تتواصل الاشتباكات المتقطعة بين ميليشيات مسلحة في العاصمة الليبية لليوم الثاني، على الرغم من الإعلان عن وقف مؤقت لإطلاق النار، في وقت اجتمع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج، أمس، مع قيادات عسكرية وأمنية في طرابلس.
وجاءت هذه التطورات فيما استمر تصاعد الخلاف التقليدي بين فرنسا وإيطاليا حول كيفية إنهاء الأزمة الليبية، واعتبرت إيطاليا أن إصرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إجراء الانتخابات العامة في ليبيا بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مسألة «غير واقعية» بعد اشتباكات طرابلس.
ونقلت وكالة «أكي» الإيطالية عن وكيل وزارة الخارجية الإيطالي قوله في «تغريدة» عبر موقع «تويتر» أن «فرضية الانتخابات المعلنة من ماكرون، (مع التهديد الذي تشهده طرابلس) تشبه سياسته الأوروبية، هي ببساطة غير واقعية».
وأبدى ماكرون مجدداً تصميمه على الدفع قدما بالاتفاق الذي أبرم في العاصمة الفرنسية باريس بين مختلف الأطراف الليبية خلال مايو (أيار) الماضي، وقال في مؤتمر لسفراء فرنسا في الخارج: «أؤمن بشدة في إعادة السيادة الليبية»، مضيفاً: «في هذا البلد الذي أصبح مسرحاً لكل المصالح الخارجية، دورنا هو النجاح في تطبيق اتفاق باريس».
إلى ذلك، قالت مصادر أمنية وسكان لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في العاصمة مرشح للتدهور والمزيد من المعارك الدامية، مشيرة إلى أن قتالا جرى أمس بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في منطقة صلاح الدين، كما تجددت الاشتباكات بمنطقة خلة الفرجان، بعد ساعات قليلة فقط من الإعلان عن هدنة بعد وساطات محلية.
واضطر بعض السكان لمغادرة منازلهم القريبة من منطقة الاشتباكات، بينما كانت بعض الطرق خاصة في الجنوب الشرقي للمدينة، مغلقة وكان يمكن للسكان سماع دوي الانفجارات، فيما شوهدت الآليات العسكرية في شوارع المدينة وحلقت طائرة حربية في سمائها.
وكان العميد عبد السلام عاشور، وزير الداخلية بحكومة الوفاق أعلن في تصريحات تلفزيونية عن التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف القتال عبر تسليم تمركزات اللواء السابع لمديرية أمن طرابلس.
وأعلن اللواء السابع التابع لوزارة الدفاع في حكومة السراج أنّه صد هجوما على مواقعه في المناطق الواقعة جنوب شرقي العاصمة، الذي يشهد منذ أيام توتر وتحشيد عسكري بين مجموعات مسلحة من خارج وداخل المدينة، دون معرفة أسبابها.
مقتل «داعشي» بغارة جوية
وكشف موقع إيطالي متخصص في مراقبة تحركات الطائرات العسكرية فوق إيطاليا والبحر المتوسط، عن قيام طائرة استطلاع قال إنها تعمل لصالح الجيش الأميركي وبموافقة السلطات الليبية، بمهمة مراقبة فوق طرابلس قبل ساعات من الإعلان عن الهدنة التي لم تصمد على ما يبدو. في الوقت ذاته، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن طه حديد المتحدث باسم «قوة حماية وتأمين مدينة سرت» التابعة لحكومة الوفاق بأن غارة جوية استهدفت أحد عناصر تنظيم داعش في بني وليد (200 كلم جنوب شرقي طرابلس). وقال المتحدث إن سرايا الاستطلاع التابعة لقوة حماية سرت رصدت تحركات لجماعة يُظن أنها تتبع تنظيم داعش، ما دفع القوة لرفع درجة التأهب وتكثيف الدوريات بالمنطقة.
