هيلي تشكك في أعداد اللاجئين وحق العودة... والخارجية الفلسطينية تشكو {مجزرة سياسية}

في أول تصريح رسمي يعزز تقارير حول جهود واشنطن لإلغاء مكانتهم

TT

هيلي تشكك في أعداد اللاجئين وحق العودة... والخارجية الفلسطينية تشكو {مجزرة سياسية}

في أول موقف رسمي معلن، شكَّكَتْ السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، في أعداد اللاجئين الفلسطينيين، وبحق العودة، مبديةً الموافقة على ضرورة إزالة هذه القضية من على الطاولة.
وقالت هيلي في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات»، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن تدعم إسرائيل بشكل كبير، إنها توافق على أن «أونروا» تبالغ كثيراً في أعداد اللاجئين الفلسطينيين.
وأضافت: «سنكون أحد المانحين إذا قامت (أونروا) بإصلاح ما تفعله. إذا غيرت بشكل فعلي، عدد اللاجئين إلى عدد دقيق سنعيد النظر في شراكتنا لهم».
وتقول «أونروا»، إنها تقدم خدمات لنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، لكن تقارير أميركية وإسرائيلية تقول إن إدارة ترمب قد تعترف بـ500 ألف لاجئ فقط، باعتبار أن 750 ألفاً هم الذين غادروا قراهم الأصلية. ورفضت هيلي بشكل ضمني، حق هؤلاء بالعودة وهو مطلب فلسطيني رئيسي.
وردّاً على سؤال عما إذا كان يجب عدم طرح مسألة حق العودة، قالت هيلي: «أتفق مع ذلك، واعتقد أن علينا أن نبحث هذا في ضوء ما يحدث (مع اللاجئين) في سوريا وما يحدث في فنزويلا».
ولَمّحت هيلي إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترمب، سوف تفحص احتمال رفض رسمي للمطالبة الفلسطينية بعودة اللاجئين الذين نزحوا بين عام 1947 و1948، بالإضافة إلى أبنائهم إلى إسرائيل بعد تحقيق اتفاق سلام نهائي.
وأوضحت: «بالتأكيد علينا النظر بذلك».
وحق العودة إحدى المسائل الخلافية الكبيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وفيما يصر الفلسطينيون على أن حق العودة هو حق مقدَّس لا يسقط بالتقادم، ترفض إسرائيل عودة اللاجئين الفلسطينيين، وتعتبرها محاولة من قبل الفلسطينيين للقضاء على إسرائيل ديموغرافيّاً. ويؤكد حديث هيلي تقارير مختلفة حول نية إدارة ترمب، تحديد سياسة جديدة ومختلفة كلياً بداية شهر سبتمبر (أيلول)، حول الوكالة الدولية «أونروا» وقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وقال تقرير في قناة «حداشوت» الإسرائيلية قبل أيام، إن الولايات المتحدة ستعلن خلال أسبوعين، أنه لا يوجد سوى نحو نصف مليون فلسطيني يمكن اعتبارهم لاجئين، وليس كما تقول «أونروا» أكثر من 5 ملايين شخص.
وسيتضمن التقرير المرتقب، رفض الولايات المتحدة، تعريف الأمم المتحدة حول اللاجئين، الذي يحدد أبناء اللاجئين الأصليين أيضاً لاجئين. وكانت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أكدت في تقرير سابق، أن كبير مستشاري ترمب وصهره، جاريد كوشنر، ينشط بهدوء منذ فترة طويلة من أجل وقف وإغلاق وكالة «أونروا» التي تخدم ملايين اللاجئين الفلسطينيين في العالم.
واتهم كوشنر «أونروا» بأنها «فاسدة وغير مفيدة ولا تساهم في عملية السلام».
وبحسب التقرير الأميركي، فإن خطة كوشنر هي جزء من مجهود واسع أكبر، تبذله إدارة ترمب والكونغرس الأميركي لإلغاء مكانة اللاجئ الفلسطيني.
وتقوم الخطة على إلغاء «أونروا»، ونقل جزء منها إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، كبقية اللاجئين في العالم.
وثمة فرق جوهري بين مفوضية اللاجئين التي تعتني بجيل واحد من اللاجئين، و«أونروا» التي تعتني بأبناء وأحفاد اللاجئين وسلالتهم كذلك.
وتؤيد كل هذه التقارير اتهامات فلسطينية للإدارة الأميركية، بالعمل على «تصفية القضية الفلسطينية» من خلال تصفية قضية اللاجئين. ووصفت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس، تصريحات نيكي هيلي حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين بـ«امتداد للحرب التي تشنها إدارة الرئيس ترمب على (الأونروا) كرمز لهذه القضية التي تشكل جذر القضية الفلسطينية برمتها». وأدانت الوزارة في بيان، مواقف وتصريحات سفيرة ترمب لدى الأمم المتحدة، وقالت إنها «تؤكد أن قضايا الصراع الجوهرية بما تمثل من معاناة حقيقية لشعبنا، أكبر بكثير وأعمق من أن تستطيع هيلي وغيرها من الفريق الأميركي المتصهين، شطبها أو القفز عنها مهما طال الزمن».
وأضافت أن «تلك التصريحات دليل جديد على انقلاب الإدارة الأميركية الحالية، على المنظومة الدولية ومرتكزاتها، وعلى الشرعية الدولية وقراراتها، وتأكيد على أن السياسة الخارجية الأميركية تقوم على الإملاءات والابتزاز والترهيب».
وتساءلت الخارجية: «أين العالم من هذه التصريحات التي تُشكل مجزرة سياسية حقيقية بحق شعبنا وحقوقه؟!».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.