«الشلالات الزرقا»... قطعة من الجنة في حضن الشوف

ما أن تطأ قدماك مطعم «الشلالات الزرقا»، الذي تحضنه بلدة بعقلين في الشوف، حتى يخيل إليك أنك تسير في قلب لوحة فنية مرسومة بأنامل طبيعة خلابة. فأن تتناول لقمة لبنانية من مازات وأطباق لذيذة في قلب طبيعة تلونها شلالات مياه تصب في بحيرات صغيرة أمامك، لهو أمر يكفي لأن يفتح شهيتك، ويلزمك بقضاء جلسة لا تنسى. تتسمر على كرسيك الخيزراني، وتجول بنظرك يميناً ويساراً، صعوداً ونزولاً، كي تستطيع عدسة عينك التقاط أكبر عدد ممكن من الصور الطبيعية، بحيث لا تفوت أياً منها. وبعدها، ستحاول تخزينها في ذاكرتك، وفي جهازك المحمول، علها تحملك إليها في كل مرة اشتقت للتمتع بطبيعة بلد الأرز.
«جنات عا مد النظر» قول ينطبق على «الشلالات الزرقا» في الشوف اللبناني، فجلساته الموزعة على أركانه الشاسعة، المتفاوتة المستويات، إضافة إلى واحات التسلية الخاصة بالأطفال، تشكل باقة خيارات ندعوك إلى زيارتها خلال رحلتك إلى لبنان.
وعلى صوت خرير مياه نهر يشق طريقه بهدوء بين حنايا المطعم، ستقف محتاراً أين تجلس. فهنا قعدة تحت ظلال شجر السنديان والغار تطل على الشلالات، وهناك - ومن على سلم حجري - ستجذبك جلسة مطلة على المكان بأكمله. وبين خلية نحل مؤلفة من عشرات الموظفين الحائمين حولك لتقديم الخدمة الأفضل لك، ستجد نفسك ترتاح على كرسي مظلل بالشوادر والأشجار، ليبدأ مشوارك في هذا المكان السياحي بامتياز.
من مدخل المطعم، تستقبلك فتيات أنيقات، يرتدين بدلات موحدة، لتدلك إحداهن على طاولتك (من الأفضل حجزها مسبقاً). وبعدها، تبدأ في قراءة لائحة الطعام (35 دولاراً للشخص الواحد)، لتختار منها المقبلات الباردة والساخنة، من أطباق شعبية معروفة كالفتوش والتبولة وسلطة باذنجان الراهب واللبنة المتومة والنقانق المقلية وجوانح الدجاج وغيرها. وتنتقل بعدها إلى انتقاء الطبق الرئيسي حسب الرغبة، الذي يتراوح بين اللحوم المشوية على الفحم والأوزة (لحم ضأن مع الأرز) وغيرها. وحين تصل إلى لائحة الحلويات، سيكون النادل بانتظارك لتشير إليه بأنواع وأصناف الأطباق التي ترغب في تذوقها في هذا المطعم، من مهلبية وبسكوت مع الراحة ومربيات وكيك الشوكولاته يرافقها صحون الفواكه اللبنانية، حسب مواسمها.
ولا يمكنك أن تزور هذا المكان دون أن تجول في أرجائه، فجلساته المختلفة التي تتراوح بين الرومانسية والهادئة والعائلية تدعوك بشكل تلقائي للتجول فيها. ولن تنسى خلال وجودك هناك أن تقوم بجولة في بحيرة الشلالات، على متن مركب خشبي يوصلك إلى مسقط الشلالات، فتلتقط صوراً تذكارية ذات خلفية غنية بمشاهد من طبيعة لبنان، حيكت بتأن لتكون بمثابة «كارت بوستال» عندما تنظر إليها.
هذا المطعم الذي افتتح في أواخر التسعينات، ويديره أفراد عائلتين من آل بشير، يتخلل جلساته عزف على العود من قبل أحد المغنيين اللبنانيين. وعلى وقع أغانٍ يؤديها من ريبيرتوار ملحنين وفنانين لبنانيين، مرفقة بلوحة طبيعية تتألف من الشلالات وطيور البط تعوم في مياهها، ستعتقد لوهلة بأنك خارج إطار هذا العالم.
أما الأطفال، فقد خصصت لهم إدارة المطعم مساحة شاسعة تحتوي على ألعاب آمنة، حيث يمضون بدورهم أيضاً أوقاتاً جميلة، متيحين لأهاليهم فرصة قضاء جلسة جميلة، دون الحاجة إلى البحث عن وسائل لتسليتهم.
ولا ينتهي مشوارك في مطعم «الشلالات الزرقا» حتى لحظة مغادرتك له، إذ تقف على درجات سلمه الحجري لبرهة تتأمل في جمالية المكان من فوق، فتتعرف إليه هذه المرة من زاوية أخرى.