مجلة «الفيصل» السعودية: مؤسسات المجتمع المدني وتحدياتها

مجلة «الفيصل» السعودية: مؤسسات المجتمع المدني وتحدياتها
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: مؤسسات المجتمع المدني وتحدياتها

مجلة «الفيصل» السعودية: مؤسسات المجتمع المدني وتحدياتها

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن باقة من المواد المتنوعة شملت مجالات مختلفة، إضافة إلى النصوص الأدبية. وجاء ملف العدد حول «مؤسسات المجتمع المدني... طموح تتهدده الشبهات»، انطلاقاً من الحاجة الملحة لمثل هذه المؤسسات في الوطن العربي، فلا دولة مدنية بلا مؤسسات مجتمع مدني، كما أنه لا مجتمع مدني في غياب الدولة المدنية، على أن الملف يتصدى للتحديات التي تواجه هذه المؤسسات، وأيضاً يتعرض للاتهامات التي تلاحقها من ناحية علاقتها بالغرب. شارك في الملف مجموعة من الكتاب والباحثين العرب، مثل: تركي الحمد، وحسن مدن، ونهلة الشهال، ومحمد اليحيائي، ومنير كشو، وأماني قنديل، وسامح إسماعيل، وعبد الرحمن الحبيب، وجعفر الشايب وآمال المعلمي.
وفي باب «حوار»، يرى د. خليل أحمد خليل في الحوار الذي أجرته معه الباحثة اللبنانية ريتا فرج، أن اللغة العربية افترست اللغات الأخرى، ونسيت تطوير نفسها، وأن مشكلة العالم العربي في استهلاكه للحداثات والحفاظ على انغلاقه.
وفي «دراسات»، يتأمل عبد الكريم المقداد «شعرية العتبات في الرواية الكويتية». ويقوم علاء خالد بـ«رحلة في رواية الصحراء كما هي عند إبراهيم الكوني وصبري موسى وعبد الرحمن منيف». وفي «قضايا» يكشف المفكر اللبناني علي حرب مأزق الإسلاميين، متسائلاً: «متى تكف المؤسسة الدينية عن التصرف كمعسكر عقائدي، وتركز على القيم الجامعة لبني البشر؟»، وفي «ثقافات» تنشر «الفيصل» مقتطفات مقدمة الناقد الفرنسي مارك كوبر لكتاب «السوريالية العربية في باريس»، الذي يشرح فيها تاريخ هذه المغامرة المعروفة بتجربة مجلة «الرغبة الإباحية» وأهميتها الشعرية، وأيضاً مقتطفات من المدخل الذي كتبه مؤسس المجلة عبد القادر الجنابي (ترجمة عاطف محمد عبد المجيد). ويترجم محمد فيتلينه نصوصاً تأبينية لبعض المفكرين كتبوها عن آخرين يشاركونهم هم الكتابة والتفكير والتفلسف. وفي «فكر»: «المثقف العربي والامتطاء الإيديولوجي للتراث، ابن رشد أنموذجاً» مدحت صفوت، و«أصول الظواهر، تطورها وخواتهما» محمود عبد الغني.
ويرسم عبد العزيز السماعيل بورتريهاً للكاتب المسرحي الراحل محمد العثيم. وفي «تاريخ» نقرأ: «آلهة ذو الشرى وأثرها في الديانة النبطية القديمة» لتغريد القحطاني، و«الفيلولوجيا... من فقه اللغة إلى تحقيق التراث» لأحمد السعيدي. وفي باب «محاورة» تقول الكاتبة التركية أسلي إردوغان في حوار أجرته معها الكاتبة المغربية ليلى سليماني إنها «لن تقدم للغرب ما ينتظره من تسلية فولكلورية»، وترى أن هناك دخاناً كثيفاً يغلف الضمائر والأحداث في تركيا (ترجمة محمد جليد). أما في باب «فضاءات»، فنشرت المجلة «أنا وماركيز في شقة واحدة» للوشيا بينافيديس، و«رحلة برية في ألابا» لكالب جونسن (ترجمة أحمد شافعي)، و«الأحلام في الأدب وحشية» لكارل أوف نوسغارد (ترجمة محمد الطبال) و«رقعة متخيلة» لمنتصر القفاش.
في «تحقيقات»: «بيروت... غواية الخراب: مبان شهيرة عاشت أهوال الحرب تلهم كتاباً وفنانين» لمحمد حجيري. وفي «مونديال» يكتب فردريك معتوق عن الجاذبية الهشة لمباريات المونديال. وفي «كوميكس»: «(شحاذون نبلاء) كرواية مصورة: ألبير قصيري يدخل الكادر» لطارق إمام. وفي باب «مسرح» حوار أجراه سامر إسماعيل مع المخرج والممثل السوري فايز قزق.
أما في «تشكيل»، فنقرأ حواراً أجراه صبحي موسى مع عمر جهان. ويواصل الناقد الفلسطيني فيصل دراج كتابة سيرته الذاتية. وتضمن العدد الجديد مقالات: محمد الأصفر وأمّ الزين بنشيخة المسكيني وأحمد الخميسي وحازم صاغية ومحمود الريماوي، إضافة إلى نصوص شعرية وقصصية لفهد العتيق، وفتحي أبو النصر، وصلاح حسن، وزين العابدين الضبيبي، وأيمن رجب طاهر، وجميلة عمايرة، وحسن باكور، ونديم الوزة، ومهدي المطوّع.
أما كتاب الفيصل، فجاء بعنوان «الثقافتان» لتشارلس بيسي سنو، ترجمة الروائية العراقية لطفية الدليمي.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.