وفد «فتح» في القاهرة لمناقشة التهدئة والمصالحة و«حماس» تنفي طرح بناء مطار في إيلات

مخيم خان يونس شمال قطاع غزة (إ. ب. أ)
مخيم خان يونس شمال قطاع غزة (إ. ب. أ)
TT

وفد «فتح» في القاهرة لمناقشة التهدئة والمصالحة و«حماس» تنفي طرح بناء مطار في إيلات

مخيم خان يونس شمال قطاع غزة (إ. ب. أ)
مخيم خان يونس شمال قطاع غزة (إ. ب. أ)

توجه وفد من حركة فتح، أمس، من رام الله إلى العاصمة المصرية القاهرة للقاء المسؤولين عن الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات المصرية، للبحث في ملفي التهدئة مع إسرائيل والمصالحة مع حركة حماس، بعدما كانت «فتح» قاطعت اللقاءات التي جرت مؤخراً بين الفصائل في مصر لمناقشة الملفات ذاتها، في ظل رفضها للتهدئة بين «حماس» وإسرائيل.
ومن المقرر أن تصل وفود الفصائل الفلسطينية تباعا بدءاً من اليوم الأحد، وخلال الأيام المقبلة، لاستكمال مباحثاتها التي بدأتها قبل عيد الأضحى بشأن ملفي التهدئة والمصالحة.
وضم الوفد كلاً من عزام الأحمد وحسين الشيخ وروحي فتوح، وجميعهم أعضاء في اللجنة المركزية لـ«فتح»، التي قالت إنهم توجهوا لاستكمال الحوار مع «الأشقاء في مصر». ورفضت «فتح»، خلال الأسابيع الماضية، إبان لقاءات الفصائل في القاهرة، إرسال وفدها للمشاركة في تلك اللقاءات، مشددة على رفضها أي تهدئة بعيداً عن الشرعية الفلسطينية، وفي ظل المحاولات الأميركية - الإسرائيلية لتمرير ما يسمى «صفقة القرن» بفصل غزة عن الضفة الغربية.
ويأتي سفر الوفد بعد أن قالت مصادر فلسطينية مطلعة أول من أمس لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك توافقاً إيجابياً بين المسؤولين المصريين والفلسطينيين لحضور وفد من حركة فتح بالضفة الغربية يترأسه عزام الأحمد إلى القاهرة، لعقد لقاءات ثنائية، ومن ثم المشاركة باللقاءات الخاصة بالفصائل مع بعضها بعضاً، ولقاءات الفصائل مع مسؤولي جهاز المخابرات المصرية القائمين على تلك الملفات.
ورجحت المصادر حينها أن يعقد الوفد لقاءات ثنائية فقط مع المسؤولين المصريين، ثم يتخذ قراراً بالمشاركة من عدمها في الاجتماعات مع الفصائل، خصوصاً في ظل رفضها مشروع التهدئة بين «حماس» وإسرائيل قبل إنجاز ملف المصالحة الذي تتمسك فيه بشرط التسليم الكامل للحكومة الحالية.
وقالت «فتح»، في بيان، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدلت بـ«صفقة القرن»، «صفقة غزة»، بعد موقف الرئيس محمود عباس الصلب الرافض لها، وبعد معرفتها بموقف «حماس» اللين التي أبدت رفضها للصفقة إعلامياً فقط، في حين أنها في الحقيقة توافق عليها وتسعى لها.
وتساءل أسامة القواسمي، عضو المجلس الثوري لحركة فتح عن موقف «حماس»، قائلاً: «وإلا كيف نفسر مفاوضاتها مع إسرائيل بمعزل عن منظمة التحرير الفلسطينية، وبمباركة ودعم من ترمب».
وخاطب القواسمي، في تصريح صحافي، قادة «حماس»، قائلاً: «توقفوا عن هذه المفاوضات الهزلية مع إسرائيل، وعودوا للبيت الفلسطيني الداخلي، واعلموا أننا الأقرب إليكم إن أحسنتم النية والظن والفعل، وأننا بوحدتنا أقوى من فوهات المدافع الإسرائيلية، وأقرب لإنجاز التحرر والاستقلال، وأن ما تقومون به من مفاوضات لا يخدم إلا إسرائيل وأهدافها التصفوية وفصل القطاع»، كما قال.
وأضاف القواسمي أن «أميركا وإسرائيل هما من وضعتا الخطة وتسعيان لفصل القطاع تماماً، وتمرير (صفقة القرن) من خلال (حماس)، متخذين الوضع الإنساني غطاءً لمشروعهم، وما الممر المائي في قبرص تحت رقابة الأمن الإسرائيلي الكامل، والأمر ذاته المطار في إيلات إلا نماذج لحجم المؤامرة التي تستهدف قضيتنا الوطنية، ومن المؤسف أن نجد طرفاً فلسطينياً يتعاطى مع هذه الأفكار التصفوية لقضيتنا».
وزاد: «لماذا لم يتم طرح الممر الآمن مع الضفة بدل قبرص وإيلات؟ ولماذا الهروب غرباً إلى أي مكان عدا الضفة الفلسطينية شرقاً؟ ولماذا كان المطار والميناء في غزة خيانة في عهد السلطة الوطنية؟ بينما وجودهما في قبرص وإيلات وتحت (بساطير) الأمن الإسرائيلي، وفقاً لتعبير (حماس) الذي طالما تغنت به، عملاً وطنياً وثمرة للمقاومة؟ كيف لأهلنا وشعبنا تفسير ذلك بعد معاناة استمرت أحد عشر عاماً من حكم (حماس)؟».
وقال إن «أهلنا في القطاع الحبيب يرفضون سلخهم عن هويتهم الوطنية الفلسطينية، وسيتصدون لأي محاولة رخيصة مبتذلة لإخراجهم من عمقهم وتاريخهم وتراثهم وشعبهم، وهم كما كانوا سيبقون جزءاً أصيلاً من الشعب العربي الفلسطيني المناضل، وسيلعنون كل من يتاجر بمعاناتهم وبدمائهم ومن يسعى لفصلهم عن وطنهم وعاصمتهم القدس».
وشدد على أن الوحدة الوطنية هي الأساس، وأن العبث بمقدرات الشعب الفلسطيني مقامرة يجب أن تتوقف. وثمن الدور المصري في رأب الصدع على الساحة الفلسطينية، والجهود التي تبذلها مصر في هذا الاتجاه ووقوفها إلى جانب الشعب والقيادة الفلسطينية في التصدي لـ«صفقة القرن».
ونفى موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، وأحد أعضاء وفدها للمصالحة والتهدئة، الاتهامات التي أطلقها المتحدثون باسم «فتح» عن أن حركته طرحت فكرة بناء مطار قرب إيلات. وقال أبو مرزوق، في تغريدة على «تويتر»: «لم نطرح أي فكرة لها علاقة بمطار غير مطار غزة».
وشدد على أن حركته لم تطلب الذهاب إلى تركيا إطلاقاً، وأنه ليس لديها أي مرجعية غير مؤسساتها. كما نفى القيادي في «حماس» أن تكون حركته طلبت توفير مرتبات للموظفين عبر إسرائيل، مشدداً على أنه لا خلط بين التهدئة والمصالحة، وما عدا ذلك «مجرد أكاذيب»، كما قال.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.