وأكد أن إحدى السيارات التابعة للتنظيم ويستقلها أشخاص ملثمون أحدهم ليبي أقامت بوابة استيقاف جنوب المدينة، ما دفع أحد المواطنين إلى التبليغ عن وجودهم. وأشار المتحدث إلى أن طائرة من دون طيار استهدفت اليوم أحد العناصر التابعين للتنظيم في منطقة الظهرة في بني وليد. وقالت «قناة 218» الليبية إن «الغارة استهدفت أحد عناصر التنظيم الفارين من سرت ويدعى وليد أبو حريبة».
عودة السراج
وفي غياب السراج رئيس الحكومة الذي عاد مساء أول من أمس إلى طرابلس قادماً من بريطانيا التي لم يُعلن مسبقاً عن قيامه بزيارتها رسميا، نفى نائبه أحمد معيتيق ما روجت له وسائل الإعلام بشأن مغادرة المجلس الرئاسي للحكومة المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، العاصمة طرابلس، على خلفية الاشتباكات.
وكان معيتيق قال مساء أول من أمس، عقب الاجتماع الذي عقده بمقر وزارة الداخلية مع وزيري الصحة والداخلية في الحكومة، إن مجلسها الرئاسي ووزراءها موجودون في طرابلس ويؤدون أعمالهم بشكل طبيعي.
وترأس السراج أمس، اجتماعا ضم كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين التابعين لحكومته، حيث اطلع وفقا لبيان أصدره على الترتيبات التي اتخذت لتأمين سلامة المواطنين، وردع كل من يحاول المساس بحياتهم وممتلكاتهم والمنشآت العامة، وأقر عددا من الخطط والبرامج الأمنية التي طرحت خلال الاجتماع.
وقالت وزارة الصحة بالحكومة إن حصيلة الاشتباكات ارتفعت إلى خمسة قتلى بالإضافة إلى 33 جريحاً من بينهم حالات خطيرة استقبلتهم ثلاثة مستشفيات حكومية ومصحة علاجية خاصة.
ونعت قوة الردع الخاصة 4 من ضباطها حددت أسماءهم وقالت إنهم قتلوا دفاعا عن مدينة طرابلس، مشيرة في بيان مقتضب لها إلى أن جنازتهم أقيمت بعد ظهر أمس.
وفي تطور مفاجئ، عقد أمس، محافظا مصرف ليبيا المركزي في طرابلس غربي البلاد الصديق الكبير، وفي البيضاء (شرق) علي الحبري، اجتماعا نادرا في تونس، أمس، قالت البعثة الأممية إنه تم بدعوة منها، حيث ناقشا «مراجعة أعمال المصرف المركزي في كل من طرابلس والبيضاء». واكتفت البعثة في بيانها بالقول إن الاجتماع «كان إيجابيا في نتائجه»، دون أن تكشف عن تفاصيله.
ويوجد في ليبيا مصرفان مركزيان الأول في طرابلس، ويعترف به المجتمع الدولي وتذهب إليه إيرادات النفط، والثاني في البيضاء شرقي البلاد ويصفه المجتمع الدولي بـ«البنك المركزي الموازي» رافضا الاعتراف به.
إلى ذلك، أعلن مجلس النواب الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، تحديد جلسته المرتقبة في الثالث من سبتمبر (أيلول) المقبل، لإجراء التعديل الدستوري الذي يسمح للبلاد بالبدء في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية العام الحالي كما تخطط البعثة الأممية.
وقال عبد الله بليحق الناطق الرسمي باسم البرلمان أول من أمس، إنه في حال عدم توفر 120 صوتا يمثلون النصاب القانوني وعدم تمكن المجلس من تعديله للإعلان الدستوري، سيتم تفعيل القرار الرقم 5 القاضي بانتخاب رئيس مؤقت للبلاد بشكل مباشر من الشعب».
السراج يجتمع مع قيادته العسكرية لبحث إجراءات وقف الاشتباكات في طرابلس
البعثة الأممية تجمع في تونس محافظي المصرف المركزي في غرب ليبيا وشرقها
السراج يجتمع مع قيادته العسكرية لبحث إجراءات وقف الاشتباكات في طرابلس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة