تركيا تؤكد عزمها على إعادة عسكريين «انقلابيين» من اليونان ومحاكمتهم

خطوات لتسوية العلاقات مع هولندا... وألمانيا تشترط الإفراج عن معتقليها

وزير الخارجية التركي يمازح نظيره وزير خارجية لوكسمبورغ في فيينا يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية التركي يمازح نظيره وزير خارجية لوكسمبورغ في فيينا يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
TT

تركيا تؤكد عزمها على إعادة عسكريين «انقلابيين» من اليونان ومحاكمتهم

وزير الخارجية التركي يمازح نظيره وزير خارجية لوكسمبورغ في فيينا يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية التركي يمازح نظيره وزير خارجية لوكسمبورغ في فيينا يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

أكدت تركيا عزمها على إعادة ومحاكمة عسكريين فروا إلى اليونان عقب محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها في منتصف يوليو (تموز) 2016، فيما أعلنت عن توجه إلى تسوية الخلافات مع هولندا وإعادة سفيريهما قريباً، بينما طالبت ألمانيا بالإفراج عن عدد من مواطنيها المحتجزين بتهم تتعلق بدعم الإرهاب من أجل عودة العلاقات مع أنقرة إلى مسارها.
وانتقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إطلاق القضاء اليوناني سراح 8 عسكريين أتراك ومنحهم حق اللجوء في الأراضي اليونانية بعدما فروا إليها عقب مشاركتهم في محاولة الانقلاب بتركيا، قائلاً إن «اليونان أظهرت نفسها ملاذاً آمناً للانقلابيين»، مشيراً إلى أن تركيا تشعر بخيبة أمل تجاه قرارات القضاء اليوناني في هذا الإطار.
ولفت جاويش أوغلو، في مقابلة مع صحيفة «تانيا» اليونانية نُشرت أمس (السبت) تناول خلالها العلاقات بين بلاده واليونان، إلى أن القضاء اليوناني حال دون محاسبة الانقلابيين وتسبب في انتهاك حقوق ضحايا محاولة الانقلاب، من خلال اتخاذ قرارات تتعارض مع القانون الدولي. وتطرق جاويش أوغلو إلى قضية العسكريين اليونانيين اللذين أفرج القضاء التركي عنهما قبل أسبوعين، بعد حبسهما بسبب دخولهما منطقة عسكرية محظورة في ولاية أدرنة شمال غربي تركيا، وقال: «إننا نحترم جميع قرارات القضاء التركي المستقل، وقد رحبنا بالإفراج عن العسكريين اليونانيين قبل فترة وجيزة».
ودعا إلى عدم تقييم القرار المتعلق بالعسكريين اليونانيين ضمن الإطار السياسي، لأن السلطات القضائية لم تأخذ بعين الاعتبار العلاقات التركية - اليونانية خلال تناولها القضية.
وحول قضية قبرص، قال جاويش أوغلو إن موقف الجانب اليوناني في الجزيرة بشأن التنقيب عن الهيدروكربون في شرق البحر المتوسط، يعد «مثالاً على قصر النظر»، موضحاً أن أنشطة التنقيب الأحادية عن الثروات الطبيعية في شرق المتوسط، تتجاهل حقوق القبارصة الأتراك التي لا يمكن التخلي عنها.
وكانت تركيا أعلنت في مايو (أيار) الماضي أنها ستبدأ أعمال الحفر على عمق 2600 متر في البحر المتوسط، معتبرة أنها خطوة تاريخية بالنسبة لها. وثارت خلافات حول التنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط، واعترضت قطع بحرية تركية سفينة حفر تابعة لشركة «إيني» الإيطالية كانت في طريقها للتنقيب عن الغاز المكتشف أخيراً في المياه القبرصية في فبراير (شباط) الماضي.
