انشقاقات وخلافات بين القوائم الفائزة تعرقل حسم «الكتلة الكبرى»

توقع دعوة البرلمان العراقي الجديد اليوم أو غداً إلى الانعقاد

TT

انشقاقات وخلافات بين القوائم الفائزة تعرقل حسم «الكتلة الكبرى»

كثف الرئيس العراقي فؤاد معصوم اتصالاته خلال اليومين الماضيين مع مختلف الأطراف والقوى والشخصيات السياسية في البلاد. وشملت مباحثات معصوم نائبه نوري المالكي زعيم ائتلاف «دولة القانون»، وحيدر العبادي رئيس الوزراء زعيم ائتلاف «النصر»، وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، وزعيم تحالف «الفتح» هادي العامري، وفالح الفياض أحد مرشحي التسوية لمنصب رئيس الوزراء، والسفير الأميركي في بغداد دوغلاس سيليمان.
وتأتي هذه الاتصالات في وقت يستعد فيه معصوم لإصدار مرسوم جمهوري (اليوم أو غداً) يدعو البرلمان الجديد للانعقاد لتأدية القسم وتسجيل الكتلة الأكبر وانتخاب رئيس للبرلمان ونائبين له.
وقال مصدر مطلع على أجواء الحوارات لـ«الشرق الأوسط» إنه «في الوقت الذي كان فيه الحديث يجري عن احتمال تفكك ائتلاف (النصر) بزعامة العبادي، هناك معلومات عن كتل أخرى يحتمل انسحاب بعض أعضائها وانضمامهم إلى كتل أخرى لدوافع وأسباب مختلفة»، مبينا أن «معظم تلك الانسحابات غير معلنة لأن أطرافها تنتظر الصيغة النهائية للكتلة الكبرى بعد انضمام السنة والكرد وهو ما يؤخر إعلانها».
من جهته، جدد السفير الأميركي لدى العراق تأييد بلاده استقرار العراق والاستمرار في تقديم المساعدات الضرورية للعراقيين.
جاء ذلك خلال المباحثات التي أجراها سيليمان مع الرئيس العراقي. وطبقا لبيان رئاسي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، فإن «معصوم أكد أن دعوة مجلس النواب المنتخب إلى الانعقاد ستتم وفقا للدستور والقوانين النافذة». وأضاف البيان أن «معصوم وسيليمان استعرضا سبل تعزيز علاقات التعاون بين البلدين والشعبين الصديقين، فضلا عن مجمل التطورات السياسية والأمنية في العراق والمنطقة».
وبينما جدد ائتلاف «النصر» التأكيد على تماسكه نافيا الأنباء التي تحدثت عن انشقاق عدد من أعضائه بمن فيهم مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، فإن ناظم العبادي القيادي في تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعلن أمس عن انضمام أعضاء من «دولة القانون» وتحالف «المحور الوطني» السنّي إلى تحالف «إنقاذ الوطن»، المشكل من «سائرون» و«النصر» و«الوطنية» (بزعامة إياد علاوي) وأطراف أخرى بهدف تشكيل الكتلة الكبرى. وقال العبادي في تصريح إن «هنالك احتمال أن يلتحق بكتلة (إنقاذ الوطن) أفراد من (دولة القانون)، لأنه ليس هناك خط أحمر عليهم، باستثناء نوري المالكي نفسه، لأن لدينا تحفظاً على أدائه خلال سنوات حكمه العجاف، كما أتوقع أنه يلتحق بعض الإخوة من تحالف (الفتح)»، لافتا إلى أن «القسم الأكبر من (المحور الوطني)، أو كلهم سيلتحقون بـ(إنقاذ الوطن)، باستثناء خميس الخنجر، لوجود تحفظات تجاه شخصه، إزاء مواقفه السياسية السابقة».
من جهته، نفى محمد الكربولي، القيادي في تحالف «المحور الوطني»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود «أي نية لأي طرف في (المحور) للانضمام إلى هذا الطرف أو ذاك بعيدا عن الحقوق الطبيعية والمشروعة للعرب السنّة». وقال الكربولي إن «السنّة لن يكونوا تابعين لأحد لكوننا (محور)، حالنا في ذلك حال الشيعة والسنة، وبالتالي فإن استمرار الحديث عن تشظي السنّة ودخول هذا وخروج ذاك، لن يؤدي إلى النتيجة التي نتمناها وهي تشكيل حكومة وفق برنامج طموح نتولى كتابته جميعا ويهدف إلى إنقاذ العراق». وأضاف الكربولي: «أود أن أقول للجميع إن كل من يحاول أن يصور السنّة على أنهم مع هذا أو ضد ذاك فهو واهم، فنحن لا نتبع أحدا؛ بل نحن الآن موحدون في مواقفنا ولن نسمح لأحد بمصادرة قرارنا»، مبينا أن «كل من يريد الاقتراب من (المحور الوطني) فعليه أن يقدم الضمانات الكافية لتنفيذ أولوياتنا في ضوء برنامج حكومي نتفق عليه جميعا».
في السياق ذاته، يرى الدكتور عامر حسن فياض، عميد كلية النهرين للعلوم السياسية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع الكتل السياسية بدأت تتحرك الآن عبر وضع اضطراري غير مسبوق متمثلا بضاغطين؛ هما: أولا: الموقف الحاد من قبل المرجعية الدينية خصوصا بالنسبة للقوى الشيعية وحتى القوى الأخرى وإن بنسبة أقل، حيث إن المرجعية أكدت على أهمية عبور الطائفية واعتماد مبدأ المواطنة وعدم التفرد باتخاذ القرار. والثاني: هو الشارع الملتهب عبر المظاهرات المستمرة التي مثلت إحراجا للجميع».
ويضيف الدكتور فياض أن «أي جهة سياسية لم تعد تجرؤ على أن تتحمل المسؤولية وحدها، وبالتالي لا بد من تقديم عطاء، كما أنه لا بد من إشراك الآخرين باعتبار أن العبء والمسؤولية باتت كبيرة جدا». ويرى فياض أن «الجميع الآن يشعر بإحراج كبير، لأن تشكيل الكتلة الكبرى لم يعد امتيازا؛ بل تحول إلى مسؤولية، لأن الشارع لن يقف ساكتا حيال أي تعثر في تنفيذ ما وُعِد به من برامج».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.