عائلة صحافي متهم بـ«التخابر» تطالب السلطات الجزائرية بإطلاق سراحه

شيتور ملاحق لتسليمه «وثائق سرية» لدبلوماسيين أجانب

TT

عائلة صحافي متهم بـ«التخابر» تطالب السلطات الجزائرية بإطلاق سراحه

ناشد شقيق صحافي جزائري مسجون بتهمة «التخابر مع جهة أجنبية»، الإفراج عنه على أساس أن «ملفه القضائي فارغ من وقائع تثبت أنه تجسس لمصلحة دبلوماسيين أجانب». ويحيط جهاز الأمن، الذي اعتقل الصحافي سعيد شيتور، وأجرى تحقيقاً في الوقائع المنسوبة له، القضية بتكتم شديد، كما أن دفاع الصحافي يتعامل معها بحذر كبير.
وقال محمد الطاهر شيتور، الأخ الأكبر لسعيد المسجون منذ 15 شهراً، لـ«الشرق الأوسط»، إن والدته وإخوته وزوجته وأبناءه «يتمنون لو أن الصحافيين يبادرون بأي شيء لمصلحته؛ يدفع السلطات إلى إطلاق سراحه، أو في أسوأ الأحوال تنظيم محاكمة عادلة له، تعطى له فيها الفرصة للدفاع عن نفسه، وقول الحقيقة أمام الجزائريين».
وكانت «غرفة الجنايات» بمحكمة الاستئناف قد أحالت في مايو (أيار) الماضي، ملف شيتور على محكمة الجنايات، بعد أن رفضت طلب الدفاع إعادة التحقيق. كما رفضت طعناً يتعلق بالإفراج المؤقت عنه، مع إبقاء التهمة إلى غاية تحديد تاريخ للمحاكمة.
وأوضح محمد الطاهر أن «كل الصحافيين في العالم عبروا عن تضامنهم بأشكال مختلفة مع سعيد، إلا الصحافيين الجزائريين»، مبرزاً أن السلطات الأمنية «تدعي أن سعيد قدم معلومات لدبلوماسيين أجانب ترتبط بالأمن الاقتصادي للبلاد»، وهو ما اعتبره «أمراً مدهشاً للغاية... سعيد معتاد على تبادل المعطيات والمعلومات مع صحافيين ودبلوماسيين ورجال أعمال جزائريين وأجانب، تخص الأوضاع في البلاد في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وما يملكه سعيد من معطيات يتعاطى معها الإعلام يومياً، وهذا ما قاله لي عندما زرته آخر مرة. فهو ينفي تماماً أن يكون قدم لأجانب ما يمكن أن يكون من أسرار الدولة، وهو يستغرب أصلاً كيف يكون بإمكانه أن يصل إلى معلومات سرية؟».
وتابع شقيق المتهم موضحاً: «لو كان سعيد متورطاً فعلاً في قضية تجسس لما عاد إلى الجزائر، وهو يعلم أن الشرطة ستكون بانتظاره لاعتقاله»، في إشارة إلى توقيفه لحظة عودته من رحلة إلى إسبانيا في الخامس من يونيو (حزيران) 2017.
وعلمت «الشرق الأوسط» من دبلوماسي غربي يشتغل في الجزائر أن شيتور متهم بتسليم وثائق مصنفة «من أسرار الدفاع» لدبلوماسيين نرويجيين، وقال إنه لا يعرف مضمون هذه الوثائق.
يُشار إلى أن ناشطاً ومدوناً جزائرياً يدعى تواتي مرزوق يقضي حالياً عقوبة خمس سنوات سجناً بتهمة «التخابر مع جهة أجنبية»، وهي تهمة ترفضها جماعات حقوق الإنسان بحجة أنها «ملفقة»، وأن مرزوق أقلق الحكومة بمواقفه المعارضة لسياساتها.
ويجد الصحافيون الجزائريون حرجاً كبيراً في الدفاع عن شيتور لوجود قناعة عامة في الوسط الإعلامي بأن الأمر لا يتعلق بـ«حرية تعبير»، ولا نضال سياسي، أو مواقف جريئة ضد الحكومة.
وقال خالد بورايو، محامي سعيد في اتصال هاتفي، إن التهمة تتعلق حسبه بـ«جمع معلومات ووثائق من شأنها الإضرار بالدفاع الوطني». دون أن يوضح من هو الشخص أو الأشخاص، أو الجهة التي تتهم سعيد الذي عرف بالتعاون مع وسائل إعلام أنجلوساكسونية، منها «بي بي سي» وصحيفة «واشنطن بوست». كما عرف بمرافقة الصحافيين الأجانب، الذين يحضرون إلى الجزائر، خصوصاً في المواعيد الانتخابية.
وأضاف المحامي موضحاً: «كانت للسيد شيتور اتصالات ولقاءات في الممثليات الدبلوماسية الأجنبية بالجزائر، وقد كان جهاز الأمن الجزائري على دراية بذلك، ولذلك فمن الغريب جداً أن يُتهم بسبب أنه كان يؤدي نشاطاً عادياً كأي صحافي مهتم بالأحداث والأخبار، ويتبادل وجهات النظر حولها مع دبلوماسيين أجانب»، مشيراً إلى أن شيتور «كان ينتقد أوضاع البلاد في دردشاته مع دبلوماسيين أجانب، وهذا أمر عادي، وليس من حق السلطات أن تتخذه مبرراً لتهمة خطيرة كالتي وجهتها له».
وبحسب المحامي المتخصص في «جرائم الصحافة»، فإن الادعاء يلاحق شيتور وفق المادة 65 من قانون العقوبات، التي تتحدث عن «جمع معلومات أو أشياء، أو وثائق أو تصميمات بغرض تسليمها إلى دولة أجنبية، الذي يؤدي جمعها واستغلالها إلى الإضرار بمصالح الدفاع الوطني والاقتصاد الوطني». وتنص المادة على عقوبة السجن مدى الحياة، ضد من تثبت ضده هذه الوقائع.
اللافت في قضية شيتور أنه لا وجود لجهة شاكية في الملف، حسب المحامي. وفي هذه الحالة يرجح بأن جهة ما أوعزت للنيابة فحركت الدعوى العمومية ضده.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.