منظمات يمنية وحقوقيون ينتقدون تقرير مجلس حقوق الإنسان

وصفوه بالانتقائي والمنحاز إلى صف الجماعة الانقلابية

TT

منظمات يمنية وحقوقيون ينتقدون تقرير مجلس حقوق الإنسان

توالت أمس انتقادات المنظمات اليمنية الحقوقية للتقرير الأخير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، مؤكدةً انحيازه وتجاهله لجرائم الميليشيات الحوثية التي تستحق التحقيق، فضلاً عن عدم استقائه لمعلوماته من المصادر الموثوقة.
وفي هذا السياق، أكد فريق اليمن الدولي للسلام، المعني بحقوق الإنسان في اليمن، أن التقرير الأممي تضمن مغالطات كثيرة ومنها ما تم تفنيده في التقارير السابقة للفريق بأدلة تنفي تلك المزاعم. وقال الفريق في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «إنه تابع وبأسف شديد التقرير الصادر من لجنة (فريق) خبراء مجلس حقوق الإنسان بشأن اليمن، الذي صدر أخيرا تحت مسمى (التقرير السنوي) الذي أظهر المجلس فيه عدم حياديته المفترضة وانحيازه الشديد للميليشيات الحوثية الإرهابية وتجاهله التام لكمّ كبير من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات في أغلب المناطق اليمنية».
وأشار الفريق إلى أنه كشف في تقارير سابقة له وخلال لقاءات متعددة مع فريق الخبراء، عن هذه الجرائم «ولكنه لم يجد لها أثراً في تقريرهم الذي يحتاج إلى التحقيق بشأنه». وأضاف البيان: «التقى رئيس فريق اليمن الدولي للسلام وغالبية أعضاء الفريق والعديد من الضحايا والشهود بالمعنيين والمختصين لدى لجنة الخبراء في عدة لقاءات طويلة منها في مكتبهم ببيروت وفي عدن والقاهرة وعمان، وقدمنا لهم شرحاً مفصلاً بالأدلة للجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي بشكل عام منذ انقلابهم على السلطة في سبتمبر (أيلول) 2014 وحتى تاريخ آخر لقاء عقد في القاهرة».
وتابع: «بالإضافة إلى لقائهم بضحايا وشهود أحداث ديسمبر (كانون الأول) 2017 التي شهدت أخطر الجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي ومنها اغتيال الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والتمثيل بجثته، ورفضهم تسليم جثمانه حتى الآن واغتيال أمين عام حزب (المؤتمر الشعبي) عارف الزوكا وتصفيته بطريقة بشعة داخل المستشفى، وقتل الآلاف من (المؤتمريين) واعتقالهم وتعذيبهم وتفجير منازلهم ونهب ممتلكاتهم وممتلكات حزبهم، إلا أن كل تلك الجرائم لم ترد في التقرير الأممي الذي زعم فريق المحققين أنه يشمل الفترة من أول سبتمبر 2014 وحتى يونيو (حزيران) 2018».
وأكد الفريق الحقوقي اليمني أن تقرير الأمم المتحدة: «أظهر فريق الخبراء بأنه يعمل بانتقائية تخدم ميليشيات الحوثي وتبعده عن الحيادية المفترضة، وتجعل من التحقيق الدولي بعد هذه الانتكاسة الأممية أمراً غير مقبول».
وقال الفريق: «كنا من دعا إلى التحقيق الدولي في السنوات الماضية، ولكننا اليوم بعد أن وجدنا بأن التحقيق الدولي هو الأخطر على اليمنيين لما أظهر من حقيقة التسييس الواضح في مثل هكذا تقارير التي لم تنظر إلى حقوق الإنسان إلا باعتبارها مجرد صفقات».
وأبدى الفريق مخاوفه من أن تكون جرائم الميليشيات الحوثية قد باتت محمية أممياً، بخاصة وأن التقرير الأممي لم يتطرق لجريمة قتل حوثية واحدة أو تحميل الجماعة المسؤولية، فضلاً عن أنه أغفل نهبها للمساعدات الإنسانية وبيعها في الأسواق.
ولفت الفريق اليمني إلى أن «الأشد غرابة في التقرير الأممي هو إنكاره لتهريب السلاح والمقاتلين والخبراء على الرغم من تقديم الأدلة على ذلك وضبط العديد من شحنات الأسلحة الإيرانية وتوثيق أسلحة تاريخها لاحق لتاريخ القرار (2216)».
وقال الفريق الحقوقي: «بإمكان المطلع أن يراجع المواقف السابقة التي حملت الحوثيين المسؤولية الكاملة جراء تدهور الوضع الاقتصادي بسبب الفساد ونهب المرتبات والإتاوات المفروضة والرسوم الجمركية والضرائب والمجهود الحربي وغيره من عوامل كانت الأبرز في تدهور الوضع الاقتصادي ليأتي التقرير بما ينفي مسؤولية الحوثيين عن ذلك تجعل القارئ يعتقد بأنه أعد في صعدة لا في جنيف».
وتابع: «للأسف الشديد فإن تقرير الخبراء وصف تحرير محافظة الحديدة بالعدوان، الأمر الذي أخرجه عن حياديته المفترضة ليعلن بذلك أنه أصبح طرفاً منحازاً لميليشيات الحوثي الإرهابية التي وصفها القرار (2216) بالانقلاب وطالب بإعادة الشرعية، مما يجعل من لجنة الخبراء غير مقبولة بعد تقريرها بعد أن أكدت فشلها الذريع».
وطالب الفريق الحقوقي في بيانه بالتحقيق في كل ما طرحه من انتقادات واتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذلك، مشيراً إلى أنه بات لا يعول مستقبلاً على أي تحقيق دولي طالما والسياسة (على حد قوله) أصبحت هي المسيطرة على الحقوق والحريات العامة».
إلى ذلك ناقشت ندوة أمس في محافظة مأرب اليمنية، أقيمت بمناسبة اليوم العالمي للمخفيين قسرا، تقرير خبراء الأمم المتحدة وانحيازه الكامل لميليشيات الحوثي الانقلابية، ومخالفاته لجميع توصيفات القرارات الأممية لمجلس الأمن الدولي ومنه «2216».
واتهم المشاركون في الندوة من أعضاء المنظمات الحقوقية والسياسيين والناشطين تقرير الخبراء الذي وصفوه بـ«المتحيز» بأنه «يحاول إخفاء الجرائم الإنسانية والوحشية التي ارتكبتها وترتكبها ميليشيات الحوثي الانقلابية بحق اليمنيين ومنها الإخفاء القسري وما يتعرض له المخفيون في سجونها من صنوف تعذيب وحشية توفى الكثير بسببها وبعض الحالات خرجت معاقة».
وشددت الندوة التي نظمتها مؤسسة فتيات مأرب بالتعاون مع مكتب حقوق الإنسان بالمحافظة على «أهمية تفعيل دور منظمات المجتمع المدني الحقوقية ووسائل الإعلام ومضاعفة جهودهما في فضح الانتهاكات والجرائم الإنسانية التي ترتكبها ميليشيات الانقلاب الحوثي بحق المدنيين أمام الرأي العام العالمي والمنظمات الدولية».
وكشف مشاركون في الندوة أنهم وثقوا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، قيام الميليشيات الحوثية بارتكاب أكثر من 1500 حالة إخفاء قسري في سجونها السرية، حيث رصدوا إخفاء 210 حالات في 2016، و517 حالة في 2017، و602 في 2018. من جانبه جدد التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد) مطالبة الميليشيات الحوثية بسرعة إطلاق سراح كل المخفيين قسرياً وتعويضهم وجبر ضررهم.
وعبر التحالف الحقوقي عن أسفه جراء وجود حالات اختفاء قسري في اليمن رغم مرور 26 عاماً من إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ومرور ثماني سنوات من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.