مصر والسودان لتعزيز «الشراكة الاستراتيجية» بـ20 اتفاقية

شكري والدرديري يترأسان في القاهرة «اللجنة الوزارية» للبلدين... وتنسيق بشأن البحر الأحمر

صورة نشرتها الخارجية المصرية للوزير شكري  ونظيره الدرديري محمد لدى لقائهما في القاهرة أمس
صورة نشرتها الخارجية المصرية للوزير شكري ونظيره الدرديري محمد لدى لقائهما في القاهرة أمس
TT

مصر والسودان لتعزيز «الشراكة الاستراتيجية» بـ20 اتفاقية

صورة نشرتها الخارجية المصرية للوزير شكري  ونظيره الدرديري محمد لدى لقائهما في القاهرة أمس
صورة نشرتها الخارجية المصرية للوزير شكري ونظيره الدرديري محمد لدى لقائهما في القاهرة أمس

عززت مصر والسودان المواقف الداعمة لتعميق العلاقات بين الجانبين، وهو المسار الذي يحظى بتأييد رئاسي في البلدين. وأحرزت القاهرة والخرطوم، خطوة جديدة في مسار دفع «الشراكة الاستراتيجية» بانعقاد اللجنة الوزارية المشتركة، في القاهرة، أمس، برئاسة وزير الخارجية المصري سامح شكري، ونظيره السوداني الدرديري محمد.
وناقش مسؤولون في مصر والسودان «ما يزيد على 20 مشروع اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجاً تنفيذياً، تمهيداً للتوقيع عليها خلال اللجنة الرئاسية العليا المنتظر انعقادها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره السوداني عمر البشير».
وتنوعت مجالات مشروعات الاتفاقيات التي تمت مناقشتها من قبل اللجنة الوزارية المصرية - السودانية بين «التجارة، والنفط والغاز، والزراعة، والصحة، والتعليم، والتعاون القضائي والقانوني وتسليم المجرمين، والسياحة، فضلاً عن قطاعات أخرى».
وتمت خلال اجتماعات اللجنة، مناقشة عدد من المشروعات الاستراتيجية في مجالات مختلفة، أهمها «مشروع الربط الكهربائي بين الدولتين بقوة 300 ميغاواط، الذي دخل بالفعل في مراحله التنفيذية، وكذلك مشروع الربط بين السكك الحديدية، الذي تجرى دراسته حالياً، تنفيذاً للاتفاق بين رئيسي الدولتين في هذا الشأن».
كما ناقش الجانبان «أوضاع المشروعات المشتركة بين الدولتين، كهيئة وادي النيل للملاحة النهرية، والشركة المصرية - السودانية للتكامل الزراعي، ومشروع اللحوم الاستراتيجي».
واستعرض الجانبان «نتائج اللجان الأخرى التي تجمع مسؤولي الدولتين، وما تحقق خلالها من خطوات إيجابية لدعم علاقات الدولتين، كاللجنة القنصلية، ولجنة المعابر والحدود والمنافذ».
وبحث الجانبان «القضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك. وحرص الجانب المصري على الترحيب بجهود السودان، برعاية الرئيس البشير، في تحقيق السلام في جنوب السودان، وما أسفرت عنه هذه الجهود من إنجاز ضخم في 5 أغسطس (آب) الجاري، بتوقيع الفصائل على اتفاق تقاسم السلطة، وعبر عن التأييد المصري لهذه الجهود، ودعمها بكل الإمكانات».
ولفت الجانبان إلى «أهمية التنسيق بينهما بشأن البحر الأحمر، كممر مائي في غاية الأهمية، سواء في اجتماعات الدول المشاطئة للبحر الأحمر، وفي أي محافل أخرى».
وأكد الجانبان «تطابق موقفهما تجاه القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وهو التطابق الذي يعكس بدوره مصالح الجانبين المشتركة على كل المستويات، وحقيقة أن أمن واستقرار وتنمية كلا الدولتين هو جزء بالغ الأهمية، ولا يتجزأ من أمن واستقرار وتنمية الدولة الأخرى، كما يعد ذلك التطابق انعكاساً لرؤية وتوافق قيادتي الدولتين، ونظرتهما المشتركة لمحورية هذه العلاقات وأولويتها الرئيسية لكلا الجانبين».
وخلال مؤتمر صحافي في أعقاب انتهاء اجتماع «الوزارية المشتركة»، قال وزير الخارجية المصري، إن «التنسيق الأمني والاستخباراتي بين القاهرة والخرطوم على أعلى مستوى، في إطار تحديات مشتركة في ليبيا وعدد من الدول»، ومشدداً على أن «مصلحة مصر والسودان واحدة، وهناك تنسيق مشترك سيتم التأكيد على استمراره، وأن هذه علاقة مقدسة واستراتيجية ولها خصوصية».
وأفاد وزير الخارجية السوداني بأن هناك جولة أخرى من المشاورات السياسية ستجمعه ونظيره المصري، وأن المباحثات الراهنة تطرقت إلى «التنسيق بشأن مكافحة الإرهاب، وضبط الحدود».
وأكد شكري على «أهمية الحفاظ على دورية انعقاد الاجتماعات التنسيقية بين وزارتي خارجية الدولتين»، معرباً عن تطلعه لزيارة الخرطوم لعقد اجتماع لجنة التشاور السياسي، وكذلك عقد اجتماع اللجنة الرباعية المكونة من وزارتي الخارجية، ومديري جهازي المخابرات، والتي عقد اجتماعها الأول بالقاهرة في 8 فبراير (شباط) الماضي.
وتطرق شكري إلى ملف المفاوضات بشأن سد النهضة، داعياً إلى أن «تصبح وتيرة المفاوضات المتعلقة بسد النهضة سريعة، وتلبي المصلحة المشتركة وفق توجيهات زعماء الدول الثلاث خلال اجتماعهم في أديس أبابا، بشأن التعامل مع هذه القضية كدولة واحدة».
وشدد شكري على أن «التعامل من هذا المنطلق يقتضي التوصل إلى اتفاق، نظراً لما أعلناه سابقاً من التزامنا بالإطار العلمي الفني، وهو غير قابل للتطويع والتسييس، إنما يراعي كافة المصالح بشكل عادل ومتساو».
وعدّ شكري أن هناك «توجهاً إيجابياً ورغبة في إزالة أي شوائب، بشأن سد النهضة، لمسه من قِبل رئيس الوزراء الإثيوبي، آبيي أحمد»، وذلك أثناء زيارته ورئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل إلى أديس أبابا قبل يومين، لنقل رسالة شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى آبيي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.