لقاح الحصبة... هل يسبب التوحد؟

تجدد النقاش حول الموضوع

لقاح الحصبة... هل يسبب التوحد؟
TT

لقاح الحصبة... هل يسبب التوحد؟

لقاح الحصبة... هل يسبب التوحد؟

احتل الجدل القائم الآن حول أهمية التطعيم الواقي من مرض الحصبة (measles)، مساحات كبيرة من المجلات الطبية المختصة بالطب الوقائي وصحة الأطفال، بعد ظهور حالات كثيرة من إصابات الحصبة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية للأطفال والبالغين، على حد سواء. وتجدد النقاش حول أهميته وضرورة تناوله من عدمه.
وعلى الرغم من أن هناك توصيات واضحة من الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال والهيئات الصحية الأوروبية، بضرورة إعطاء لقاح الحصبة مصحوباً باللقاح الخاص بالحصبة الألماني والغدة النكفية، فيما يعرف بـ«التطعيم الثلاثي» (MMR)، إلا أن هناك العديد من الآباء في دول أوروبا يخشون من تناول أطفالهم للقاح، بناءً على بعض الآراء التي ترددت حول إمكانية أن يكون اللقاح مسؤولاً عن الإصابة بالتوحد لدى بعض الأطفال، أو أن يؤدى إلى أعراض جانبية مثل الشلل.

- لقاح فعال وآمن
الحقيقة أن هذه الادعاءات لم تثبت بشكل قاطع، ولا توجد توصيات من الهيئات العلمية تحذر من اللقاح، كما أنه لا يوجد دليل علمي على أن اللقاح يؤدي إلى التوحد بشكل مباشر. كما أن نسبة التوحد في الأطفال الذين لم يتناولوا اللقاح ليست قليلة، بالمقارنة بأمثالهم ممن تلقوا اللقاح.
وينتمي هذا اللقاح لعائلة من اللقاحات التي يكون فيها الفيروس حياً، ولكن بعد أن يتم إضعافه بنسبة كبيرةlive attenuated) vaccine) بالشكل الذي يجعله غير قادر على إحداث الإصابة.
ولكنه بالطبع يعطي المناعة اللازمة للوقاية من المرض. وعلى الرغم من بساطة المرض، وحقيقة أنه فيروس في الأغلب يتماثل للشفاء من تلقاء نفسه، إلا أنه في بعض الأحيان تكون له مضاعفات خطيرة يمكن أن تؤدي إلى حدوث التهاب بالمخ ينتهي بالوفاة، خصوصاً لدى الأشخاص الذين لا يتمتعون بالمناعة الكافية وأيضا كبار السن.
وعلى الرغم من أن اللقاح يتمتع بنسبة عالية من الأمان والفعالية، وينجح في الحد من الإصابة بالمرض بنسبة تقترب من 95 في المائة، إلا أن ارتباط اللقاح بمرض التوحد يمثل هاجساً لدى الكثيرين. وربما يكون هذا الارتباط نابعاً من عدة أمور علمية، من أهمها دراسة إنجليزية نشرت في دورية «لانست» (Lancet) الطبية واسعة الانتشار، وذات المصداقية الطبية الكبيرة، في منتصف التسعينات، تشير إلى أن الأطفال الذين تلقوا تطعيم الحصبة لديهم فرصة أكبر من غيرهم للإصابة بالتوحد. كما أن هناك دراسات تشير إلى أن المشكلة ليست في اللقاح، في حد ذاته، ولكن في طريقة تصنيعه التي تعتمد على مادة حافظة تحوي نسبة كبيرة من الزئبق الذي ربما يؤدي إلى أخطار صحية، وهو الأمر الذي حذا بالأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، مع إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، لإصدار توصيات للشركات المنتجة للقاح بتقليل المادة الحافظة المحتوية على الزئبق، أو التخلص منها نهائياً. وأيضاً تزامنت هذه المخاوف مع تزايد نسبة الأطفال الذين يتم تشخيصهم على أنهم مصابون بطيف من أطياف التوحد في الدول النامية، على الرغم من أن هذه الدول في الأغلب تفرض التطعيمات الأساسية للوقاية من الأمراض على الأطفال. وأوضحت الأكاديمية أن نسب الأمان في استخدام اللقاح كبيرة جداً، وأن تناوله أفضل بكثير من عدم تناوله، خصوصاً للمرضى الذين يمكن أن يتعرضوا للعدوى مثل أطفال المدارس والمسافرين إلى المناطق التي توجد بها حالات إصابة في بعض الدول الأوروبية، وأن السبب الرئيسي في الإصابة بمرض التوحد في الأغلب يكون سبباً جينياً.

