«عصائب أهل الحق»: لا نخفي الدعم الإيراني

TT

«عصائب أهل الحق»: لا نخفي الدعم الإيراني

وصفت «عصائب أهل الحق» تقريرا نشر أول من أمس عن محاضر التحقيق التي أجراها الأميركيون مع زعيمها قيس الخزعلي قبل عقد من الزمن (عام 2007) تحدث فيها بالتفصيل عن علاقته بالإيرانيين، بأنه «ليس ذا قيمة».
وقال نعيم العبودي، الناطق الرسمي باسم عصائب أهل الحق وعضو البرلمان العراقي الجديد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما ورد في التقرير الأميركي أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه ليس ذا قيمة»، مبينا أن «بعضا مما يرد في مثل هذه التقارير نحن لا نخفيه بل نعلنه بشكل واضح سواء في دعمنا من قبل الجمهورية الإسلامية أو مقاومتنا للقوات الأميركية أو مواجهتنا للدواعش سواء في العراق أو للدفاع عن المقدسات».
وربط العبودي التقرير بالمشروع الأميركي في العراق «خصوصا لجهة موقف (العصائب) داخل تحالف الفتح ورفضنا المستمر للتدخل الأميركي ورسائلنا نحن و(الفتح) كانت وما زالت واضحة بهذا الشأن». وبين العبودي أن «العصائب والفتح يرفضان المشروع الأميركي والتدخل الأميركي وسوف نرفض أي مشروع أو مخطط خارجي يفرض على العراق لكننا في الوقت نفسه لا نتدخل في الخيارات الدبلوماسية للحكومة العراقية وهو من واجبها لكننا لن نسمح لأي جهة خارجية خصوصا أن التدخل الأميركي هذه المرة سافر جدا عبر إرسال مبعوث أميركي بدأ يهدد ويفتح ملفات وغيرها لفرض خياراتهم بشأن تشكيل الكتلة الأكبر».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» التي نشرت التقرير أوضحت أن محاضر التحقيق مع الخزعلي رُفعت عنها السرية قبل شهور في إطار جهد أميركي لفهم تاريخ الحرب في العراق، مشيرة إلى أن المحاضر متداولة في واشنطن حيث يدرس مسؤولو إدارة الرئيس ترمب ومشرعون إمكان تصنيف الخزعلي وميليشياته كـ«كيان إرهابي»، علما بأن التنظيم فاز بـ15 مقعداً من مقاعد البرلمان العراقي الـ329 في انتخابات مايو (أيار) الماضي.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن الخزعلي في محاضر التحقيق معه تحدث بالتفصيل عن التدريب والتسليح اللذين يقدمهما الإيرانيون لجماعات عراقية من أجل مهاجمة الجنود الأميركيين بهدف الضغط على الغرب للانسحاب من العراق، وهو ما تم عام 2011. وقال الخزعلي للمحققين، بحسب محضر يعود إلى 18 يونيو (حزيران) 2007. إن التدريب يقدمه «الحرس الثوري» الإيراني في ثلاث قواعد قرب طهران، بينها «قاعدة الإمام الخميني» التي قال الخزعلي إنه زارها. وأوضح أن «حزب الله» اللبناني كان يشارك في التدريبات التي يوفرها الإيرانيون، ولكن في حين كان مدربو الحزب اللبناني «خبراء في حرب العصابات وحرب المدن» كان الإيرانيون خبراء في أساليب «الحرب الواسعة النطاق». ولفت إلى أن الإيرانيين لم يحددوا الأهداف التي يجب ضربها، لكنهم حضّوا العراقيين على مهاجمة البريطانيين في البصرة والأميركيين في أماكن أخرى من أجل «إرغامهم على الانسحاب».
وألقى الخزعلي الضوء في التحقيقات على المتفجرات التي كان الإيرانيون يقدمونها للعراقيين من أجل تفجير آليات القوات الغربية، بما في ذلك العبوات الخارقة للدروع والتي أثبتت فاعليتها وتسببت في قتل أو جرح مئات الجنود الأميركيين.
ويقول مسؤولون أميركيون إن السبب الأساسي الذي دفعهم إلى اعتقال الخزعلي كان تورطه في محاولة خطف جنود أميركيين في كربلاء، وهي الحادثة التي انتهت بمقتل 5 جنود أميركيين. وكان الهدف من محاولة خطف الأميركيين مبادلتهم بسجناء من أنصار مقتدى الصدر محتجزين لدى التحالف الذي يقوده الأميركيون. وكانت إيران وراء هذه الخطة، بحسب ما قال الخزعلي للمحققين.
وفي التحقيقات المكثفة معه، ناقش الخزعلي بالتفصيل سفره إلى إيران موفداً من مقتدى الصدر، مشيراً إلى اجتماعه بكبار المسؤولين الإيرانيين وبينهم قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري. وفي محضر التحقيق معه في 6 يناير (كانون الثاني) 2008. قال الخزعلي للمحققين إنه اختلف لاحقاً مع الصدر واتهمه بأن «بلا مبادئ» و«يعمل من أجل مصلحته الشخصية فقط».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.