تركيا: تراجع «الثقة» والاحتياطيات الأجنبية... والحكومة ترفع أسعار الكهرباء والغاز

انهيار متفاقم لليرة وغياب حلول عملية لأزمتها

تركيا: تراجع «الثقة» والاحتياطيات الأجنبية... والحكومة ترفع أسعار الكهرباء والغاز
TT

تركيا: تراجع «الثقة» والاحتياطيات الأجنبية... والحكومة ترفع أسعار الكهرباء والغاز

تركيا: تراجع «الثقة» والاحتياطيات الأجنبية... والحكومة ترفع أسعار الكهرباء والغاز

تراجع مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي 9 في المائة عن الشهر السابق ليسجل 83.9 نقطة في أغسطس ، وفق بيانات معهد الإحصاءات التركي. كما أظهرت بيانات أن إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي تراجع إلى 72.9 مليار دولار من 79.1 مليار دولار.
في الوقت نفسه تراجعت صادرات تركيا بنسبة 6.5 في المائة على أساس سنوي في أغسطس (آب) الماضي لتصل قيمتها إلى 12.4 مليار دولار، فيما بلغت 14.1 مليار دولار في يوليو (تموز) الماضي، بحسب ما أظهرت بيانات مجلس المصدرين الأتراك ووزارة التجارة التركية.
وتصدرت السيارات والجرارات والدراجات النارية والهوائية ووسائل نقل برية أخرى، قائمة الصادرات بقيمة بلغت 1.18 مليار دولار، أما الواردات فتصدرها الوقود المعدني والزيوت المعدنية.
وجاءت ألمانيا كوجهة أولى للصادرات التركية بقيمة 1.2 مليار دولار، ثم بريطانيا 912 مليون دولار، ثم العراق 650 مليون دولار. وحلت روسيا في مقدمة الدول التي تستورد منها تركيا، حيث بلغت قيمة وارداتها في شهر أغسطس 1.59 مليار دولار، ثم الصين بقيمة 1.4 مليار دولار.
وفرض البنك المركزي التركي قيودا على خروج الودائع بالنقد الأجنبي من البنوك العاملة في البلاد، في محاولة لدعم السيولة الدولارية عبر ضخ هذه الودائع بالأسواق في ظل انهيار الليرة التركية أمام الدولار، فيما ترجعه مؤسسات دولية وخبراء اقتصاديون إلى مخاوف المستثمرين من تعزيز الرئيس رجب طيب إردوغان قبضته على السياسة النقدية في البلاد، ونقل ملف الاقتصاد إلى صهره وزير الخزانة والمالية برات البيراق.
وقدر بنك «جيه.بي مورغان» حجم الدين الخارجي لتركيا، الذي يحل أجل استحقاقه خلال عام حتى يوليو (تموز) 2019 بنحو 179 مليار دولار، أي ما يعادل نحو ربع الناتج الاقتصادي للبلاد، وهو ما يشير إلى مخاطر حدوث انكماش حاد في الاقتصاد التركي الذي يعاني أزمة.
وفقدت الليرة التركية نحو 42 في المائة من قيمتها أمام الدولار منذ بداية العام الجاري على خلفية المخاوف من إحكام إردوغان قبضته على الاقتصاد إضافة إلى التوتر الشديد في العلاقات بين أنقرة وواشنطن على خلفية قضية القس الأميركي أندرو برانسون الذي يحاكم في بتهمة دعم تنظيمات إرهابية.
واعتبرت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان أن تقلبات الأسعار تحدث دائماً في الأسواق الحرة، وأن هذا «أمر طبيعي». وأضافت أن الحكومة تراقب التطورات الاقتصادية لحظة بلحظة وتواصل اتخاذ تدابير وقائية لمنع تدهور الأسواق.
وأشارت إلى أن الحكومة التركية تركز جهودها على تنفيذ مشاريع ذات منظور طويل الأجل، في مجال التكنولوجيا المتقدمة، قائلة إن تركيا تملك الاقتصاد والسكان الأكثر ديناميكية في أوروبا.
