الفياض يعلن رسمياً ترشحه لرئاسة الوزراء بعد أن أطاحه شريكه العبادي

«حزب الله» اللبناني يدخل بقوة على خط ضغوط طهران من أجل «الكتلة الأكبر»

الفياض والعبادي
الفياض والعبادي
TT

الفياض يعلن رسمياً ترشحه لرئاسة الوزراء بعد أن أطاحه شريكه العبادي

الفياض والعبادي
الفياض والعبادي

أعلن فالح الفياض، الذي كان مستشار الأمن الوطني العراقي ورئيس هيئة «الحشد الشعبي» وجهاز الأمن الوطني، أمس، ترشحه رسمياً لمنصب رئاسة الوزراء، وذلك غداة قرار شريكه في تحالف «النصر»، رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، بإعفائه من جميع مناصبه.
وجاء في بيان باسم قيادات في «النصر»، الذي يتزعمه العبادي: «إننا كقيادات أساسية في ائتلاف (النصر) نعلن ترشيح فالح الفياض لرئاسة مجلس الوزراء، إيماناً منا بقدراته على إنجاز برنامج حكومي يلبي طموحات المواطنين، ومقبوليته الوطنية الواسعة».
وأضاف البيان، الذي لم يشر إلى أي من الأسماء المقصودة ضمن هذا الائتلاف، أن الترشيح جاء «إيماناً منا بضرورة أن تكون الحكومة القادمة معبرة عن طموحات ومعاناة شعبنا المحروم في عيش كريم، وبيئة خالية من الفساد، واستجابة للقراءة الميدانية المعمقة، وتأكيداً على مشروعنا (مشروع النصر) الذي أسهم بمجرد انطلاقه في خلق بيئة سياسية لا تعتمد المعيار الطائفي وآليات المحاصصة البغيضة، بل تعتمد مبدأ الشراكة الفعلية، والتي تحمل الجميع المسؤولية الوطنية بصورة متضامنة».
وفي سياق ردود الفعل بشأن إعفاء الفياض من جميع مناصبه، يقول الدكتور عدنان السراج، رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية، المقرب من العبادي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أمر الإعفاء، وإن حمل تداعيات كثيرة لكونه جاء في توقيت حاسم على صعيد تشكيل الحكومة، ومسألة الكتلة الأكبر، فإنه أمر طبيعي في عالم السياسة، ما دام أن الفياض قد انخرط في العمل السياسي، وبالتالي فإن الازدواجية بين مهام أمنية وأنشطة سياسية تتناقض مع الدستور العراقي»، مبيناً أن «الإجراء الذي قام به العبادي إنما يريد وضع النقاط على الحروف، وهو جزء من صلاحيات رئيس الوزراء، وبالتالي فإن المسألة ليست شخصية بقدر ما هي جزء من نهج الدولة».
وحول ما إذا كان ذلك سيؤدي إلى تفكك ائتلاف «النصر»، قال السراج إن «كل المؤشرات تؤكد أن ائتلاف (النصر) متماسك لأن كتلة الفياض لا تتعدى ثلاثة نواب، عكس ما يشار إليه عن خروج قيادات مهمة معه»، مبيناً أن «هناك خلطاً بين مفهوم الكتلة الأكبر وتسجيلها، حيث إن كتلة النصر الآن مسجلة بعدد نوابها، وهم 43 نائباً، وكذلك الكتل الأخرى، وهو ما يعني عدم وجود صحة لخروج هذا الطرف أو ذاك من الكتل».
ولفت السراج إلى أن «عملية خروج النواب من كتلة إلى أخرى يمكن أن تتم داخل البرلمان، بعد تسجيل الكتل، وليس قبلها».
ومن جانبه، أكد النائب السابق وائل عبد اللطيف أن قرار العبادي بإقالة فالح الفياض من رئاسة «الحشد الشعبي» ومستشارية الأمن الوطني جاء رداً على انضمامه لتحالف «الفتح - دولة القانون»، وأضاف أن «قرار الإقالة من الناحية القانوني مستوفٍ للشروط، كونه عين بأمر ديواني، ولم يصوت عليه مجلس النواب، وبالتالي يعفى بأمر ديواني»، مؤكداً أنه «رغم قانونية القرار، فإنه جاء كرد فعل من قبل العبادي على قرار تحالفه مع (دولة القانون) وانشقاقه عن (النصر)»، ومشيراً إلى أن «انشقاق الفياض، وصدور القرار بإعفائه، من المحتمل أن تتبعه انشقاقات أخرى في ائتلاف (النصر)».
كان تحالف «الفتح»، الذي يتزعمه هادي العامري، قد أعلن رفضه إعفاء الفياض من مناصبه، عاداً إياه بادرة خطيرة، بإدخال «الحشد الشعبي» والأجهزة الأمنية في الصراعات السياسية، وتصفية الحسابات الشخصية. وقال التحالف، في بيان، إن «هذه القرارات غير قانونية، وفقاً للدستور، كون الفياض يشغل هذه المسؤوليات التي تعد بدرجة وزير، وهي مواقع سياسية شأنها شأن وزارة الدفاع والداخلية».
إلى ذلك، تستمر الضغوط الأميركية والإيرانية من أجل تشكيل الكتلة الأكبر قبل الاثنين المقبل، حيث موعد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي. وفي الوقت الذي يواصل فيه المبعوث الأميركي بيرت ماكغورك اتصالاته ولقاءاته المعلنة مع مختلف الأطراف العراقية لتقريب وجهات النظر بشأن تشكيل الحكومة المقبلة، فإن التحركات التي يقوم بها الجنرال قاسم سليماني تحاط في العادة بالسرية، في وقت تتحدث فيه مصادر عراقية عن انضمام قيادات من «حزب الله» اللبناني إلى تحركات سليماني الهادفة إلى إعادة توحيد البيت الشيعي، تحت ذريعة إعادة الاصطفاف الطائفي بين السنة والكرد.
وأبلغ مصدر عراقي مطلع «الشرق الأوسط» بأن «اللقاءات الإيرانية - اللبنانية مع القيادات الشيعية تتمحور بشأن جمع كتلة (الفتح) بزعامة هادي العامري، مع كتلة (سائرون) التي يدعمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من أجل أن ينضما إلى الحكومة المقبلة»، مبيناً أن «المشكلة التي تواجه كلا الفريقين أن العقدة التي تواجه الفتح هي عدم قبول حيدر العبادي، الذي لديه تحالف مع الصدر، بأن يكون مرشحاً لرئاسة الوزراء من بين عدة مرشحين، بل المرشح الوحيد، بينما العقدة التي لدى (سائرون)، وخصوصاً الصدر، هي عدم الالتقاء مع (دولة القانون)، لا سيما زعيمها نوري المالكي. وفي المقابل، لا يريد (الفتح) إقصاء المالكي، ولا (سائرون) إقصاء العبادي. لكنه رغم الجهود المبذولة، لم يتم التوصل إلى مقاربة مقبولة بين الطرفين حتى الآن».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.