بن دغر: التقرير الأممي غير حيادي... والحوثيون غير جادين في السلام

ناقش مع السفير الأميركي الترتيبات المتعلقة بمحادثات «جنيف»

بن دغر وصف التقرير الاممي بـ {غير الحيادي والمضلل}  («الشرق الأوسط»)
بن دغر وصف التقرير الاممي بـ {غير الحيادي والمضلل} («الشرق الأوسط»)
TT

بن دغر: التقرير الأممي غير حيادي... والحوثيون غير جادين في السلام

بن دغر وصف التقرير الاممي بـ {غير الحيادي والمضلل}  («الشرق الأوسط»)
بن دغر وصف التقرير الاممي بـ {غير الحيادي والمضلل} («الشرق الأوسط»)

انتقد رئيس الحكومة اليمنية أحمد عبيد بن دغر، أمس، التقرير الأممي الأخير الصادر عن مجلس حقوق الإنسان ووصفه بـ«غير الحيادي والمضلل»، في الوقت الذي اتهم الميليشيات الحوثية بعدم جديتها في السعي نحو السلام، وارتهانها للتعليمات المقبلة من طهران.
جاء ذلك خلال استقباله، أمس، في العاصمة المصرية القاهرة سفير الولايات المتحدة لدى اليمن، ماثيو تولر، لجهة مناقشة الترتيبات الحالية من أجل انعقاد مشاورات جنيف المقررة بعد أسبوع بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية.
وبحسب المصادر اليمنية الرسمية، أكد رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر خلال لقائه السفير الأميركي على دعم حكومته للجهود الأممية الساعية إلى التوصل لحل سياسي، التي ترتكز على مرجعيات الحل السياسي الثلاث المتوافق عليها محلياً ودولياً، والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، بالإضافة إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».
وقال إن «ميليشيات الحوثي لم تكن يوماً جادة في الجنوح للسلم، لأن قرارها أصبح رهينة بيد داعميها في إيران التي تقامر بحياة ودماء اليمنيين لابتزاز دول الجوار والمجتمع الدولي، ومحاولتها اليائسة - في إطار مشروعها التوسعي - السيطرة على مضيق باب المندب لتهديد أمن وسلامة الملاحة العالمية».
وأشار رئيس الوزراء اليمني إلى خطورة الدور الإيراني التخريبي في المنطقة وأهمية وضع حد لتدخلاتها، السافرة والإرهابية في شؤون الدول الأخرى وخرقها الواضح لقرار مجلس الأمن الدولي «2216» واستمرارها بتزويد الميليشيات الحوثية بالصواريخ البالستية لاستهداف الأراضي السعودية وتهديد خطوط الملاحة الدولية.
وأثنى بن دغر على موقف التحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية الذي أنقذ اليمن ممن وصفه بـ«المشروع الفارسي»، مشيراً إلى جهود التحالف في تطبيع الأوضاع ودعم الحكومة الشرعية لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين، وهو الأمر الذي قال إنه سيبقى خالداً وحاضرا في ذاكرة الشعب اليمني.
وانتقد رئيس الحكومة اليمنية التقرير الأخير الصادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن اليمن، وقال إنه «اعتمد على تقارير مضللة وكاذبة ومزيفة، وإن فقراته تفتقد إلى الحيادية والمهنية».
وكان التقرير الصادر الثلاثاء ضم بين جنباته جملةً من الادعاءات والمغالطات التي يرجح أنه استقاها من مصادر الإعلام الحوثي حول الانتهاكات المزعومة من قبل الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، فضلاً عن تجاهله للانتهاكات المتعاظمة للجماعة الحوثية بحق المدنيين في اليمن.
ولقي التقرير الأممي انتقادات واسعة من جانب الحكومة اليمنية والتحالف الداعم لها ووصفه الناشطون اليمنيون والمنظمات الحقوقية بغير الواقعي والمنحاز، خصوصاً أنه حاول أن يصور ما تقوم به الجماعة الحوثية على أنه «ثورة» يقودها زعيم الجماعة الحوثي.
وأكد بن دغر خلال لقائه السفير الأميركي أن التقرير الأممي أغفل الجرائم الإنسانية التي ارتكبتها ميليشيات الحوثيين بحق المدنيين في شتى أنحاء اليمن بداية بصعدة وعمران مروراً بالعاصمة صنعاء وانتهاءً بعدن وتعز، التي بدأت منذ منتصف 2014، والمتمثلة في قتل وتشريد المدنيين وتدمير المنازل والانقلاب على مؤسسات الدولة.
وقال رئيس الوزراء اليمني إنه «من غير المعقول أن يغفل التقرير انقلاب الميليشيات الحوثية على الشرعية الدستورية المنتخبة والدولة وسيطرتها على المدن والعاصمة صنعاء، بقوة السلاح وبدعم واضح من إيران، وأن يصوّر الأزمة في اليمن على أنها صراع على السلطة بين طرفين».
وأشار إلى أن التقرير استند إلى بيانات مضللة، وادعاءات بشأن استهدافات خاطئة، كما تجاهل أسباب الحرب في اليمن وأغفل نهب الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً مليارات الدولارات وتدمير المدن وارتكابها المجازر ضد الأبرياء، مطالباً بإعادة النظر فيه.
وكشف بن دغر عن أن الميليشيات الحوثية تمارس ضغوطاً على المنظمات الأممية العاملة في صنعاء، وقال إن ذلك يتضح من خلال البيانات المغلوطة والتي تحمل معلومات غير حقيقية، داعياً المنظمات لنقل مكاتبها إلى العاصمة المؤقتة عدن، والعمل بحيادية ومهنية.
وشدد رئيس الحكومة اليمنية على ضرورة أن يكون هناك حيادية والتزام بمبادئ الأمم المتحدة في العمل الإنساني والإغاثي وعدم أخذ الروايات من الجانب الحوثي، وعدم السكوت عما تقوم به الميليشيات الحوثية من اختراقات للقانون الدولي والإنساني.
وعبر بن دغر خلال لقائه بالسفير الأميركي، عن تقدير حكومته والشعب اليمني للموقف الأميركي الثابت في مساندة الشرعية اليمنية، والالتزام بتقديم كل أوجه الدعم الممكنة لإنهاء الانقلاب، وإدراكها للدور الإيراني التخريبي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن السفير الأميركي أنه «جدد التأكيد على دعم بلاده للشرعية اليمنية وحرصها على امن واستقرار ووحدة اليمن، كما أشار إلى إدراك الإدارة الأميركية للدور الإيراني في دعم جماعة الحوثيين إضافة إلى إدراكها أنشطة طهران التخريبية في المنطقة، ورفضها الكامل لما تقوم به»، وقال: «إن ذلك لن يستمر طويلاً».
وفي حين أثنى تولر على جهود الشرعية اليمنية في مكافحة الإرهاب، وتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، أكد أن بلاده ستقدم كل الدعم اللازم لهذه الجهود في إطار الشراكة القائمة والمتميزة مع اليمن.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.