وافق زعيم المتمرّدين في جنوب السودان رياك مشار في نهاية المطاف أمس (الثلاثاء)، على التوقيع على اتفاق سلام نهائي مع الحكومة يهدف إلى وضع حدّ للحرب الأهلية الدامية في البلاد، بحسب ما أفاد الوسيط السوداني الذي أوضح أن التوقيع سيتمّ غداً (الخميس).
وبعدما كان وزير الخارجية السوداني الدرديري أحمد قال في وقت سابق أمس للصحافيين إن مشار رفض التوقيع على الاتفاق مشترطا تضمينه تحفظات المعارضة، عاد الوزير الذي ترعى بلاده مفاوضات السلام في جنوب السودان وأعلن أن مشار وافق على التوقيع.
وقال أحمد إن «الوساطة السودانية قادت اليوم مفاوضات مكثفة مع د. رياك مشار قائد الحركة الشعبية المعارضة أفضت إلى موافقة د. رياك مشار على التوقيع على الاتفاقية النهائية للسلام بالأحرف الأولى بعد غد الخميس 30 أغسطس (آب) الجاري».
وأوضح الوزير السوداني أن التحفظات التي تحدّث عنها مشار «سترفعها الوساطة السودانية لقمة إيغاد لطلب تفويض بمناقشتها»، في إشارة إلى الهيئة الحكومية للتنمية وهي تكتّل يضم دولاً من شرق أفريقيا ويعمل منذ أشهر طويلة في سبيل التوصل لاتفاق سلام في جنوب السودان.
وكان مشار أجرى محادثات في الخرطوم على مدى أسابيع مع خصمه رئيس جنوب السودان سلفا كير من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل ينهي النزاع الذي أسفر عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين منذ اندلاعه في ديسمبر (كانون الأول) 2013.
ووقّع الزعيمان على عدة اتفاقات بينها اتفاق وقف دائم لإطلاق النار وآخر لتقاسم السلطة ينص على عودة مشار إلى منصبه كنائب أول للرئيس، إلا أن زعيم المتمردين رفض في بادئ الأمر الثلاثاء التوقيع على الوثيقة النهائية التي وقّعتها الحكومة.
وبحسب مسؤولين فإن تحفّظات مشار تتعلق بسير عمل الحكومة الانتقالية المقترحة وعدد الولايات التي سيتم تحديدها في البلاد وصياغة الدستور الجديد.
وقبل موافقة مشار، عرض الوزير السوداني على الصحافيين والدبلوماسيين الذين حضروا لمتابعة ما كان يفترض أن يكون حفل توقيع بالأحرف الأولى، نص مسودة الاتفاق الذي أكد أنه النسخة النهائية التي تم التوصل إليها بعد المشاورات بين جميع الأطراف في جنوب السودان.
وقال: «لن يكون هناك سلام في جنوب السودان دون المجموعات التي لم توقع اليوم».
لكن المتمردين أكدوا أنهم تفاجأوا بوضع الوسطاء مسودة الاتفاق النهائي رغم وجود عدة مسائل عالقة كان من المفترض أن يتم حلها.
وقالوا في بيان مشترك: «هذا تطور مؤسف لن ينعكس بشكل إيجابي على حيادية الوسطاء وسيلقي الشكوك على العملية برمتها».
وأضافوا «ولذلك، نحث الوسطاء على السماح لجميع الأطراف بحل هذه الأمور الهامة التي تشكل نقاط خلاف».
وأكدت المجموعات المتمردة أنها لا تزال مستعدة للتفاوض.
إلا أن الوزير السوداني أشار إلى أن رفض المعارضة التوقيع يعني انتهاء الجولة الحالية من المحادثات في الخرطوم وقال: «هذه آخر جولة تفاوض ولن يكون هناك تفاوض مرة أخرى»، مشيرا إلى أن الوسطاء سيرفعون النص إلى «إيغاد» رغم أنه لم يتضح بعد متى سيجتمع قادة هذا التكتل لمناقشة المسألة.
وفي وقت سابق هذا الشهر، وقّع كير ومشار على اتفاق لتقاسم السلطة ينص على عودة زعيم المتمردين إلى الحكومة كنائب أول للرئيس من بين خمسة في هذا المنصب.
وكان من المفترض أن يمهّد الاتفاق الطريق أمام التوصل إلى معاهدة سلام نهائية وتشكيل حكومة انتقالية تتولى السلطة إلى حين إجراء الانتخابات.
لكن داعمي عملية السلام الدوليين شككوا في مدى قدرة الاتفاق على الصمود، نظراً لعمق العداوة بين قادة جنوب السودان والتي تعود إلى التسعينات عندما انشق مشار أول مرة في ذروة الحرب التي خاضتها البلاد للاستقلال عن السودان.
وأصدرت بريطانيا والنرويج والولايات المتحدة بيانا مشتركا في العاشر من أغسطس حذرت فيه من وجود «تحديات كبيرة مقبلة، ونحن قلقون من أن الترتيبات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن غير واقعية ولا مستدامة».
وقالت الدول الثلاث: «نظراً لإخفاقاتهم السابقة، على قادة جنوب السودان أن يتصرفوا بطريقة مختلفة ويظهروا التزامهم بالسلام والإدارة الجيدة».
وحصل جنوب السودان على استقلاله عن السودان في 2011 لكن بعد نحو عامين، اندلعت حرب جديدة بين كير ونائبه السابق مشار.
وارتكبت خلال النزاع عمليات قتل واغتصاب واسعة، على أساس عرقي في كثير من الحالات، بينما أجبر نحو ثلث السكان على النزوح.
ووقع الزعيمان عدة اتفاقات سلام انهارت، كان آخرها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي كل مرة، تبادل الطرفان الاتهامات بشأن التسبب في انهيار التسويات وعمليات القتل التي تلت ذلك.
زعيم المتمردين بجنوب السودان يوقّع غداً اتفاق السلام
زعيم المتمردين بجنوب السودان يوقّع غداً اتفاق السلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة