بدا الخلاف الكبير في الرؤى بين أعضاء الحكومة الإيطالية جلياً خلال الساعات الماضية، فيما تهدد البلاد أزمة اقتصادية وشيكة. وبينما وعد وزير المالية الإيطالي بأن تنتهي اضطرابات السوق قبل نهاية الشهر الحالي، وذلك مع إعلان ميزانية 2019 التي ستحترم الاستقرار المالي، شدد نائب رئيس الوزراء على أن الحكومة ستقف في صف مواطنيها قبل النظر إلى أي تقارير من الوكالات الدولية، وهو الأمر الذي يتوقع أن يواجه اعتراضاً أوروبياً كبيراً قد يؤدي إلى مزيد من التعقيدات.
وقال وزير المالية جيوفاني ترِيا، «سبق أن أعلنت الحكومة مراراً أنه سيتم احترام استقرار الميزانية، وفي الأسابيع المقبلة، ومع إعلان قانون المالية، ستترجم تلك النوايا إلى أفعال»، مضيفا:ً «حينها سنخفض الفارق بين نسبتي الإقراض الألمانية والإيطالية». وبلغ هذا الفارق 290 نقطة الجمعة في أعلى مستوى منذ عام، بحسب ما جاء في صحيفة «لاريبوبليكا».
وتابع الوزير، وهو خبير اقتصادي يحرص على طمأنة الأسواق بشأن السياسة الاقتصادية لرئيس الحكومة الشعبوي، أنه «قبل نهاية الشهر ستنتهي هذه الاضطرابات».
بيد أن وكالات التصنيف تلزم الحذر. وأبقت وكالة «فيتش» مساء الجمعة تصنيف ديون إيطاليا عند «بي بي بي» مع آفاق «سلبية» بشأن تطوره، حيث خفضت الآفاق من «مستقرة» إلى «سلبية».
وأوضحت الوكالة تبريراً لقرارها أنه «بعد تشكيل حكومة ائتلاف، تتوقع (فيتش) تراخياً في مستوى الميزانية يفاقم تعرض الدين الإيطالي المرتفع جداً إلى صدمات محتملة».
لكن نائب رئيس الوزراء وزير التنمية الاقتصادية لويجي دي مايو، رد على التقرير مساء الأحد، قائلاً إن حكومته ستختار دائماً أن تدافع عن الإيطاليين قبل أن تأخذ برأي وكالات التصنيف.
ومن المتوقع أن تؤدي مثل هذه التصريحات إلى صدام مع مسؤولي الشؤون الاقتصادية في أوروبا، وكذلك لمزيد من المخاوف الاستثمارية التي قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الداخلي بشكل أكثر حدة.
ويتعين على إيطاليا، بحلول نهاية الشهر، كشف النقاب عن أهدافها فيما يتعلق بالنمو والمالية العامة، ويجب الموافقة على الخطوط العريضة لميزانيتها بنهاية أكتوبر (تشرين الأول).
وطلب المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيار موسكوفيتسي، الجمعة، من روما، بذل «جهد كبير» في ميزانية 2019 المتوقع إعلانها في الأسابيع المقبلة، مشيراً إلى أنه «من مصلحة إيطاليا ضبط دينها العام». وتبلغ نسبة الدين 132 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهي ثاني أعلى نسبة في منطقة اليورو بعد اليونان.
ولكن دي مايو قال خلال تجمع نظمته صحيفة «إيل فاتو كوتيديانو»، القريبة من حركة «خمس نجوم» التي يمثلها، «الحكومة الإيطالية ستتخذ (خياراً تاريخياً) بين ما يحتاجه المدنيون وما تقول وكالات التصنيف الائتماني إنه يجب عمله»، وأنه «يجب تطبيق الدخل الشامل في 2019... علينا أن نضع التمويل في الموازنة حتى يتمكن ما لا يقل عن 5 ملايين من الإيطاليين الفقراء من العودة إلى العمل».
وقال دي مايو إن الائتلاف الحاكم المؤلف من حركة «5 نجوم» وحزب الرابطة اليميني، الذي تولى السلطة في يونيو (حزيران) الماضي، سيلبي مطالب المواطنين قبل وكالات التصنيف الائتماني، على خلاف الحكومات السابقة. وأضاف: «لا يمكننا أن نفكر في الاستماع إلى وكالات التصنيف وطمأنة الأسواق، ثم نطعن الإيطاليين في الظهر... سنختار دائماً الإيطاليين أولاً».
وكانت بيانات معهد الإحصاء الإيطالي «آيستات» الصادرة يوم الجمعة أظهرت تراجع معدل نمو الاقتصاد الإيطالي خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى أقل مستوى له منذ عامين.
وبلغ معدل نمو الاقتصاد الإيطالي خلال الربع الثاني من العام الحالي، نسبة 0.2 في المائة، مقابل نموه بمعدل 0.3 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما جاء متفقاً مع التقديرات الأولية.
وأشار معهد الإحصاء إلى نمو الإنفاق الاستهلاكي في إيطاليا خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 0.1 في المائة، في حين زاد الإنفاق على السلع الرأسمالية بنسبة 2.9 في المائة، وزادت الواردات بنسبة 1.8 في المائة خلال الفترة نفسها.
وعلى أساس سنوي، سجل الاقتصاد الإيطالي نمواً سنوياً بمعدل 1.2 في المائة خلال الربع الثاني من العام الحالي، بعد نمو بمعدل 1.4 في المائة سنوياً خلال الربع الأول، وفقاً للبيانات النهائية.
الاقتصاد الإيطالي المريض يعاني وسط خلاف حكومي وصدام أوروبي متوقع
مأزق البحث عن «حلول وسط» بين احترام الميزانية وحقوق المواطنين
الاقتصاد الإيطالي المريض يعاني وسط خلاف حكومي وصدام أوروبي متوقع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة