المغرب: أزمة حذف وزارة الماء تنتقل إلى داخل «العدالة والتنمية»

قيادي في «التقدم والاشتراكية» يدعو إلى انسحاب الحزب من الحكومة

TT

المغرب: أزمة حذف وزارة الماء تنتقل إلى داخل «العدالة والتنمية»

اتخذت أزمة حذف كتابة الدولة (وزير دولة) في الماء من الهيكلة الحكومية بالمغرب، أبعادا جديدة بانتقالها إلى أزمة داخلية في حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة، والذي اتخذ أمينه العام ورئيس الحكومة قرار بحذف المنصب الوزاري، وحزب التقدم والاشتراكية (الشيوعي سابقا)، المشارك في الحكومة، والمعني بالوزارة التي جرى حذفها.
وعاد النقاش بحدة إلى الواجهة بين قياديي حزب التقدم والاشتراكية حول جدوى المشاركة في الحكومة.
ووجه إسماعيل العلوي، رئيس مجلس حكماء الحزب، رسالة إلى الأمانة العامة للحزب يدعو فيها إلى الانسحاب من الحكومة، ومراجعة العديد من مواقف الحزب. كما ارتفعت أصوات داخل حزب العدالة والتنمية تنتقد تدبير قيادته، باعتباره الحزب الذي يقود الحكومة، لملف إلغاء كتابة الدولة في الماء، وإدارة التحالف الحكومي.
في هذا الإطار، طالبت النائبة أمينة ماء العينين، القيادية في حزب العدالة والتنمية، بضرورة انعقاد المجلس الوطني للحزب بوصفه هيئة تقريرية لمناقشة الوضع واتخاذ القرارات المناسبة. كما دعت ماء العينين قيادة حزب العدالة والتنمية إلى التفاعل مع أعضاء الحزب حول التساؤلات والانتقادات الموجهة لرئيس الحكومة من طرف حزب التقدم والاشتراكية بخصوص موضوع إلغاء كتابة الدولة في الماء «بدل تركهم يترقبون بلاغ حزب آخر لمشاركته ومناقشته في غياب تام للتواصل الداخلي وكأن لا حزب لهم ولا مؤسسات يستقون منها المعلومة بشفافية ووضوح»، على حد تعبيرها. معتبرة أن عدم حدوث ذلك «ينبئ بوجود أزمة حقيقية مهما تم التغاضي عنها، وانتقاد القائلين بوجودها سواء من خلال عزلهم أو تبخيس وجهات نظرهم».
وطالبت ماء العينين قيادة الحزب بـ«التوقف عن التعامل مع الأعضاء والمناضلين من منظور (إما معنا وإما ضدنا)، وأن تنتبه إلى أن الحزب يمر بفترة عصيبة زادتها حساسية الوضعية السياسية في البلد». وأضافت: «يجب أن نقر أن الحوار الداخلي إلى حدود اللحظة لم يؤد الأغراض المرجوة منه، وأنه بقي حوارا بين أفراد محدودين من حيث العدد داخل جدران مغلقة، وأن الأسئلة لدى عموم الأعضاء تتناسل دون أجوبة».
في غضون ذلك، لم يستطع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية خلال اجتماعه الذي عقد مساء أول من أمس، رغم أنه جاء بعد عقد لقاء بين وفد حزبي برئاسة أمينه العام مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني حول الموضوع. وقرر رفع الموضوع إلى اللجنة المركزية للحزب (بمثابة برلمان الحزب)، التي ستنعقد يوم 22 سبتمبر (أيلول) المقبل لاتخاذ الموقف الذي تتطلبه المرحلة.
وخرج اجتماع المكتب السياسي ببيان أشار فيه إلى أن رئيس الحكومة اتخذ قرار حذف المنصب الوزاري على خلفية توتر في العلاقات بين شرفات أفيلال القيادية بحزب التقدم والاشتراكية، والتي كانت تشغل منصب كاتبة الدولة في الماء، وبين عبد القادر عمارة الوزير المكلف التجهيز والنقل والماء، بسبب تداخل الاختصاصات. وانتقد بيان المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية تدبير العثماني للخلاف بين الوزيرين، والذي تطور إلى اتخاذ قرار حذف المنصب الوزاري دون استشارة قيادة التقدم والاشتراكية أو الوزيرة المعنية.
وجاء في البيان الصادر عن اجتماع المكتب السياسي للحزب «إن حزب التقدم والاشتراكية يتعامل دوما بكامل التقدير والاحترام مع القرارات الملكية السامية ويمتثل لها»، غير أنه «يعرب عن استغرابه من الأسلوب والطريقة التي دبر بها رئيس الحكومة هذا الأمر، حيث لم يتم إخبار لا الحزب ولا كاتبة الدولة المعنية بهذا المقترح قبل عرضه للمصادقة».
وأضاف أن المكتب السياسي للحزب «وبعد دراسة مستفيضة للموضوع من كافة جوانبه، وذلك على ضوء التقرير الذي تقدم به الأمين العام للحزب وضمّنه خلاصات اللقاء الذي جمع وفدا عن قيادة الحزب برئيس الحكومة يوم أمس الاثنين 27 أغسطس (آب) الجاري، فإن المكتب السياسي يعبر عن عدم تفهم حزب التقدم والاشتراكية لمغزى هذا الاقتراح، الصادر عن رئيس الحكومة والذي كان للوزير الوصي على قطاع التجهيز والنقل واللوجستيك والماء مسؤولية مباشرة فيه، والذي هَمَّ فقط قطاع الماء دون غيره من باقي القطاعات الحكومية الأخرى، ولم يأخذ أبدا بعين الاعتبار الضوابط السياسية والأخلاقية اللازمة في مجال تدبير التحالفات والعلاقات داخل أي أغلبية حكومية ناضجة، فبالأحرى عندما يتعلق الأمر باحترام العلاقة المتميزة التي تجمع حزبنا بحزب رئيس الحكومة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.