الحكومة الروسية ترفع ضريبة المحروقات وتتراجع عن تدابير كبح الأسعار

الكرملين لا يجد ما يدعو إلى القلق

الحكومة الروسية ترفع ضريبة المحروقات وتتراجع عن تدابير كبح الأسعار
TT

الحكومة الروسية ترفع ضريبة المحروقات وتتراجع عن تدابير كبح الأسعار

الحكومة الروسية ترفع ضريبة المحروقات وتتراجع عن تدابير كبح الأسعار

تجدد الجدل حول أسعار المحروقات في روسيا، والقلق من احتمال ارتفاعها مجدداً، على خلفية إعلان الحكومة الروسية عن بدء العمل مطلع العام القادم بقرار زيادة الضريبة على البنزين والديزل، ما يعني عمليا تراجعها عن تدابير اضطرت لاعتمادها ربيع العام الماضي، لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار البنزين في السوق المحلية.
وأكد مسؤولون أن الحكومة تمتلك كل الأدوات الضرورية لكبح الأسعار والتحكم بتقلباتها بعد رفع الضريبة، وهددوا بفرض رسوم على صادرات المشتقات النفطية، لضبط السوق. من جانبه اعتبر الكرملين أنه من السابق لأوانه الحديث عن تدابير لمواجهة أزمة أسعار الوقود، لأنه «لا أزمة بعد في هذا المجال»، هذا بينما أكدت الوكالة الفيدرالية الروسية لمكافحة الاحتكار، في بيان مشترك مع وزارة الطاقة الروسية، عدم وجود أي مبررات تدعو للقلق بشأن توفر كميات كافية لاستمرار تزويد المحطات بالوقود.
عودة الحديث عن أسعار الوقود في السوق المحلية تجدد على خلفية تصريحات أدلى بها دميتري كوزاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، وأكد أن الحكومة قررت رفع الضريبة على الوقود في السوق المحلية اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2019، وأضاف موضحاً أن الضريبة سترتفع بقدر 3700 روبل (نحو 60 دولارا) لكل طن من البنزين، و2700 روبل (نحو 45 دولارا) لكل طن من وقود الديزل. ويشكل هذا القرار تراجعاً من جانب الحكومة الروسية عن قرارين اتخذتهما نهاية مايو (أيار) الماضي، الأول أكدت فيه تأجيل قرار رفع ضريبة المشتقات النفطية بقدر 700 روبل لكل طن، والثاني تخفيض ضريبة البنزين (عن مستويات مايو) بقدر 3000 روبل، والديزل 2000 روبل.
وجاءت تلك القرارات حينها لمواجهة أزمة في السوق المحلية على خلفية ارتفاع أسعار البنزين منذ أبريل (نيسان) الماضي، إلى أن تجاوز 43 روبلا للتر الواحد نهاية مايو.. إلا أن تلك القرارات لم تؤد إلى تراجع أسعار الوقود، وإنما ساهمت في كبح ارتفاعها. وتشير معطيات رسمية إلى أن الخزينة الروسية خسرت من دخلها السنوي نحو 80 مليار دولار نتيجة قرار خفض ضريبة الوقود.
ويرى دميتري كوزاك، نائب رئيس الوزراء الروسي، أن إلغاء التخفيض السابق على ضريبة الوقود، والعودة إلى قرار رفع الضريبة بقدر 700 روبل للطن، لتصل مطلع العام القادم حتى 11.892 ألف روبل لطن البنزين، و8.258 ألف روبل لطن وقود الديزل، لن يؤديا إلى ارتفاع ملموس على أسعار الوقود في السوق، وأكد قدرة الحكومة الروسية على تبني تدابير محددة لضبط الأسعار. وقال إن الحكومة تستعد للمناورة الضريبة التي تنص بما في ذلك على «ضريبة عكسية» أو تخفيض الضريبة على إنتاج المشتقات النفطية، وتوعد في الوقت ذاته بفرض رسوم مؤقتة على صادراتها، إن لم تنجح التدابير الأولية بضبط ارتفاع أسعار الوقود في السوق المحلية.
من جانبه قال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يطالب الحكومة دوماً باتخاذ التدابير الضرورية للحيلولة دون ارتفاع أسعار البنزين، ورأى أنه لا حاجة للحديث الآن عن تدخل الحكومة في «الأزمة» لأنه «لا أزمة بعد في هذا المجال». وانضمت الهيئة الفيدرالية لمكافحة الاحتكار ومعها وزارة الطاقة الروسية إلى «الطمأنات» الرسمية، وقالتا في بيان مشترك أمس إن مستويات الإنتاج لا تشير إلى ما يدعو للقلق بشأن إمدادات السوق بالوقود.
وتأتي تطورات المحروقات على الصعيد الداخلي في روسيا، في ذات الوقت الذي تنشط فيه روسيا على مستوى النفط خارجيا. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن خلال جلسة تنمية استراتيجية مجمع الطاقة الروسي يوم الاثنين، أن المنافسة في سوق الطاقة العالمية تتصاعد ويتعين على روسيا الوصول إلى أسواق جديدة وتعزيز موقفها فيها.
وقال بوتين: «أود أن أشير إلى أن المنافسة في سوق الطاقة العالمية قد تصاعدت، وأنه من المهم جدا أن نستخدم مميزاتنا التنافسية بفاعلية وننوع طرق التوريد ونصل إلى أسواق جديدة ونعزز موقفنا فيها».
وذكر الرئيس الروسي أن أول منتدى روسي صيني للطاقة سيجري في العاصمة الصينية بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) القادم، مشيرا إلى أن 40 شركة ستمثل موسكو في هذا المنتدى.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.