وقالت الوزيرة التركية خلال اجتماع في إسطنبول إنه «مهما فعل المضاربون، فسوف نستمر في النمو بروح التضامن الموجودة في تركيا، وخلق العمالة والتصدير».
في غضون ذلك أفادت أرقام نشرت في الجريدة الرسمية في تركيا أمس بأن مرفق الكهرباء وشركة أنابيب الغاز «بوتاش»، قررا رفع الأسعار 14 في المائة للاستخدام الصناعي و9 في المائة للاستخدام المنزلي اعتبارا من أمس الموافق أول سبتمبر (أيلول) الجاري.
ويتوقع أن تفاقم زيادة الأسعار التضخم الذي وصل إلى 16 في المائة، وأن تسلط الضوء على أبعاد أخرى لأزمة الليرة التركية.
وأدى تراجع العملة التركية الكبير هذا العام إلى تضرر شركات الطاقة، إذ تعتمد تركيا اعتمادا شبه تام على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من الطاقة.
ويرى مراقبون أن الحكومة التركية لم تنجح حتى الآن في تقديم حلول عملية لإنقاذ الليرة التركية، أو الوصول إلى خريطة طريق للخروج من أزمتها المتفاقمة يوما بعد الآخر، مكتفية بالوعود بمساندة المؤسسات المالية واتهام وكالات التصنيف الائتماني الدولية ببذل جهود حثيثة لإشاعة أجواء التشاؤم بشأن البنوك التركية.
وتصاعدت مخاوف الأسواق مع تجدد تصريحات إردوغان الرافضة للحلول التقليدية، والتي كانت سببا في انهيار الليرة، التي عادت أمس للتراجع بعد حديثه عن حرب اقتصادية تقودها الدول الغربية ضد تركيا.
ويرى خبراء ضرورة رفع أسعار الفائدة بنسبة تصل إلى 10 في المائة فوق مستوياتها المرتفعة حاليا، والبالغة 17.75 في المائة.
وأعلنت تركيا أول من أمس زيادة الضريبة على عوائد الودائع بالعملة الأجنبية وخفضها على ودائع الليرة، في محاولة لدعم العملة المنهارة، التي فقدت 42 في المائة من قيمتها منذ بداية العام الجاري.
وقدم القرار الرئاسي الذي صدر بهذا الشأن دعما ضئيلا للعملة التركية في بداية تعاملات أول من أمس، لكن سرعان ما عاودت الليرة تراجعها لتصل إلى 6.78 ليرة للدولار في منتصف التعاملات الأوروبية.
ويرى محللون أن زيادة الضريبة على ودائع العملات الأجنبية سلاح ذو حدين، لأنه يمكن أن يقلص تدفق الأموال الأجنبية إلى تركيا، والتي هي في أمس الحاجة إليها. وأظهرت بيانات للبنك المركزي أول من أمس أن حيازات الأفراد والمؤسسات التركية من النقد الأجنبي هبطت إلى 152.8 مليار دولار في 24 أغسطس، مقارنة مع 159.9 مليار دولار في العاشر من الشهر نفسه.
وأظهرت البيانات أيضا أن إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي تراجع إلى 72.9 مليار دولار، من 79.1 مليار دولار.
ونص القرار الرئاسي على زيادة الضريبة المقتطعة على ودائع العملة الأجنبية لستة أشهر من 18 إلى 20 في المائة، فيما رفعت الضريبة لسنة من 15 إلى 16 في المائة، بموجب القرار الذي بدأ العمل به أول من أمس.
في المقابل تم خفض الضريبة على عائدات الودائع بالليرة التركية لستة أشهر من 15 إلى 5 في المائة. وجرى خفضها على الودائع لسنة من 12 إلى 3 في المائة، في حين تم إلغاء الضريبة على الودائع لأكثر من سنة.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».