- تطعيم الأطفال
وأشارت الأكاديمية الأميركية إلى أن الأعراض الجانبية للقاح هي الأعراض الجانبية البسيطة نفسها لمعظم اللقاحات الأخرى، مثل الإصابة ببعض الطفح جراء التطعيم، وفي بعض الأحيان يمكن حدوث نوع من أنواع الإصابة الخفيفة بالمرض في غضون أسبوع بعد ميعاد التطعيم. ولا تستمر الأعراض أكثر من يومين إلى 3 أيام، وربما يحدث ارتفاع في درجة الحرارة، وفي بعض الأحيان تحدث أعراض جانبية نتيجة لارتباط اللقاح بتطعيم الحصبة الألماني والغدة النكفية.
يتم التطعيم عن طريق الحقن تحت الجلد، وليس في العضل بجرعة 0.5 مليلتر، ويمكن تناوله اعتباراً من عمر 12 شهراً. وتكون الجرعة الأولى من عمر 12 وحتى 15 شهراً. ويجب أن يتم إعطاء جرعة ثانية من التطعيم في عمر يتراوح بين الرابعة والخامسة قبل دخول المدرسة، ويمكن أيضاً أن يتم تناول التطعيم للبالغين، خصوصاً المسافرين لمناطق معروفة بوجود إصابات فيها إذا لم يكن قد سبق تطعيمهم في الطفولة، حيث إن التطعيم يعطي مناعة دائمة، وفي بعض الأحيان أثناء أوقات وجود إصابات بالغدة النكفية بشكل وبائي يمكن إعطاء جرعة ثالثة من اللقاح للأطفال قبل عمر 18 عاماً.
وهناك بعض الموانع للتطعيم؛ أهمها وجود حساسية من التطعيم بعد الجرعة الأولى، خصوصاً إذا كان تفاعل الحساسية خطيراً، ويهدد الحياة (نادرة الحدوث جداً)، كما أن الأطفال والبالغين الذين لديهم أمراض تضعف المناعة بشكل كبير مثل مرض الإيدز أو بعض أنواع السرطانات لا يمكنهم تناول التطعيم، حيث إنه يمكن أن يسبب الإصابة بالمرض، وكذلك الأطفال الذين يتناولون عقار «الكورتيزون»، حيث يؤثر بالسلب على المناعة، والأطفال الذين لديهم أمراض في مواد التجلط في الدم، ويمكن أن يتعرضوا للنزيف بسهولة، حيث إن هناك بعض الدراسات التي ربطت بين اللقاح والتأثير على الصفائح الدموية.
ولا ينصح باللقاح للأطفال الذين تلقوا تطعيماً في فترة أقل من شهر من تناولهم لقاح الحصبة، وبالنسبة للأطفال الذين يعانون من عدوى يمكنهم تناول اللقاح بعد تمام تماثلهم للشفاء، خصوصاً إذا كانت الحرارة مرتفعة، ويفضل الانتظار حتى تنخفض وتصبح طبيعية.

- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
TT

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)
مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، إلى جانب مكملات زيت السمك، يمكن أن يبطئ بشكل كبير نمو خلايا سرطان البروستاتا لدى الرجال الذين يختارون المراقبة النشطة، ما قد يقلل من الحاجة إلى علاجات عدوانية في المستقبل، وفق ما نشر موقع «سايتك دايلي».

وجد باحثون من مركز UCLA Health Jonsson Comprehensive Cancer Center أدلة جديدة على أن التغييرات الغذائية قد تبطئ نمو الخلايا السرطانية لدى الرجال المصابين بسرطان البروستاتا الذين يخضعون للمراقبة النشطة، وهو نهج علاجي يتضمن مراقبة السرطان من كثب دون تدخل طبي فوري.

