ذكرى «ثورة القذافي» تحدث انقساماً وسط الليبيين

البعض اعتبرها سبب «تخلف البلاد»... والمؤيدون استقبلوها بالزغاريد

صورة تناقلتها مواقع التواصل لأنصار النظام السابق يحملون اعلاماً خضراء في بنغازي أمس (فيسبوك)
صورة تناقلتها مواقع التواصل لأنصار النظام السابق يحملون اعلاماً خضراء في بنغازي أمس (فيسبوك)
TT

ذكرى «ثورة القذافي» تحدث انقساماً وسط الليبيين

صورة تناقلتها مواقع التواصل لأنصار النظام السابق يحملون اعلاماً خضراء في بنغازي أمس (فيسبوك)
صورة تناقلتها مواقع التواصل لأنصار النظام السابق يحملون اعلاماً خضراء في بنغازي أمس (فيسبوك)

تغاضى كثير من الليبيين عن الأحداث الدامية التي تعيشها العاصمة طرابلس، وانقسموا حول تأييد «ثورة الفاتح» التي حلت ذكراها أمس، والاحتفاء بها في مدن ليبية عدة، وبين نعتها بأوصاف سلبية، واتهامها بأنها سبب «تخلف البلاد»، فيما وقف البعض الآخر على الحياد منهما، وعبّر عن رأيه بوسم «(الفاتح) لن يعود وفبراير (شباط)) لن تسود».
وأزاح الرئيس الراحل معمر القذافي في الأول من سبتمبر (أيلول) 1969 الملك محمد إدريس السنوسي عن حكم المملكة الليبية، واستبدل باسمها الجمهورية العربية الليبية، قبل أن يغيره إلى «الجماهيرية العربية الليبية الشعبية العظمى».
وبالتوزاي مع تبادل الميليشيات المسلحة إطلاق مدافع «هاوتزر»، وصواريخ «غراد» على جنوب العاصمة طرابلس، أضاءت طلقات الرصاص والألعاب النارية سماء مدن سبها والجفرة وزلة وبني وليد، وسرت ودرنة وورشفانة مساء أول من أمس، فرحاً وابتهاجاً بالذكرى 49 لـ«ثورة الفاتح من سبتمبر». كما تزينت الشوارع بالعلم الأخضر لعهد القذافي، ورفعت صوره وسط دوي الزغاريد والتكبير.
واستهل عشرات المواطنين من مدينة زلة (شمالي شرق)، أطلقوا على أنفسهم «أحرار زلة»، مسيرتهم الليلية بتلاوة بيان أعربوا فيه عن حبهم للقذافي، وانتقدوا حلف «الناتو»، الذي وصفوه بأنه دمر البلاد، وقالوا: «نحن أنصار معمر القذافي من البسطاء نحتفل بعيد (ثورة الفاتح)، وقد تحملنا ما جلبه الغرب وذيوله لهذا الوطن من كوارث ودمار في أحط مؤامرة عرفها التاريخ»، مشددين على أن «الفوز لمن يصبر أكثر في معركة العض على الأصابع، وما النصر إلا صبر ساعة».
وبدا واضحاً ظهور انقسام حاد بين المواطنين، الذين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم حيال ذكرى «ثورة الفاتح»، فضلاً عن السياسيين والنشطاء الاجتماعيين، إذ قال أبو الحسنين العبيدي، الذي ينتمي إلى مدينة درنة، إن «ثورة الفاتح تعدّ سبب نكبة ليبيا وتخلفها»، ووصفها بأنها «إرث كبير من الجهل والأفكار الشيوعية الهدامة، وتبذير المال العام. هذا ما زرعه القذافي، ونحن نحصد الآن». وأرجع العبيدي سبب احتفال البعض بـ(ثورة الفاتح) بالتحصر على الأيام الخوالي للقذافي، مقارنة بما يلاقونه الآن، وقال: «بعد انتهاء الانتفاضة (ثورة 17 فبراير) بسنة، بدأ ذيول الإخوان والجماعة المقاتلة في تطبيق أجندات تركيا وقطر بالتهجير والتعذيب، والإقصاء لأتباع النظام والموالين له، وهو ما دفع الليبيين للاحتفال بالقذافي وذكرى ثورته».
في مقابل ذلك، أبدى حميد الوافي، أحد نازحي مدينة تاورغاء، تأييده للقذافي وثورته، وأظهر معارضة لـ(ثورة 17 فبراير) التي أسقطته، وقال بهذا الخصوص: «أنا من مؤيدي ثورة الفاتح والرئيس القومي معمر القذافي.. وبالنسبة لي بصفتي مواطنا مهجّرا من مدينتي منذ ثماني سنوات فمن الطبيعي أن أرفض ثورة هجّرت مدنا بأكملها، ولم تأت بعدالة اجتماعية». موضحا أن «للقذافي سلبياته، لكنه يظل بالمقارنة أفضل من الوضع الحالي. ففي عهده لم يكن مواطن ليبي يقتل أخاه الليبي، ولا نعرف كشعب مدنا تهجرت في عهده»، وانتهى قائلا: «الليبيون يحتفلون بالقذافي كي يبعثوا برسالة للحكومة الحالية، والقائمين على (ثورة فبراير) بأنها مرفوضة عند عامة الشعب».
ونزح الوافي ضمن 40 ألفا من أبناء مدينته تاورغاء، الواقعة على بعد 200 كلم جنوب شرقي العاصمة طرابلس، بعدما أُجبروا على مغادرة منازلهم بشكل جماعي بعد إضرام النيران فيها عقب (ثورة 17 فبراير) عام 2011 على أيدي ميليشيات مصراتة المجاورة، وأقاموا جبراً في مخيمات بشرق وغرب وجنوب البلاد.
في غضون ذلك، وجه عدد من الليبيين انتقادات لاذعة للمحتفلين بـ«ثورة القذافي» على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قالت رتاج الدرسي، إن «المحتفلين في الشوارع بذكرى الفاتح، ذكّروني بعازفي سفينة (تيتانيك)، وهم لا يدرون أنها تغرق»، في حين قال وهّاب عياد من درنة: «عندما ترى الشعب يحتفل بذكرى الفاتح تستغرب، وتتساءل عن الذين كانوا في الساحات والميادين في عام 2011».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.