الفلسطينيون والأردنيون يختلفون مع إسرائيل في تفسير «الكونفدرالية»

الفكرة قديمة اقترحتها تل أبيب من دون القدس وقطاع غزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
TT

الفلسطينيون والأردنيون يختلفون مع إسرائيل في تفسير «الكونفدرالية»

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

قالت صحيفة مصادر إسرائيلية إن إسرائيل هي الجهة التي اقترحت على الأميركيين فكرة الكونفدرالية الفلسطينية - الأردنية، على أن تقام بين الضفة الغربية والأردن، ولا تشمل بأي حال، القدس وقطاع غزة.
وجاء في تقرير نشرته صحيفة «هآرتس»، أن المقترح الأميركي الذي عرض على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لم يكن سوى فكرة إسرائيلية بالأساس.
وكان عباس أعلن أنه يوافق على كونفدرالية مع المملكة الأردنية إذا كانت إسرائيل جزءاً منها.
وأوضح عباس في لقاء مع نشطاء سلام إسرائيليين، أنه أبلغ هذا الكلام لمبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترمب؛ صهره جاريد كوشنير والمفاوض جيسون غرينبلات، حينما التقيا به في رام الله العام الماضي.
وقال عباس، كما نشرت وسائل إعلام إسرائيلية: «سُئلت إذا كنت أؤمن بالفيدرالية مع الأردن أم لا... أجبت: نعم، أريد إقامة كونفدرالية ثلاثية مع الأردن وإسرائيل. وسألت إذا كان الإسرائيليون يوافقون على هذا الاقتراح».
ويفهم من حديث عباس، أنه أراد إحراج الأميركيين والإسرائيليين، إذ طالما عرف عنه أنه مستعد لنقاش هذا الأمر، بعد إقامة الدولة الفلسطينية فقط.
وقال نبيل أبو ردينة، المتحدث الرسمي باسم السلطة الفلسطينية، إن فكرة الاتحاد الكونفدرالي كانت على أجندة القيادة الفلسطينية منذ عام 1984، لكنه أكد أن حل الدولتين هو شرط أساسي لأي اتفاق مستقبلي مع الأردن، وأن القرار سيعود للشعبين.
ويخالف التوجه الفلسطيني هذا، المقترح الإسرائيلي الذي ينص على أن تكون الضفة الغربية (دون القدس) تحت الرعاية الأمنية الأردنية، التي ستتولى حماية الحدود الأردنية - الفلسطينية مع إسرائيل، على أن تعلن إسرائيل ضم القدس الشرقية والمستوطنات.
أما قطاع غزة، فسيكون جزءاً خارج اتفاق الكونفدرالية، وسيجري إلحاقه أمنياً بمصر.
ومن غير الواضح، إن كانت دولة في الضفة الغربية ستحصل على اعتراف إسرائيلي أولاً، أم أنه سيتم التوقيع على الاتفاق الكونفدرالي من دون الاعتراف الإسرائيلي.
ولم توضح الصحيفة مصير الأغوار، وهي منطقة مختلف عليها بشدة، إذ ترفض إسرائيل الانسحاب منها في إطار أي اتفاق مستقبلي، كما لم توضح ما إذا كان الاقتراح يشمل إقامة برلمان وإقرار دستور مشتركين أو بشكل مستقل.
وإضافة إلى رفض السلطة للمقترح، رفض الأردن كذلك.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، إن ضم المملكة للضفة الغربية ليس مسألة مفتوحة للنقاش. وأضافت: «بحث الأردن لفكرة اتحاد كونفدرالي مع مناطق الضفة الغربية غير ممكن». وأكدت غنيمات أن موقف الأردن، الذي يستند على فكرة حل تكون فيه دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، هو ثابت وواضح.
وبحسب «هآرتس»، فإن سبب رفض الأردن للمقترح الإسرائيلي، هو الخشية من أن يكون ذلك تطبيقاً لـ«الوطن البديل» على أرضها، إضافة إلى اعتبار أن الأردن يتحول، بهذا الاتفاق، إلى «حارس حدود إسرائيل» وظيفته منع العمليات ضدها.
وتقول «هآرتس» إن عباس أعاد طرح الأمر لأنه في الكونفدرالية قناة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذ يعتقد أنه لا يمكن أن تقوم كونفدرالية بين كيانين ليسا دولتين، ولذلك، فإنه أصر على أن تكون إسرائيل شريكة، ليس للإقرار بفلسطين كدولة من ناحية الفكرة، إنما بحدودها ومكانتها، أيضاً.
والكونفدرالية، التي يتصورها عباس، ستلزم إسرائيل بإبرام اتفاقيات اقتصادية جديدة، ولتنسيق السياسات الخارجية مع الأردن والدولة الفلسطينية، وأن ترى فيهما شريكتين متساويتي القدر والمكانة.
أما التصور الإسرائيلي، فيرى الكونفدرالية اتفاقاً بين الضفة الغربية كـ«كانتون» (منطقة حكم ذاتي) معظم علاقاته مع الأردن اقتصادية، في حين يحدد الملك الأردني السياسات الخارجية والأمنية للكونفدرالية.
والكونفدرالية ليست فكرة جديدة على الإطلاق، وظهرت أول مرة في بداية الثمانينات، خلال مفاوضات جرت بين العاهل الأردني، الحسين بن طلال، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، وكانت الخطة مبنية على فكرة الفيدرالية التي اقترحها الملك حسين عام 1972، لربط الضفة الغربية بالشرقية وإقامة تعاون اقتصادي وأمني بينهما، مع الاعتراف بخصوصية الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، بما في ذلك إقامة حكم ذاتي.
لكن هذه المباحثات التي امتدت لسنوات فشلت، قبل أن ينهي العاهل الأردني المسألة، بإعلانه قرار فك ارتباط الضفة الغربية إدارياً وقانونياً مع المملكة الأردنية الهاشمية.
وفي إسرائيل، رفض مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية الإسرائيلية التعليق على الأمر، كما لم تعلق الإدارة الأميركية بشكل مباشر وفوري على مسألة الكونفدرالية، لكن وزيراً إسرائيلياً أعلن وفاة حل الدولتين، فيما عاد جيسون غرينبلات مبعوث الرئيس الأميركي، إلى مهاجمة عباس لأنه «يرفض السلام»، على حد قوله.
وقال وزير العلوم الإسرائيلي من حزب الليكود أوفير أكونيس: «إن حل الدولتين فارق الحياة تماماً»، مضيفاً أنه لن تقوم أبداً دولة «إرهاب» فلسطينية في الضفة الغربية.
وفي مقابلة إذاعية مع «هيئة البث الإسرائيلي»، رأى أكونيس أن البديلين هما «إما الحكم الذاتي أو كونفدرالية مع الأردن، ومع ذلك أعتبر تحقيق البديل الأخير احتمالاً ضئيلاً».
ولم تعجب تصريحات عباس حول الكونفدرالية، حركة حماس التي اعتبرت الفكرة بمثابة تصفية للقضية الفلسطينية. وقال الناطق باسمها حازم قاسم، في بيان: «حديث عباس عن قبوله كونفدرالية مع الأردن والكيان الصهيوني، تساعد الاحتلال في جهوده لأن يكون جزءاً طبيعياً في المنطقة». وأضاف: «الكونفدرالية تعني سرقة للقدس وإلغاء حق العودة وتصفية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)». وعدّ تصريحات الرئيس الفلسطيني خروجاً على الإجماع الوطني الفلسطيني.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.