الكوليرا تتمدّد في الجزائر وتفاؤل بالقضاء عليها {خلال أيام}

TT

الكوليرا تتمدّد في الجزائر وتفاؤل بالقضاء عليها {خلال أيام}

تواصلت في الجزائر أمس حالة الهلع إثر توالي الأنباء عن تسجيل إصابات جديدة بوباء الكوليرا رغم محاولة الحكومة طمأنة المواطنين وإبداء تفاؤلها بالقضاء على المرض خلال أيام.
وكان مقررا أن تعقد الحكومة برئاسة رئيس الوزراء أحمد أويحيى اجتماعا مخصصا لمناقشة تطورات وباء الكوليرا الذي ظهر مجددا في البلاد خلال الأيام الماضية بينما كان آخر ظهور له في البلاد عام 1996. وقبل الاجتماع الحكومي الذي كان مقررا أن يقدم خلاله وزير الصحة مختار حسبلاوي عرضا مفصلا حول الموضوع، قام الوزير بزيارة إلى ولاية البليدة المجاورة للعاصمة، والتي سجل فيه أكبر عدد من حالات المرض.
وقال حسبلاوي خلال مؤتمر صحافي في البليدة إنه سيتم القضاء على الكوليرا خلال يومين أو 3 أيام تحسبا للدخول المدرسي. وأضاف أن الدخول المدرسي المقرر 5 سبتمبر (أيلول) المقبل، سيكون بشكل عادي، مشيرا إلى أن الوزارة اتخذت كل التدابير اللازمة لضمان دخول مدرسي عادي. وأكد حسبلاوي أن وزارته تتعامل بشفافية مع الوضع، وأن الأرقام التي تقدمها السلطات صحيحة لا غبار عليها. وكشف أن المصالح الطبية سجلت حتى الآن 147 حالة مشتبها بها بالكوليرا بينها 49 حالة مؤكدة.
وكشفت وزارة الصحة عن تسجيل ثاني حالة وفاة بالكوليرا، مشيرة إلى أن الحالتين كانتا في منطقة بوفاريك التابعة لولاية البليدة. وأشارت وزارة الصحة إلى أن الحالات المؤكدة للمرض سُجلت بالبليدة (25 حالة) وتيبازة (12 حالة) والجزائر العاصمة (5 حالات) والبويرة (3 حالات) والمدية (حالة واحدة) إضافة إلى حالة مشكوك فيها بولاية عين الدفلى. وتقع كل هذه الولايات في وسط البلاد.
إلا أن الصحافة المحلية تحدثت أمس عن تسجيل حالة مشتبه بها في ولاية باتنة (شرق)، مضيفة أن المصاب عسكري شاب كان قد انتقل خلال الأيام الماضية إلى العاصمة في مهمة عمل.
ووسط جدل واسع حول مصدر المرض، حددت وزارة الصحة منبعا مائيا يقع غرب العاصمة، وتحديدا في قرية سيدي الكبير التابعة لمنطقة حمر العين في ولاية تيبازة. وأغلقت السلطات المحلية هذا النبع المائي كإجراء وقائي بانتظار إجراء التحاليل اللازمة. وجدد وزير الصحة أمس أن منبع سيدي الكبير هو بالفعل مصدر الكوليرا وشدد على مقاطعته بصفة نهائية. وفي المقابل، فإن عددا من السكان المحليين كانوا قد شككوا في أن يكون المنبع المعني مصدرا للوباء، مشيرين إلى أنهم يستهلكون الماء الصادر منه منذ عشرات السنين ولم يتأذوا منه.
وكان المدير العام لمؤسسة «الجزائرية للمياه» إسماعيل عميروش قد صرح يوم السبت بأن «مياه الحنفيات التي تثير مخاوف بعض المواطنين بشأن إمكانية تلوثها بالكوليرا صالحة للشرب ولا تمثل أي خطر على الصحة».
ويذكر أن مدير الوقاية بوزارة الصحة الدكتور جمال فورار، قد أعلن يوم الخميس الماضي خلال ندوة صحافية بالجزائر العاصمة، أن الإصابات بوباء الكوليرا التي تم تسجيلها بولايات الجزائر العاصمة، البليدة وتيبازة والبويرة، هي حالات «معزولة منحصرة في عائلات»، مؤكدا أن الوضع «متحكم فيه».
ويعد الكوليرا من بين الأمراض المعدية الخطيرة والمتسببة في الوفاة بعد تعرض الشخص إلى إسهال حاد تتسبب فيه بكتيريا تنتشر عن طريق غياب شروط النظافة بسبب استهلاك مياه أو خضر أو فواكه ملوثة. وأصدرت وزارة الصحة بيانا توصي فيه الجزائريين بضرورة اتباع التدابير الأساسية للحد من انتشار الوباء والمتمثلة في «الغسل الجيد لليدين بالماء النظيف والصابون عدة مرات في اليوم لا سيما قبل لمس المواد الغذائية وقبل الأكل وبعد الخروج من المراحيض إضافة إلى غسل الخضر والفواكه قبل استهلاكها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.