واستفزت أنقرة مصر بإعلانها في فبراير أنها تخطط للبدء في التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط قريباً، وأنها لا تعترف باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص عام 2013 وحذرت القاهرة تركيا من «محاولة المساس بسيادة مصر على المنطقة الاقتصادية الخاصة بها في شرق المتوسط».
ورد أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، على تصريحات أدلى بها جاويش أوغلو، بشأن عدم اعتراف تركيا بالاتفاق المبرم بين مصر وقبرص عام 2013 بترسيم الحدود البحرية بين البلدين للاستفادة من المصادر الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلدين في شرق البحر المتوسط. وقال إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص «لا يمكن لأي طرف أن ينازع في قانونيتها، إذ إنها تتسق وقواعد القانون الدولي وتم إيداعها اتفاقية دولية في الأمم المتحدة». وحذّر من أي محاولة لـ«المساس أو الانتقاص من حقوق مصر السيادية في تلك المنطقة»، مؤكداً أن القاهرة تعد ذلك «أمراً مرفوضاً وسيتم التصدي له».
من ناحية أخرى، قال جاويش أوغلو إن تركيا تنتظر دعماً أكبر من المجتمع الدولي فيما يخص مكافحة الهجرة غير النظامية. وتابع: «بفضل الجهود الحثيثة لتركيا، تم ضبط 175 ألف مهاجر غير شرعي في 2017، و142 ألفاً منذ مطلع 2018، فضلاً عن القبض على 3 آلاف و13 مهرباً حتى أغسطس (آب) 2018». ولفت جاويش أوغلو إلى أن عدد المهاجرين إلى اليونان يومياً انخفض من 7 آلاف شخص في 2015، إلى ما دون الـ50 في العام الحالي.
وأضاف أنه «في حال علقت تركيا جهودها الحثيثة، فإن بحر إيجة سيتحول مجدداً إلى مسار للهجرة غير النظامية... ونرى مستقبلنا ضمن الاتحاد الأوروبي. لكن للأسف فإن مسيرة انضمامنا للاتحاد أضحت مسيّسة بشكل مبالغ فيه».
في سياق موازٍ، قال جاويش أوغلو إنه اتفق مع نظيره الهولندي ستيف بلوك، على إعادة سفراء البلدين، بعد تسوية العلاقات بينهما، وذلك خلال لقاء جمعهما في العاصمة النمساوية فيينا أول من أمس، مضيفاً أن بلوك سيجري زيارة رسمية إلى تركيا في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وأعلنت هولندا وتركيا في وقت سابق إعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة بينهما بعد قطيعة منذ مارس (آذار) 2017 عندما رفضت لاهاي السماح لجاويش أوغلو ووزيرة الأسرة التركية بالمشاركة في تجمع انتخابي قبل الاستفتاء على التعديل الدستوري للانتقال إلى النظام الرئاسي الذي أجري في أبريل (نيسان) من العام نفسه.
في سياق متصل، اشترط وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الإفراج عن 7 ألمان معتقلين في تركيا، من أجل تطبيع العلاقات معها. وقال في تصريحات في فيينا أول من أمس، قبل أيام قليلة على زيارته أنقرة: «يتعين التوصل إلى حل في هذه الحالات».
وذكر ماس أن ألمانيا «أوضحت على نحو جلي» أن اعتقال الألمان السبعة أمرٌ لا يمكن تفهمه. وبحسب بيانات الحكومة الألمانية، تم القبض على هؤلاء الألمان في تركيا لأسباب سياسية (تتعلق بدعم الإرهاب ومحاولة الانقلاب الفاشلة).
ومن المنتظر أن يتوجه ماس إلى العاصمة التركية أنقرة الأربعاء المقبل، لإجراء محادثات سياسية وزيارة المدرسة الألمانية في إسطنبول، الخميس، وتعتبر زيارة ماس لتركيا انطلاقة لسلسلة من الزيارات المتبادلة بين مسؤولين رفيعي المستوى من الحكومتين.
ومن المقرر أن يزور الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ألمانيا في نهاية سبتمبر (أيلول) الحالي.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.