«حماس» تهدد بمواجهة عسكرية إذا لم يُرفع حصار غزة قريباً

TT

«حماس» تهدد بمواجهة عسكرية إذا لم يُرفع حصار غزة قريباً

هددت حركة حماس، وفصائل فلسطينية صغيرة مسلحة تتبع لها، بمواجهة عسكرية مع إسرائيل، في حال لم يتم رفع الحصار عن قطاع غزة قريباً، واستمرار تملّص الحكومة الإسرائيلية من محاولات التوصل إلى اتفاق تهدئة، يتضمن فتح المعابر وبناء مطار وميناء بهدف كسر الحصار.
وقال قائد حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، خلال لقاء جمعه بعدد من الصحافيين والمحللين والكتاب، إنه رغم التوقعات بأن التهدئة ستنجز قريباً ويرفع الحصار، فإن حركته أرسلت رسالة عبر عدد من الوسطاء لإسرائيل بأنها ستقلب «مرجل الجمر» في وجهها لمدة ستة أشهر كاملة، وستجعل صافرات الإنذار تدوي بشكل متواصل على طوال اليوم خلال تلك الفترة في غوش دان (تل أبيب ومحيطها)، ولفت إلى أنه اجتمع، إلى جانب نائب القائد العام لكتائب القسام مروان عيسى، مع أولئك الوسطاء، ونقلوا إليهم تلك الرسالة، وكذلك فعل عضو المكتب السياسي للحركة روحي مشتهى، وأضاف: «إذا دفعونا للحرب، فقوتنا عشرات أضعاف حرب 2014، وما قصفناه من الصواريخ في 51 يوماً في تلك الحرب، سنقصفه في 5 دقائق ولمدة 6 أشهر متتالية، ومن سيتخذ قرار الحرب ضد غزة سيصبح اسمه لعنة عند الصهاينة»، كما قال.
وشدد السنوار على أن «حماس» لن تسمح باستمرار الحصار، وبقاء أوضاع الناس صعبة، قائلاً: «سنقلب الدنيا على الجميع، وسنهدم سلطات وتنظيمات وكيانات، إذا تعلق الأمر بقوت الناس»، وأضاف: «اتخذنا القرار مع فصائل المقاومة، حرية غزة مقابل الهدوء، ولدينا من القوة المتواضعة التي تربك حسابات الاحتلال، وتطيح بمستقبل قياداته»، وتابع: «الحصار سيكسر، بعز عزيز أو ذل ذليل، ولا يمكن أن يستمر الحصار، وقرارنا وطني بذلك، ولو بالقوة، وسنفرض ذلك على الجميع، ولن نقبل تجويع البشر بهذا الشكل، وحينها سيدفع الجميع الثمن؛ رفعت الأقلام وجفت الصحف»، وواصل قائلاً: «لا قيمة للسلاح الذي نراكمه إن لم نجلب للناس الكرامة ولقمة العيش الكريمة».
وجدد رئيس «حماس» في غزة موقف قيادات من الحركة من أنه لا تهدئة دون ثمن سياسي، مبيناً أن حركته لا تبحث عن دولة في غزة، وأنها تقبل مرحلياً - وعلى مضض - بدولة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وذلك «دعماً للإجماع الوطني».
من جانبه، قال خليل الحية، نائب السنوار، في حديث آخر مع مجموعة من الصحافيين، إن «حماس» مصرة على كسر الحصار عن قطاع غزة، وأنها تريد ممراً مائياً يربط غزة بالعالم مباشرة، كباقي الدول، مشدداً على أن عنوان الحصار بالنسبة إلى «حماس» يتمثل بوجود مطار وميناء بحري. واتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه المتعنت في مواقفه بشأن رفع الحصار عن غزة، معتبراً أن السلطة «جن جنونها» بسبب مساعي رفع الحصار عقب «مسيرات العودة وكسر الحصار».
وشدد على أنه في حال فشلت الجهود المصرية والأمم المتحدة، فإن «حماس» ستواصل مقاومتها لرفع الحصار، مطالباً مصر والأمم المتحدة بإنجاز ما تم عرضه على الفصائل، وقال: «نقول لإخواننا في مصر وللأمم المتحدة وسلطات الاحتلال إن الوقت ليس مفتوحاً من أجل إنهاء الحصار عن غزة».
ويتبين من تصريحات قيادات «حماس» أن الحركة تعاني من الموقف الذي تبديه حركة «فتح»، برفضها للتهدئة، واتهام الحركة بأنها تمضي في مشروع لفصل غزة، ضمن ما يسمى «صفقة القرن».
وتأجلت المباحثات التي جرت قبل عيد الأضحى، وكان مقرراً استئنافها بعد العيد، في القاهرة، بسبب موقف حركة فتح، وبطلب مصري، لحين محاولات إقناع الرئيس محمود عباس بضرورة المشاركة في ملف التهدئة. وتؤكد «فتح» رفضها لمناقشة الملف قبل إنجاز ملف المصالحة، وتمكين الحكومة من كامل مهامها في القطاع.
وعقدت «حماس» سلسلة مشاورات، بحضور السنوار، مع فصائل فلسطينية مختلفة (فصائل صغيرة مقربة من «حماس»)، بهدف توحيد موقفها، في محاولة منها لحشد الفصائل ضد السلطة الفلسطينية و«فتح». كما عقدت «حماس» اجتماعات منفصلة مع «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الديمقراطية». وعقب تلك اللقاءات، قالت «لجان المقاومة في فلسطين»، المقربة من «حماس»، إن صبرها لن يطول، إذا لم يرفع الحصار الإسرائيلي «الظالم» و«العقوبات الجائرة» عن قطاع غزة. وأكدت اللجان أنها لن تتوانى في خوض معركة كسر الحصار بكل الوسائل والإمكانيات من أجل رفع المعاناة عن قطاع غزة.
وقالت: «إن صواريخنا جاهزة لتطال كل الأهداف الصهيونية على امتداد أرض فلسطين المحتلة»، وفق نص البيان.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.