سرطان البروستاتا والتدخل الغذائي

قال الدكتور ويليام أرونسون، أستاذ أمراض المسالك البولية في كلية ديفيد جيفن للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس والمؤلف الأول للدراسة: «هذه خطوة مهمة نحو فهم كيف يمكن للنظام الغذائي أن يؤثر على نتائج سرطان البروستاتا».

وأضاف: «يهتم العديد من الرجال بتغييرات نمط الحياة، بما في ذلك النظام الغذائي، للمساعدة في إدارة إصابتهم بالسرطان ومنع تطور مرضهم. تشير نتائجنا إلى أن شيئاً بسيطاً مثل تعديل نظامك الغذائي يمكن أن يبطئ نمو السرطان ويطيل الوقت قبل الحاجة إلى تدخلات أكثر عدوانية».

تحدي المراقبة النشطة

يختار العديد من الرجال المصابين بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة المراقبة النشطة بدلاً من العلاج الفوري، ومع ذلك، في غضون خمس سنوات، يحتاج حوالي 50 في المائة من هؤلاء الرجال في النهاية إلى الخضوع للعلاج إما بالجراحة أو الإشعاع.

وبسبب ذلك، يتوق المرضى إلى إيجاد طرق لتأخير الحاجة إلى العلاج، بما في ذلك من خلال التغييرات الغذائية أو المكملات الغذائية. ومع ذلك، لم يتم وضع إرشادات غذائية محددة في هذا المجال بعد.

في حين نظرت التجارب السريرية الأخرى في زيادة تناول الخضراوات وأنماط النظام الغذائي الصحي، لم يجد أي منها تأثيراً كبيراً على إبطاء تقدم السرطان.

الاستشارة الغذائية

لتحديد ما إذا كان النظام الغذائي أو المكملات الغذائية يمكن أن تلعب دوراً في إدارة سرطان البروستاتا، أجرى الفريق بقيادة جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس تجربة سريرية مستقبلية، تسمى CAPFISH-3، والتي شملت 100 رجل مصاب بسرطان البروستاتا منخفض الخطورة أو متوسط ​​الخطورة والذين اختاروا المراقبة النشطة.

تم توزيع المشاركين بشكل عشوائي على الاستمرار في نظامهم الغذائي الطبيعي أو اتباع نظام غذائي منخفض أوميغا 6 وعالي أوميغا 3، مع إضافة زيت السمك، لمدة عام واحد.

ووفق الدراسة، تلقى المشاركون في ذراع التدخل استشارات غذائية شخصية من قبل اختصاصي تغذية مسجل. وتم توجيه المرضى إلى بدائل أكثر صحة وأقل دهوناً للأطعمة عالية الدهون وعالية السعرات الحرارية (مثل استخدام زيت الزيتون أو الليمون والخل لصلصة السلطة)، وتقليل استهلاك الأطعمة ذات المحتوى العالي من أوميغا 6 (مثل رقائق البطاطس والكعك والمايونيز والأطعمة المقلية أو المصنعة الأخرى).

كان الهدف هو خلق توازن إيجابي في تناولهم لدهون أوميغا 6 وأوميغا 3 وجعل المشاركين يشعرون بالقدرة على التحكم في كيفية تغيير سلوكهم. كما تم إعطاؤهم كبسولات زيت السمك للحصول على أوميغا 3 إضافية.

ولم تحصل مجموعة التحكم على أي استشارات غذائية أو تناول كبسولات زيت السمك.

نتائج التغييرات الغذائية

تتبع الباحثون التغييرات في مؤشر حيوي يسمى مؤشر Ki-67، والذي يشير إلى مدى سرعة تكاثر الخلايا السرطانية - وهو مؤشر رئيسي لتطور السرطان، والنقائل والبقاء على قيد الحياة.

تم الحصول على خزعات من نفس الموقع في بداية الدراسة ومرة ​​أخرى بعد مرور عام واحد، باستخدام جهاز دمج الصور الذي يساعد في تتبع وتحديد مواقع السرطان.

وأظهرت النتائج أن المجموعة التي اتبعت نظاماً غذائياً منخفضاً في أوميغا 6 وغنياً بأوميغا 3 وزيت السمك كان لديها انخفاض بنسبة 15 في المائة في مؤشر Ki-67، بينما شهدت المجموعة الضابطة زيادة بنسبة 24 في المائة.