قيادات في {المؤتمر} اليمني تشدّد على رفع العقوبات عن نجل صالح

النهاري: الحزب يمر بمرحلة استقطابات حادة بعد استبعاده من محادثات جنيف

TT

قيادات في {المؤتمر} اليمني تشدّد على رفع العقوبات عن نجل صالح

تواصل قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» في العاصمة المصرية القاهرة نقاشاتها المستفيضة الرامية لإعادة توحيد أجنحة الحزب المتنافسة بعد مقتل مؤسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح على يد الميليشيات الحوثية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسط تعقيدات كبيرة واستقطابات حادة تهدد باستمرار تشظي الحزب. وأكدت مصادر حزبية رفيعة لـ«الشرق الأوسط» أن النقاشات التي يقودها عدد من قيادات الحزب الممثلين للجناح المساند للشرعية والجناح الآخر الموالي للرئيس الراحل علي عبد الله صالح قطعت شوطا كبيرا خلال الأيام الماضية على صعيد إيجاد المقترحات الكفيلة بتقارب قادة الجناحين، بالتزامن مع حلول الذكرى الـ36 لتأسيس الحزب.
وذكرت المصادر أن القيادات الموالية للرئيس الراحل تشدد على رفع العقوبات الأممية عن النجل الأكبر للرئيس الراحل أحمد علي عبد الله صالح الموجود حاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة، تمهيداً لمنحه دوراً محورياً في قيادة الحزب، والتفاف قادة هذا الجناح خلف رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي والحكومة الشرعية المدعومة من التحالف الداعم لها.
وكان الرئيس الراحل ومؤسس الحزب علي عبد الله صالح، أعلن قبيل مقتله على يد الحوثيين فض الشراكة معهم والانتفاض المسلح في مواجهة الجماعة الانقلابية الموالية لإيران وفتح صفحة جديدة مع التحالف الداعم للشرعية وصولا إلى إنهاء الحرب وإعادة الاستقرار إلى اليمن وتوطيد انتمائه إلى محيطه العربي.
وأكد القيادي في الحزب ونائب رئيس دائرته الإعلامية الدكتور عبد الحفيظ النهاري لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب يمر بمرحلة استقطابات حادة في الخارج، خاصة بعد استبعاده من محادثات جنيف القادمة، وبعد زيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي الأخيرة إلى القاهرة ولقائه بمجموعة من القيادات المؤتمرية في اتجاهه لتحريك المياه الراكدة في صفوف من يصفهم النهاري بـ«المؤتمريين الديسمبريين» (القيادات النازحة بعد أحداث 2 ديسمبر 2017 التي انتهت بمقتل صالح).
وكشف النهاري أن هؤلاء القيادات يطالبون برفع العقوبات الدولية عن أحمد علي عبد الله صالح، وهو نجل صالح والسفير السابق لليمن في أبوظبي: «باعتبارها باطلة ومجحفة، فضلا عن أزمة الشواغر القيادية لرئيس المؤتمر وأمينه العام».
وأشار النهاري إلى وجود خلاف مستمر بين القيادات بخصوص المناصب الشاغرة لمنصبي رئيس الحزب وأمينه العام، نظرا لوجود التعقيدات التنظيمية التي لا تسمح بانعقاد المؤتمر العام للحزب والذي يعد وفق النظام الداخلي المرجعية الشرعية الوحيدة لانتخاب رئيس وأمين عام للحزب. وقال القيادي في الحزب إن «المعالجات المقترحة لسد هذه الشواغر أصبحت سببا في زيادة التوتر بين قيادات المؤتمر في الداخل وقياداته في الخارج على أكثر من صعيد، بينما في المقابل يتمسك مؤتمريو الداخل بمرجعيتهم في سد الشواغر القيادية حتى انعقاد المؤتمر العام، لكن هذه القيادات - بحسب النهاري - واقعة تحت ضغوط أحداث (2 ديسمبر 2017) ولا يستطيعون تجاوز إملاءات الحوثيين».
وكان هؤلاء القادة في صنعاء نصبوا عقب مقتل صالح، القيادي البارز صادق أمين أبو رأس، رئيسا للحزب، كما نصبوا عددا من القيادات الأخرى للقيام بمهمة القيادة الجماعية لمنصب الأمين العام للحزب، خلفا للأمين الراحل عارف الزوكا الذي كان قتل هو الآخر رفقة صالح.
وبينما تتعدد الاستقطابات في الخارج بناء على موقفها من الشرعية والتحالف العرب - كما يقول النهاري - يتباين المشهد التنظيمي بين مؤتمر الداخل الواقع تحت ضغط الأحداث، وقيادات الخارج البعيدة عن قواعد المؤتمر وأنصاره وجماهيره ميدانيا، ومنها قيادات المؤتمر في الشرعية؛ حيث أصبح الحوار المؤتمري - والحديث لا يزال للنهاري - «أكثر صعوبة خاصة مع تطلع الرئيس هادي لشغر رئاسة الحزب في ظل ممانعة من (الديسمبريين) لسياسة ضم (المؤتمر) وإلحاقه بمؤسسة الرئاسة».
ومن شأن استمرار هذه الاستقطابات أن تفوت على الحزب الذي حكم اليمن طيلة ثلاثة عقود، استحقاقات سياسية مهمة، كما أنها - بحسب الدكتور النهاري - ستؤثر على دوره الوطني الريادي في هذه المرحلة الصعبة. ويقترح القيادي النهاري، أن يسارع الحزب «إلى حل مشكلاته والتفاهم مع المجتمع الدولي والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وإلا فإن وضعه سيكون أصعب بالنظر إلى الخسائر السياسية التي يمكن أن يتعرض لها جراء أي تخلف عن مسار المتغيرات والاستحقاقات الوطنية القادمة سلما وحربا».
وعلى الرغم من تعقيدات الوضع التنظيمي للحزب، فإن جهود التواصل بين أقطابه في الخارج - بحسب النهاري - مستمرة، حيث تبدو التطلعات بالتوصل بينهم إلى رؤى توافقية تساعد على عبور هذه الأزمة وتحتفظ للحزب بدور ريادي في الاستحقاقات القادمة سلما وحربا بما يليق بمكانته الشعبية وتاريخه وتجربته، وبما يتيح له إعادة التموضع في المجتمع الدولي وفق قواعد الشرعية الدولية التي تضبط مسار الأحداث السياسية والعسكرية في اليمن.
ويؤكد نائب رئيس الدائرة الإعلامية للحزب، أن كل القيادات واثقة أن حزبهم (المؤتمر الشعبي) قادر على عبور هذه الأزمة، بل إنهم يتطلعون - على حد تعبيره - إلى أن يكون المؤتمر الشعبي «هو الرافعة التي تخرج اليمن من أزمته الحالية باتجاه استعادة الدولة المدنية الضامنة لأمن اليمن واستقراره واستقلاله وأمن جيرانه في الخليج العربي وأمن العالم».
وكانت زيارة الرئيس هادي إلى القاهرة قبيل عيد الأضحى الماضي، حركت رواكد العلاقة المتوترة بينه وبين القيادات المناوئة لتسلمه زمام قيادة الحزب خلفا لصالح، غير أن عددا من كبار قيادات الحزب قاطعوا حضور الاجتماع الذي كان ترأسه وأشار خلاله إلى رغبته في طي صفحة الخلاف بين أجنحة الحزب ولملمة صفوفه في مواجهة قتلة مؤسسه وزعيمه الراحل علي صالح.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.