مجلس الوزراء يقرر مواصلة تجميد عمل مجلس المفوضين

TT

مجلس الوزراء يقرر مواصلة تجميد عمل مجلس المفوضين

أثيرت مجددا أمس، قضية أعضاء المفوضية العليا للانتخابات المستقلة الذي جمّد عملهم، في التعديل الثالث لقانون الانتخابات، وانتدب محلهم مجلسا مؤلفا من 9 قضاة في يوليو (تموز) الماضي للإشراف على إعادة عمليات العد اليدوي لصناديق الاقتراع المطعون بها التي أقرها التعديل نفسه.
وعادت هذه القضية إلى دائرة الضوء من جديد، إثر تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال مؤتمره الصحافي أول من أمس، قال فيها إن «مجلس الوزراء قرر وجوب تنفيذ أحكام القانون الذي شرّعه مجلس النواب والذي ينص على إيقاف عمل أعضاء مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لحين الانتهاء من التحقيق بجرائم التزوير المشار إليها بقرار مجلس الوزراء، وتعد جميع القرارات الصادرة عنهم باطلة».
وفيما يستند العبادي في موضوع الإبقاء على إيقاف عمل المفوضين على المادة الرابعة لقانون التعديل والتي توجب إيقاف أعضاء مجلس المفوضين، يستغرب مجلس المفوضين ذلك ويحاجج ومعه أغلب الكتل المعترضة على عدم أحقية مجلس رئيس الوزراء بالتصويت على بقاء إيقاف عمل المجلس.
وكان مجلس النواب العراقي عيّن 9 أعضاء في مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017. وينتمي هؤلاء إلى جهات سياسية مختلفة. ولكن بعد اكتشاف عمليات تزوير في الانتخابات الأخيرة قرر المجلس إيقاف عملهم لحين البت في عمليات التزوير. وتم تعيين مجلس قضاة ليقوم بإعادة عمليات العد اليدوي والنظر في الطعون وإعلان النتائج النهائية. وقام هذا المجلس المنتدب بإعلان نتائج الانتخابات النهائية في 9 أغسطس (آب) الجاري، وأعلن انتهاء عمله في 14 أغسطس الجاري بعد اكتمال المهمة التي أوكلت إليه.
وأعرب مجلس المفوضين المجمد في بيان أمس، عن استغرابه قرار مجلس الوزراء الأخير، وقال المجلس إن «صدور القرار الأخير لمجلس الوزراء حول استمرار إيقاف عمل مجلس المفوضين عن ممارسة مهامهم الوظيفية، يمثل خرقا لمبدأ الفصل بين السلطات وعمل الهيئات المستقلة»، مشيرا إلى أن «مفوضية الانتخابات تخضع لرقابة مجلس النواب وهي مشكلة من قبله وفق المادة 102 من الدستور وهي مسؤولة في أداء أعمالها أمام مجلس النواب».
ورفض مجلس المفوضين تعليل مجلس الوزراء قراره الأخير بالاستناد إلى التعديل الثالث لقانون الانتخاب، معتبرا أن «لجنة وزارية خماسية مشكلة للتحقيق بذلك قد أنهت اللجنة أعمالها».
ويؤكد بيان المفوضية أن اللجنة بعد قيامها برفع توصياتها إلى رئيس الوزراء في يوليو (تموز) الماضي وصادق عليها، قررت «عزل 3 مديرين من مكاتب المحافظات وموظفين اثنين». الأمر الذي يعني بحسب المفوضية، عودة الأخيرة إلى ممارسة مهامها الاعتيادية، خاصة بعد انتهاء أعمال القضاة المنتدبين ومصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج في 19 أغسطس الجاري، والتي أثبتت تطابقا كبيرا في النتائج بنسبة تقارب 99 في المائة مع نتائج العد الإلكتروني.
ولوّح مجلس المفوضين بلجوئه إلى «الطرق القانونية في الطعن بالقرارات التي تمس استقلالية المفوضية طبقا للدستور وقانونها رقم 11 لسنة 2007». كما دعا «رئيس الجمهورية ومجلس النواب المقبل والقيادات والفعاليات السياسية كافة للوقوف معه وحمايته ومنع التدخلات في عمله».
ووجدت دعوة مجلس المفوضين الفعاليات السياسية إلى الوقوف معه في صراعه مع رئاسة الوزراء آذانا صاغية من قبل عدد غير قليل من الشخصيات والكتل السياسية. فقد أكد نائب رئيس الجمهورية ورئيس ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، خلال لقائه أعضاء مجلس المفوضين، أمس، على «ضرورة احترام استقلالية مفوضية الانتخابات وعدم التدخل في شؤونها، والالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات وعمل الهيئات المستقلة»، مشيرا إلى أن «استمرار إيقاف عمل المفوضية يعد مخالفة للقانون ويعرض العملية السياسية لخلل خطير».
وزار رئيس تحالف «الفتح» هادي العامري و«عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي، أمس، مبنى مفوضية الانتخابات في خطوة لتقديم الدعم لها في مواجهة قرار مجلس الوزراء، واعتبر الخزعلي في تغريدة له على «تويتر» قرار مجلس الوزراء «غير شرعي أصلا وهو لعب بالنار ولا قيمة له وعلى أعضاء المفوضية العودة لعملهم ولن نسمح بأي مساس بهم أو بعملهم».
ووصف «تحالف القوى العراقية» الذي يضم شخصيات سنية القرار بأنه «تعسفي»، وقال التحالف في بيان أصدره أمس إن «قرار مجلس الوزراء يوم أمس باستمرار إيقاف عمل مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مخالفة قانونية وتعسف باستخدام السلطة من دون وجه حق بغطاء سياسي».
واعتبر التحالف أن «تعسف مجلس الوزراء دون وجه حق باستخدام صلاحية الإيقاف يعد مخالفة قانونية لقانون التعديل الثالث».
بدورها اعتبرت النائبة عن «تحالف بغداد» الكردية آلا طالباني أنه «لا يحق لمجلس الوزراء توجيه أي عقوبة انضباطية أو إدارية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات». وقالت طالباني في بيان: «نستغرب استمرار إيقاف مجلس المفوضين عن العمل لحين استكمال التحقيقات بناءً على تعديل قانون الانتخابات الأخير، مع أن قرار المحكمة الاتحادية بالمصادقة على نتائج الانتخابات يعتبر باتا وملزما لكل السلطات وفق المادة 94 من الدستور»، مشيرة إلى أن «توجيه أي عقوبة انضباطية أو إدارية من اختصاص مجلس النواب المنتخب ولا يحق لمجلس الوزراء التدخل في عمله».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.