هل من الضروري منع الهواتف في المدارس؟

عقب إقرار فرنسا قانونا بحظرها تماماً في المرحلتين الابتدائية والإعدادية

تحسنت نتائج الطلاب بالمدارس التي حظرت استخدام الهواتف (بيزنس انسيدر)
تحسنت نتائج الطلاب بالمدارس التي حظرت استخدام الهواتف (بيزنس انسيدر)
TT

هل من الضروري منع الهواتف في المدارس؟

تحسنت نتائج الطلاب بالمدارس التي حظرت استخدام الهواتف (بيزنس انسيدر)
تحسنت نتائج الطلاب بالمدارس التي حظرت استخدام الهواتف (بيزنس انسيدر)

مع بداية موسم دراسي جديد، يذهب الطلاب الفرنسيون بالمدارس الابتدائية والمتوسطة (الإعدادية) لأول مرة بلا هواتف محمولة، في وقت تطبق فيه مدارس بريطانية هذا القرار من دون قانون، ليتجدد الجدل مرة أخرى عن التأثير السلبي للهواتف مقابل ميزاتها في التواصل.
ويأتي المنع الفرنسي عقب منع الهواتف في المدارس منذ سنوات، لكن الحظر يتم هذا العام بموجب قانون صدر في آخر يوليو (تموز) الماضي، عقب وعد انتخابي من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شاملاً نحو 12 مليون تلميذ، أما المدارس الثانوية فقد تُرك لها حرية القرار، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويشمل المنع الهواتف الجوالة، وأي جهاز موصول بالإنترنت، من هواتف وأجهزة لوحية وساعات، وقد انحاز المشرعون للقانون إلى بحث من كلية لندن للاقتصاد عام 2015، وجد أن المدارس التي تحظر الهواتف يحصل طلابها على درجات أعلى، بحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، ويشمل القانون فترات الراحة وأوقات تناول الوجبات.
كان وزير التعليم الفرنسي جان ميشال بلانكر قد صرح قائلاً: «في هذه الأيام، لا يلعب الأطفال في أوقات فراغهم، بل فقط أمام هواتفهم الذكية! ومن وجهة نظر تعليمية، هذه مشكلة»، بحسب ما ذكرت شبكة «سي إن إن».
ويرى مؤيدو القرار أن الهواتف والأجهزة تشتت الانتباه في الفصل الدراسي، وتدفع الطلاب للخمول، فتجعلهم قليلي الحركة، إضافة إلى مخاطر المضمون العنيف أو الإباحي المحتمل.
ويأمل مشرعو القانون في مساعدة الأطفال في تكوين صداقات بسهولة، وأن يكونوا أكثر نشاطاً، فضلاً عن المساعدة في معالجة «التنمر الإلكتروني»، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وعلى خُطى فرنسا، دعا وزير الثقافة البريطاني، مات هانكوك، لمزيد من الحظر للهواتف الجوالة في المدارس البريطانية، في تصريح له في يونيو (حزيران) الماضي، مضيفاً في تصريحات لصحيفة «الغارديان» أنه لا يسمح لأطفاله بالحصول على هواتفهم الخاصة، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لكنه رفض فكرة التشريع لوقف استخدامها في المدارس.
وفي تقرير نشرته صحيفة «ديلي إكسبرس» البريطانية، اليوم (الثلاثاء)، فإن 60 في المائة من أولياء الأمور في بريطانيا يوافقون على منع استخدام الهواتف في أثناء الصف، لكن 27 في المائة منهم يرون أنه يجب إتاحة الهواتف المحمولة في وقت الراحة، فيما يُقر ثلثا أولياء الأمور بأن الهواتف الجوالة يُمكن استخدامها كأداة للتنمر ضد أبنائهم.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن القلق الأكبر من استخدام الهواتف المحمولة في الفصول هو أنها تشغل الطلاب عن الدراسة، وأن المدارس يجب أن تتحمل المسؤولية كاملةً في حماية الأطفال من مخاطر الإنترنت خلال الدراسة.
وفي سياق متصل، قال الخبير التربوي المصري كمال مغيث إن كثيراً من الدول العربية لم تلتفت بعد إلى ضرورة وجود تشريع حظر الهواتف الذكية في المدارس، قائلاً إنه أحياناً يتم الحظر في الامتحانات لتفادي ظاهرة الغش.
ويرى مغيث في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، اليوم، أن تأثير تلك الأجهزة «كارثة محققة» على انتباه واستيعاب الطلاب في مرحلة التعليم الأساسي، وأنه يجب منعها بالفصول حتى يتسنى للمدارس القيام بواجبها إزاء التنشئة الاجتماعية للطلاب.
وأكد الخبير التربوي أن الجاذبية الشديدة للهواتف الذكية تؤثر على إدراك الطلاب، مشيراً إلى أنه على أولياء الأمور في الدول العربية التنبه إلى ذلك، وعدم السماح للطلاب بحمل الهواتف والأجهزة الذكية إلى المدارس، ثم يأتي دور المدارس في المدرسة كمؤسسة ثقافية وتربوية في تحقيق التنشئة الاجتماعية للطلاب، وتعارفهم وتنمية مهاراتهم.
ولتفادي الآثار السلبية للهواتف على الطلاب، يقترح الخبير التكنولوجي أيمن صلاح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يصطحب الطلاب هواتف غير ذكية، التي تمتاز بأنها ليس لها الضرر نفسه الواقع من الأجهزة الذكية على إدراك الطلاب، وإنها توفر «التواصل» بين الطالب وأهله، دون الحاجة للاتصال بالإنترنت، ومن ثَم تشتيت الانتباه.
يذكر أن حزب الليبراليين في سويسرا قد اقترح حظر الهواتف في المدارس، على غرار التجربة الفرنسية، لأن «الطلاب في الصفوف الخالية من الهواتف الجوالة تحسنت نتائجهم المعرفية»، بحسب موقع «بيزنس إنسيدر».
بالإضافة إلى أن اليابان، التي انتبهت مبكراً إلى تأثير الهواتف على الأطفال، وضعت في أغسطس (آب) 2014 قواعد صارمة للهواتف الذكية بالمدارس. ففي مدينة كاريا، بمقاطعة إيتشي، بوسط اليابان، ناشدت كل مدارس التعليم الأساسي والمدارس الإعدادية، البالغ عددها 21 مدرسة في المدينة، الأسر بوضع قواعد بناء على الخطوط الإرشادية التي تدعو أولياء الأمور إلى الامتناع عن شراء هواتف ذكية لأطفالهم.


