كشف وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه أرنز، أن إدارة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، كانت قد قررت إدانة إسرائيل في مجلس الأمن، بسبب اجتياحها لبنان سنة 1982، والمطالبة بوقف الحرب فورا. لكن المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، حينذاك، جين كيرباتريك، اجتمعت به فورا وطالبته بأن يتدخل. فاتصل بوزير الخارجية ألكسندر هيغ وأقنعه بضرورة تغيير القرار. فاستجاب له واستصدر قرارا من الرئيس ريغان باستخدام «الفيتو».
ويقول البروفسور أرنز، إنه لولا هذا التغيير لكانت صورة الأوضاع في الشرق الأوسط مختلفة، حيث إن استمرار الحرب قاد إلى إخراج قادة ومقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، ولا أحد يعرف كيف كانت ستكون الأوضاع لو بقوا هناك لسنوات أخرى.
وجاءت أقوال أرنز هذه في كتاب مذكراته، الذي صدر هذه الأيام باللغة الإنجليزية في الولايات المتحدة وسيصدر قريبا بالعبرية، وهو يحمل عنوان: «من أجل أمن إسرائيل». وأرنز، البالغ من العمر 93 عاما، من قادة الجناح اليميني المتطرف في حزب الليكود، الذي يرفض إقامة دولة فلسطينية، ويؤيد وجود دولة واحدة يحظى فيها الفلسطينيون بحقوق متساوية، ولكن بشكل تدريجي يطبق على أمد طويل. وقد خدم في السلك الدبلوماسي الإسرائيلي لسنة واحدة سفيرا في واشنطن، ثم أصبح وزيرا للدفاع 3 مرات في حكومات إسرائيل. ووقف ضد اتفاقيات السلام الإسرائيلية مع مصر وضد اتفاقيات أوسلو.
ويروي في كتابه عن موضوع حرب لبنان الأولى فيقول، إنه في يوم 7 يونيو (حزيران) 1982، بعد يومين من بدء الاجتياح الإسرائيلي للبنان، اتصلت به المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، وطلبت لقاءه في مقهى على انفراد. عن ذلك يقول: «فعندما التقينا، أبلغتني أن نائب الرئيس جورج بوش يفرض سطوته على الأمور في غياب الرئيس رونالد ريغان، الذي سافر إلى لندن، وأن بوش يدفع باتجاه اتخاذ قرار ضد دخول الجيش الإسرائيلي إلى لبنان. وقد بدت يائسة وعاجزة. وقالت إنها تعارض المشروع الذي طرح في مجلس الأمن الدولي (بمبادرة إسبانيا) لإدانة إسرائيل، ولكنها مجبرة على الالتزام بالتعليمات. وقالت إن ما قيل لريغان في هذا الشأن هو أن طاقم الطوارئ برئاسة بوش، قرر بالإجماع أن تكون الولايات المتحدة شريكة في قرار إدانة إسرائيل، وفي التهديد باتخاذ إجراءات عقابية ضدها بسبب الاجتياح، ولذلك صادق ريغان على القرار».
وهنا لا يذكر أرنز كثيرا من التفاصيل حول اتصاله بوزير الخارجية الأميركي، ألكسندر هيغ، الذي رافق ريغان، وكيف أقنعه بأن قرار بوش خاطئ. لكنه يوضح أن هيغ تدخل وأقنع ريغان بضرورة فرض «الفيتو»، وأن هيغ تحادث هاتفيا مع كيرباتريك قبل دقائق من اتخاذ القرار في مجلس الأمن، وأمرها بفرض (الفيتو)».
ويوضح أرنز في مذكراته أن ما قاله في حينه أرييل شارون، وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت، عن أن الولايات المتحدة منحت الضوء الأخضر لإسرائيل بأن تشن تلك الحرب على لبنان، غير صحيح، وأن شارون اخترعه ضمن أمور أخرى اختلقها لتبرير تلك الحرب.
وأرنز كان القائد السياسي الذي جلب بنيامين نتنياهو إلى العمل السياسي لأول مرة في السنوات الأولى من تسعينات القرن الماضي، ويعد ربيبه لفترة طويلة. ومع أنه يعارض اليوم عددا من قرارات نتنياهو، فإنه يرى فيه الشخصية الوحيدة القادرة على إدارة الأمور في إسرائيل. ويقول أرنز في مقابلة صحافية مع مجلة «لبرال»، بمناسبة صدور مذكراته: «بيبي إنسان جدّ موهوب وفذ، ويعترف خصومهُ وشانئوه أيضاً بذلك. إنه يحظى بالتقدير في العالم، وحتى الآن لا أرى شخصية تقوم بهذه المهمة أفضل منه. ومع ذلك أضيف، إنه لا يوجد إنسان عديم البديل. لكني أضيف أيضاً أنه عندما ننظر إلى الساحة الراهنة وإلى الشخصيات المتطلعة إلى القيادة والريادة، فإنني لا أرى بديلاً مناسباً».
وفي رد على سؤال بخصوص جمود عملية السلام ومدى خطورة ذلك على إسرائيل، قال أرنز: «يبدو لي أن تسوية سلمية أمر محال الآن، لأنه لا يوجد لدى الفلسطينيين عنوان واحد: توجد سلطة فلسطينية برئاسة محمود عباس (أبو مازن)، والعنوان الثاني هو حماس. وبالإضافة إليهما، توجد تنظيمات أخرى مثل (الجهاد الإسلامي) وغير ذلك. حماس لا تتوافق مع السلطة الفلسطينية، وإذا ما وقعنا على اتفاق مع محمود عباس فلن ينضم الآخرون. ومغزى ذلك عندها، أن هذه ليست نهاية الصراع. إذن فبعد أن نتنازل ونتوصل إلى حلول وسط، سيتبيّن أن هذه ليست بالنهاية. المشكلة الرئيسية للوضع تكمن في عجز القيادة والمجتمع الفلسطيني. يؤسفني أنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى قيادة قادرة على الأداء، ويؤسفني أيضاً أنه من غير الممكن إنهاء الصراع. وبالمناسبة، يُضاف هذا إلى أن محمود عباس لا يريد التوقيع على تنازل عن حق العودة في إطار أي اتفاقية للسلام».
أرنز: عباس لا يريد التنازل عن حق العودة... والصراع غير قابل للحل... ولا بديل لنتنياهو
يروي في مذكراته كيف تحول الرفض الأميركي لحرب لبنان إلى تأييد
أرنز: عباس لا يريد التنازل عن حق العودة... والصراع غير قابل للحل... ولا بديل لنتنياهو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة