بيوت الضيافة في لبنان... عودة إلى الجذور والطبيعة

تتميز بعمارتها القديمة وهندستها الداخلية الحديثة

«ديوان البيك» في بلدة دوما
«ديوان البيك» في بلدة دوما
TT

بيوت الضيافة في لبنان... عودة إلى الجذور والطبيعة

«ديوان البيك» في بلدة دوما
«ديوان البيك» في بلدة دوما

بيوت قديمة، وأبنية تعود لزمن بعيد، تتحدّث عن طبيعة العمارة في مناطق مختلفة تنتشر في ربوع لبنان، باتت اليوم تستضيف الزّوار والسّياح والرّاغبين في قضاء بعض الوقت فيها، خصوصاً بعد ترميمها مواكبة للعصر.
أكثر من مائة بيت ضيافة، تشكل مروحة من الخيارات المنوعة التي باستطاعتك إيجادها في بلدات وقرى متعددة. فأن تزور لبنان، وتتمتع بإقامة بين ربوعه داخل بيوت تذكرك بمنزل أجدادك، وبتاريخ قرى وبلدات عريقة، هي اليوم أحدث ظاهرة تشهدها بلاد الأرز في عالم الخدمات السياحية. فكما «بيت الياسمين» في صور، و«بيت النسيم» في طرابلس، فإن «دار حنين» في بلدة بحرصاف، و«بيت الكروم» في زحلة، و«بيت الهنا» في معاصر الشّوف، تستقبلك أيضاً في أقسامها المؤلفة من صالتي طعام وجلوس، ونحو 5 غرف نوم، تماماً كما في «بيت القمر» في دير القمر، و«ديوان البيك» في دوما، وغيرها. تتميز إقامتك فيها بالهدوء والخصوصية، وهي تستقطب حالياً السائح والمقيم على حد سواء.
في هذا الإطار، اخترنا لك ثلاثة بيوت ضيافة، موزعة على عدد من المناطق اللبنانية، لإقامة مميزة في حناياها.
«1 - ديوان البيك» في بلدة دوما
منزل قديم بناه جوزيف شلهوب منذ نحو 170 سنة، ورثه عنه اليوم حفيده الذي حوله إلى منزل للضيافة يواكب بعصرنته الزّمن الحالي.
ويعدّ هذا المنزل التّاريخي مكاناً يُنصح به لمن يرغب في إقامة هادئة، بعيداً عن ضوضاء المدينة؛ غرف نوم واسعة، وأخرى صغيرة، تستقبل العائلات من دون أن تحتسب كلفة الأطفال دون الـ10 سنوات. وفي حديقته الغناء، باستطاعتك أن تتناول فطوراً قروياً يحضره الحفيد جوزيف لزواره، ويتألف من بيض مقلي ولحم ومناقيش ولبنة بلدية، وغيرها من الأطباق الصّحية المصنوعة من مشتقات عضوية، من مزرعته التي تبعد نحو ثلاثة كيلومترات عن البيت.
أما النّشاطات التي تنتظرك هناك، فتجمع بين زيارات تثقيفية إلى متحف دوما العصري، وأخرى في «بارك دوما»، وكذلك ممارسة رياضة المشي بين أزقتها القديمة والضيقة، والتوجه إلى شلالات «بالوع بلعة»، التي تبعد نحو ثلاث ساعات عن «ديوان البيك».
«2 - بيوتي» منزل ضيافة في الشّوف
يقع على بعد 40 كيلومتراً عن بيروت، صاحبه رفيق بازرجي قرّر أن يترك عمله الأساسي (كان صاحب شركة سيارات) للتفرغ لهذا المكان الذي يتألف من 10 بيوت صغيرة مجهزة بأسرّة وحمامات صُمّمت بأسلوب راقٍ، وبأثاث يمزج بين العراقة والحداثة. وبين «اليسار» و«العريشة» و«التنور» و«الجسر» وغيرها، ستحتار أي منزل تختار منها، كون كل واحد يتمتع بميزات تختلف عن الآخر. ومع فطور قروي يتألف من الخبز الساخن ومشتقات الحليب الطازجين ومربات حضّرتها نسوة البلدة، ستبدأ يومك بنشاط وأنت تتنشق الهواء العليل المشبع برائحة الزّهور المزروعة في حدائق «بيوتي». ممارسة رياضة المشي والسباحة، واستكشاف الطبيعة وأماكن أثرية تحيط ببلدة المعاصر، هي بعض من النشاطات التي في إمكانك ممارستها في المنطقة.
«3 - بيت جدي»
بني في أعالي المتن الشمالي منذ أكثر من مائتي سنة، وهو يعود لصاحبه سليمان صروف. ومن بعده، قرّرت حفيدة ابنه موريال أن تحوله إلى بيت ضيافة يخصّص للعائلات لتمضي فيه أوقاتاً مسلية.
ويتألف من طابقين: السّفلي، وهو مخصص لتناول الطعام والجلوس ونشاطات خاصة بالأطفال؛ وفي الطابق الثاني، توجد غرفتا نوم، تتسعان لخمسة أشخاص، إضافة إلى شرفة شاسعة تطلّ على الوادي. يطالعك بهو واسع عند مدخله المحاط بحديقة صغيرة من الناحية الشرقية، وبجلسة تحت «العريشة» من ناحيته الغربية. وعلى درج خشبي حديث، تصل منه إلى طابق المنامة المطل على مناظر طبيعية رائعة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».