مقالات ذات صلة

كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

تكنولوجيا كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

كيف تستخدم صور الهاتف للبحث على الإنترنت؟

الصورة تساوي ألف كلمة، لكنك لا تحتاج إلى كتابة أي منها من أجل البحث على الإنترنت هذه الأيام، إذ تستطيع البرامج الموجودة على هاتفك، بمساعدة الذكاء الاصطناعي....

جيه دي بيرسدورفر (نيويورك)
تكنولوجيا بطاريات «مورفي» الخارجية للهواتف

دليلك لاستغلال البطارية القديمة... لأطول وقت ممكن

خطوات للاستفادة منها أو استبدالها أو إصلاحها

الاقتصاد شعار أكبر مصنع أشباه موصّلات في العالم فوق شريحة إلكترونية (رويترز)

أزمة لأكبر مصنع أشباه موصّلات في العالم بسبب هاتف «هواوي» الجديد

علّقت شركة تصنيع أشباه الموصّلات التايوانية «تي إس إم سي»، شحناتها إلى شركة تصميم الرقائق الصينية «سوفغو» بعد العثور على شريحة خاصة بها في معالج «هواوي» الحديث.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق تحوّلت الهواتف الذكية بما فيها من تطبيقات إلى إدمان العصر (رويترز)

كيف تقطع يدك الافتراضية... 7 خطوات للحدّ من الإدمان على الهاتف

باتت الهواتف الذكية امتداداً لليَد البشريّة، وكأنها يدٌ جديدة التصقت بها. العيون لا تفارقها ليل نهار، فهل من سبيل للتخفيف من هذا الإدمان المستجدّ؟

كريستين حبيب (بيروت)

يوناني في الثمانينات من عمره يبدأ الدراسة بعد حياة كادحة

اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)
اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)
TT

يوناني في الثمانينات من عمره يبدأ الدراسة بعد حياة كادحة

اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)
اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة (موقع بانايوتاروبولوس)

كثيراً ما كان اليوناني فاسيليس بانايوتاروبولوس متعطشاً للمعرفة، لكنه اضطُر لترك التعليم عندما كان في الثانية عشرة من عمره لمساعدة والده في العمل بالحقل.

ويقول بانايوتاروبولوس: «كل شيء أتعلمه مثير للاهتمام، ووجودي هنا أمر ينير العقل».

وفي تمام الساعة 7:45 مساءً، رن الجرس في فصل آخر، وها هو عالَم اليونان الكلاسيكي يستدعي الرجل المتقاعد الذي وضع حقيبته المدرسية وكتبه على مكتب خشبي صغير.

وببدلته الداكنة وحذائه اللامع، لا يبدو بانايوتاروبولوس أنيقاً فحسب في الغرفة التي تزين جدرانها رسومات الجرافيتي، بل هو أيضاً أكبر طالب يحضر في المدرسة الليلية الثانية في وسط أثينا.

فعلى الأقل نصف زملائه في الصف هم في عمر أحفاده، وقد مر ما يقرب من 70 عاماً منذ آخر مرة ذهب فيها الرجل الثمانيني إلى المدرسة.

ويقول التلميذ الكبير وهو يسترجع ذكريات طفولته في إحدى قرى بيلوبونيز: «تركت المدرسة في سن الثانية عشرة لمساعدة والدي في الحقل، لكن كان لدي دائماً في عقلي وروحي رغبة في العودة، وتلك الرغبة لم تتلاشَ قط».

وعندما بلغ الثمانين، أخبر التلميذ الحالي وصاحب المطعم السابق زوجته ماريا، وهي خياطة متقاعدة، بأنه أخيراً سيحقق رغبته، فبعد ما يقرب من 5 عقود من العمل طاهياً وفي إدارة مطعم وعمل شاق وحياة شاقة في العاصمة اليونانية، دخل من بوابات المدرسة الليلية الثانية في العام الماضي.

واليوم هو مُسجَّل في صف من المفترض أن يحضره المراهقون في سن الخامسة عشرة من عمرهم، وهي الفكرة التي جعله يبتسم قبل أن يضحك بشدة ويقول: «آه، لو عاد بي الزمن للخامسة عشرة مرة أخرى، كثيراً ما كان لديَّ هذا الحلم بأن أنهل من نبع المعرفة، لكنني لم أتخيل أن يأتي اليوم الذي أعيش الحلم بالفعل».