المسلحون يسعون لفتح ثغرة باتجاه بغداد.. وإحباط هجوم لهم على مصفاة بيجي

الدوري يقر بتحالف «البعث» و«داعش» ويعلن أن اقتحام العاصمة بات «قاب قوسين أو أدنى»

صورة لمتطوعين شيعة نائمين داخل مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء أول من أمس (رويترز)
صورة لمتطوعين شيعة نائمين داخل مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء أول من أمس (رويترز)
TT

المسلحون يسعون لفتح ثغرة باتجاه بغداد.. وإحباط هجوم لهم على مصفاة بيجي

صورة لمتطوعين شيعة نائمين داخل مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء أول من أمس (رويترز)
صورة لمتطوعين شيعة نائمين داخل مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء أول من أمس (رويترز)

في وقت أعلنت فيه القيادة العسكرية العراقية إحباط هجوم جديد لمسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية (داعش)» على مصفاة بيجي ذات الأهمية الاستراتيجية، قالت مصادر إن المسلحين يسعون لفتح ثغرة باتجاه العاصمة بغداد من خلال مهاجمتهم ناحية الضلوعية (70 كلم شمال غربي بغداد) التابعة لمحافظة صلاح الدين.
وطبقا لمصدر أمني، فإن قوات الشرطة وأهالي بلدة الضلوعية، جنوب تكريت صدوا هجوما لمسلحين من تنظيم «داعش» بعد مقتل وإصابة عشرة من عناصر التنظيم، فيما قتل أربعة من عناصر الشرطة بينهم ضابط في اشتباكات مستمرة في محاولة للسيطرة على البلدة من قبل تنظيم «داعش». وقال المصدر في تصريح إن نحو 80 مسلحا من عناصر تنظيم «داعش» هاجموا فجر أمس الضلوعية من الجهة الشمالية وتمكنوا من الوصول إلى مركزها، لكنهم اضطروا إلى التراجع بسبب شدة المواجهات. وأبلغ «الشرق الأوسط» مصدر أمني مسؤول في أحد قواطع العمليات في تكريت، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، بأن «هجوم مسلحي (داعش) على الضلوعية يحمل في طياته أكثر من سبب؛ الأول هو أنهم يحاولون فك الخناق عنهم بعد تقدم القوات العراقية باتجاه دواخل مدينة تكريت بعد إحكام السيطرة على جوانبها الغربية والشرقية، وبالتالي فإن محاولة فتح جبهة جديدة لمشاغلة القوات العراقية باتت جزءا من تكتيك (داعش) في القتال». وأضاف المصدر أن «السبب الآخر هو أن السيطرة على الضلوعية تعد بالنسبة لـ(داعش) مفتاحا مهما باتجاه التحرك نحو بغداد، كون المنطقة شبه مفتوحة ولا تبعد سوى 70 كيلومترا عن العاصمة على الرغم من أنهم يعرفون استحالة ذلك بسبب الأطواق الأمنية والعسكرية حول بغداد، لكنهم يحتاجون ذلك لأغراض إعلامية من خلال القول إنهم باتوا يقتربون من بغداد».
من ناحية ثانية، قال الناطق الرسمي باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «مصفاة بيجي متوقفة عن الإنتاج منذ بدء العمليات العسكرية في محافظة صلاح الدين ونينوى». وفيما نفى جهاد سيطرة المسلحين على المصفاة في أي من الهجمات التي قاموا بها، فإنه عزا توقفها عن الإنتاج إلى «اختناق المنتج؛ إذ لا توجد منافذ للتصدير بسبب قطع الطرق، فضلا عن استهداف الأنابيب من قبل المجاميع الإرهابية».
على صعيد متصل، وفي أول اعتراف رسمي بالتحالف بين البعثيين و«داعش»، أشاد عزة الدوري، نائب رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين، بالتنظيمات المسلحة التي شاركت في السيطرة على مدينتي الموصل وتكريت، خاصة تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، بـ«محبة واعتزاز»، في تسجيل صوتي له هو الأول من نوعه منذ بدء العمليات. وفيما لم ينف أو يؤكد الأنباء التي أوردتها المصادر الرسمية العراقية بمقتل ولديه أحمد وإبراهيم في العمليات القتالية بتكريت، فإن الدوري الذي يتزعم حزب البعث ويتحالف مع تنظيم «جيش رجال الطريقة النقشبندية» قال إن «الانتصارات المتلاحقة في الأنبار وفي ديالى وعلى مشارف بغداد وفي التأميم (كركوك) قد شكلت انعطافا تاريخيا هائلا في مسيرة الأمة الجهادية»، مشيدا بدور فصائل مسلحة عديدة في المواجهات قائلا: «حيا الله (جيش رجال الطريقة النقشبندية) ومقاتلي الجيش الوطني الباسل والـ(قيادة العليا للجهاد) و(التحرير) و(الجيش الإسلامي) و(كتائب ثورة العشرين) ومقاتلي (جيش المجاهدين)». وحيّا الدوري «بعض مجاميع (أنصار السنة)، وفي طليعة هؤلاء جميعا أبطال وفرسان (القاعدة) و(الدولة الإسلامية - داعش) مني تحية خاصة ملؤها الاعتزاز والمحبة». وشدد الدوري المتواري عن الأنظار منذ عام 2003، على أن «تحرير بغداد بات قاب قوسين أو أدنى»، لافتا إلى أن «نصف العراق بات خارج سيطرة الحكومة»، مؤكدا في الوقت ذاته أن «اتهام المسلحين بالإرهاب غير صحيح».
وفي وقت ترفض فيه كل الفصائل الأخرى الاعتراف بـ«داعش»، فإن إعلان الدوري التحالف معها هو الأول من نوعه منذ إعلان ثوار العشائر والفصائل الأخرى أن ما يقومون به ثورة وانتفاضة شعبية ضد سياسات رئيس الحكومة نوري المالكي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.