأوا أن العقوبات الغربية أصبحت عامل تأثير رئيسياً على الروبل، وخففت من ارتباطه بأسعار النفط، لتحرمه بذلك من جني أرباحها.
وقال دينيس مانتوروف، وزير التجارة والصناعة الروسي في تصريحات أمس، إن «قيمة الروبل قد انخفضت، لكن ليس إلى مستويات دراماتيكية»، والفضل في ذلك يعود إلى استعداد المنتجين الروس للعقوبات، وقال إن «البعض تنبأ بالوضع، والبعض الآخر توقع ذلك، وهناك من ذهب إلى تخزين كميات إضافية من المنتجات في المستودعات (تحسباً لما هو قادم). ولا يوجد اليوم أي دراما».
وتعرّض الروبل الروسي هذا العام لأكثر من «ضربة»، أكثرها إيلاماً جاءت في مطلع أبريل (نيسان) الماضي، حين أعلنت الولايات المتحدة عن عقوبات ضد أثرياء روس، يسيطرون على شركات استراتيجية. وفضلاً عن خسائر كبيرة لتلك الشركات، بلغت حينها نحو 16 مليار دولار خلال يوم واحد، تراجعت قيمة الروبل الروسي نحو 10 في المائة أمام الدولار واليورو.
وجاءت «الضربة» الثانية في أغسطس (آب) الماضي، حين أعلنت الخارجية الأميركية عن حزمة عقوبات جديدة، بالتزامن مع أنباء حول دراسة الكونغرس عقوبات أخرى أكثر تشدداً، وموجهة بصورة خاصة ضد قطاع المال الروسي.. وعلى وقع تلك الأنباء تراجع الروبل مجدداً، وخسر 7.5 في المائة من قيمته أمام الدولار، و6.7 في المائة أمام اليورو. وللحد من تأثير العقوبات، أعلنت روسيا عزمها العمل مع بعض الدول لاعتماد العملات الوطنية عوضاً عن الدولار في التبادل التجاري. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تصريحات سابقة، إن روسيا لا تنوي التخلي عن الدولار، لكنها تدرك المخاطر الناجمة عن العقوبات، وتحاول التقليل منها. وأكد بوتين وجود محادثات تجري منذ زمن مع أكثر من دولة لاعتماد العملات الوطنية عوضاً عن الدولار في التبادل التجاري. ويوم أمس قال مانتوروف، إن «العمل في هذا المجال مستمر؛ لكنه ليس بالأمر السهل».
وعلى الرغم من أن أكثر من مسؤول روسي وضع التخلي عن الدولار في سياق الرد الروسي على العقوبات الأميركية، أكد مانتورف أن «هذه العملية لم تبدأ بموجب صيغة الرد على العقوبات. ونحن نقوم بهذا العمل بشكل منظم منذ سنوات عدة، وقد تراكمت لدينا الخبرة والتجربة العملية، في العمل مع البنوك الخاصة والحكومية، في تلك الدول، حيث يكون من المربح لنا القيام بذلك»، وأكد أن «العمل لاعتماد العملات الوطنية يجري بنشاط مع دول الشرق الأوسط، وجنوب – شرق آسيا، وحتى دول أميركا اللاتينية وأفريقيا».
إلى ذلك، يرى محللون أن العقوبات الأميركية أثرت بشكل كبير على الروبل الروسي، ويقولون إن الروبل وإن لم «يفك ارتباطه» نهائياً بتقلبات أسعار النفط في السوق العالمية، إلا أنه بات اليوم أسير العقوبات الغربية، والوضع في الأسواق الناشئة.
وفي تقرير حول العلاقات بين تقلبات العملية الروسية وتقلبات أسعار النفط، قالت صحيفة «آر بي كا» الروسية، إن الارتباط ما بين أسعار النفط وتقلبات العملية الوطنية يتراجع منذ عامين، وبعد عقوبات شهر أبريل الأميركية ضد روسيا تراجع تأثير تقلبات أسعار النفط على سعر الروبل بمرتين، من 44 حتى 17 في المائة، وبذلك يكون تأثير النفط على الروبل قد تراجع إلى أدنى مستويات منذ عام 2014.
وقال الخبير الاقتصادي فلاديمير تيخوميروف، إن «تأثير العقوبات صعد إلى المرتبة الأولى ضمن عوامل التأثير على الروبل الروسي، وذلك منذ أن وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب قانون (التصدي لأعداء أميركا عبر العقوبات)». ويشير الخبير الروسي إلى أن سعر برميل النفط ارتفع خلال الفترة الماضية من 52 حتى 77 دولاراً للبرميل، دون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع الروبل، الذي على العكس، تراجعت قيمته أمام الدولار، بعد أن حالت العقوبات دون استفادته من الوضع الإيجابي في أسواق النفط العالمية.



وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

العاصمة الرياض (رويترز)
العاصمة الرياض (رويترز)
TT

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

العاصمة الرياض (رويترز)
العاصمة الرياض (رويترز)

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

ويأتي هذا الطرح الأول لهذا العام بعد اعتماد خطة الاقتراض السنوية 2025، مطلع هذا الأسبوع، باحتياجات تمويلية متوقعة في السنة المالية قيمتها 37 مليار دولار. وقال المركز الوطني لإدارة الدَّين في السعودية، في بيان يوم الثلاثاء، إن الشريحة الأولى تضمنت سندات قيمتها 5 مليارات دولار لأجل 3 سنوات، والثانية 3 مليارات لأجل 6 سنوات، والثالثة 4 مليارات لأجل 10 سنوات.

وأضاف أن إجمالي الطلبات بلغ نحو 37 مليار دولار، وهو ما يعادل زيادة في الاكتتاب بنحو 3 أضعاف الإصدار. وأوضح أن هذه الخطوة تعدّ ضمن استراتيجية المركز الوطني لإدارة الدَّين، لتوسيع قاعدة المستثمرين، لغرض تلبية احتياجات المملكة التمويلية من أسواق الدَّين العالمية بكفاءة وفاعلية.

ويبيّن حجم الإقبال من قبل المستثمرين الدوليين على أدوات الدَّين الحكومية ثقتهم بمتانة الاقتصاد السعودي، ومستقبل الفرص الاستثمارية فيه. وذكرت خدمة «آي إف آر» لأخبار أدوات الدخل الثابت، الاثنين، أنه تسنى خفض سعر العائد على سندات الشريحة الأولى، مما يشير إلى شهية قوية من المستثمرين. وقال المركز الوطني لإدارة الدَّين في بيان يوم الأحد، إن المملكة «تستهدف خلال عام 2025 الاستمرار في تنويع قنوات التمويل المحلية والدولية، لتغطية الاحتياجات التمويلية بالكفاءة المطلوبة، وذلك بإصدار أدوات دَين سيادية. بالإضافة إلى الاستفادة من فرص الأسواق للتوسع في تنفيذ عمليات تمويل خاصة... كالتمويل عبر وكالات ائتمان الصادرات، وتمويل مشـاريع تطوير البنية التحتية، وتمويل النفقات الرأسمالية، ودراسة الفرص المتاحة للدخول في أسواق وعملات جديدة».

وتتوقع المملكة عجزاً مالياً بقيمة 27 مليار دولار في 2025، مع استمرارها في الإنفاق الاستراتيجي على المشروعات المرتبطة بـ«رؤية 2030». ووافق وزير المالية محمد الجدعان يوم الأحد على خطة الاقتراض السنوية للمملكة، والتي تقدر الاحتياجات التمويلية على مدى العام الحالي بنحو 139 مليار ريال (37.02 مليار دولار).

وتهدف الخطة إلى «تغطية العجز المتوقع في الميزانية العامة للدولة لعام 2025... وسداد مستحقات أصل الدَّين خلال العام الحالي 2025 البالغة ما يعادل 38 مليار ريال». وقال «صندوق الاستثمارات العامة» الاثنين، إنه حصل أيضاً على تسهيل ائتماني للمرابحة بسبعة مليارات دولار، وهو شكل من أشكال التمويل الإسلامي. وكانت بنوك «سيتي» و«غولدمان ساكس إنترناشيونال» و«جيه بي مورغان» مشترِكة، منسِّقة عالمية ومنظِّمة لإصدار السندات السيادية السعودية.

وكانت وكالة «موديز» قد رفعت تصنيف المملكة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى «إيه إيه 3»، بعد تصنيف «فيتش» لها عند «إيه+»، وكلاهما مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وقدرة عالية على الوفاء بالالتزامات المالية، مع مخاطر ائتمانية منخفضة. في حين تصنّف «إس آند بي غلوبال» المملكة عند «إيه/ إيه- 1» مع نظرة مستقبلية «إيجابية»، وقدرة جيدة على الوفاء بالالتزامات المالية، مع مخاطر ائتمانية منخفضة نسبياً.

وقدّر صندوق النقد الدولي نسبة الدَّين العام إلى الناتج المحلي في المملكة عند 26.2 في المائة في 2024، ووصفه بأنه منخفض، وفي حدود يمكن الاستمرار في تحملها. وذكر أن الاقتراض الأجنبي سيواصل الاضطلاع بدور رئيسي في تمويل العجز؛ وهو ما يؤدي إلى أن تبلغ نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي نحو 35 في المائة بحلول عام 2029.