«القوات» يحيّد عون في المواجهة مع «التيار الحر»... وينتقد باسيل

الرياشي في بعبدا للتأكيد على «العلاقة الطبيعية» مع رئيس الجمهورية

الوزير الرياشي يسلم الرئيس عون دعوة من رئيس «القوات» سمير جعجع (دالاتي ونهرا)
الوزير الرياشي يسلم الرئيس عون دعوة من رئيس «القوات» سمير جعجع (دالاتي ونهرا)
TT

«القوات» يحيّد عون في المواجهة مع «التيار الحر»... وينتقد باسيل

الوزير الرياشي يسلم الرئيس عون دعوة من رئيس «القوات» سمير جعجع (دالاتي ونهرا)
الوزير الرياشي يسلم الرئيس عون دعوة من رئيس «القوات» سمير جعجع (دالاتي ونهرا)

احتوى حزب «القوات اللبنانية» الصدام الإعلامي مع فريق الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، عبر فصل العلاقة المتوترة مع «التيار الوطني الحر» عن العلاقة الطبيعية مع الرئيس عون. وتمثل ذلك في زيارة وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي إلى قصر بعبدا أمس، وحصر الخلاف مع وزير الخارجية جبران باسيل.
ورغم أن الزيارة إلى بعبدا كانت لتسليم عون دعوة من رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع نقلها إليه الرياشي، لحضور القداس الذي يقيمه الحزب في 9 سبتمبر (أيلول) المقبل في ذكرى «شهداء المقاومة اللبنانية»، فإن مضمونها بعث رسالة واضحة عن فصل المسارين، وهو ما عبر عنه الرياشي بالقول بعد اللقاء إنه «عرض مع الرئيس عون العلاقات بين رئاسة الجمهورية و(القوات اللبنانية)، وأهمية بقائها فوق كل الحسابات الضيقة».
وأكدت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط» أن توقيت الزيارة مهم: «كونه يؤكد أنه في اللحظة التي يشن فيها باسيل حملة على القوات، يستقبل فيها الرئيس عون الوزير الرياشي، موفداً من جعجع، وهذا طبعا بقدر ما هو إرادة من قبل (القوات) للفصل في العلاقة بين باسيل ورئيس الجمهورية على مستوى الحملة السياسية، يمثل أيضاً إرادة من عون بأن الأمور مع (القوات) غير مقطوعة».
ورأت المصادر أن الحملة التي تشن على «القوات»، «مستغربة لأن جعجع في مقابلته أكد على العلاقة مع العهد، وأن (القوات) داعم أساسي للتسوية وللرئيس، وبالتالي لا ندرك خلفيات الحملة بأي إطار يمكن وضعها». وقالت المصادر: «واضح أن باسيل تلقى نصيحة بأن يحيّد الرئيس الحريري؛ لأن الهجوم على الحريري الذي كان يتم تحت عنوان تحديد مهل زمنية للرئيس المكلف، أثار غضب المرجعيات السنية، فأراد نقل المواجهة إلى مكان آخر لتحييد الحريري، التزاما بنصيحة وصلت لباسيل في هذا الاتجاه».
وشن قياديو «التيار الوطني» أول من أمس، حملة ردود على تصريح لجعجع طالب فيه باحتساب حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الوزارية من حصة تكتل «لبنان القوي»: «باعتبار أن التكتل هو تكتل العهد، وبذلك تكون حصته هي حصة التيار والعهد التي يفترض أن تكون 8 وزراء، مقابل 5 لـ(القوات)».
واعتبر باسيل في تصريح له في «تويتر»، أن «الانتحار السياسي الفردي والجماعي أن يضرب الإنسان نفسه وأخاه وجماعته، من أجل كسب سياسي وزاري ولحظة سياسية عابرة، فيتنازل عن الصلاحية والعرف و(الاتفاق)، ويسمّي هذا دعماً للعهد»، وأضاف: «أمّا نحن فعلى المصالحة والعهد باقون».
وتعتبر «القوات» نفسها غير معنية بالتصعيد السياسي الأخير، وتحصر انتقادها بالوزير باسيل، إذ أكدت مصادر «القوات»: «إننا لسنا في معرض الحملة السياسية. هو طرف اختار هذه الحملة لأسباب وخلفيات سياسية لا تنطلي على أحد، والرأي العام يدرك جيدا من هو الطرف السياسي الذي يعطل تشكيل الحكومة الذي توقف نتيجة عرقلة باسيل، ووضعه سقوفاً تعجيزية من خلال محاولته ضرب التمثيل الوزاري لـ(القوات) و(الاشتراكي)، وبات يدرك أن الحكومة لا يمكن أن تتشكل بلا (القوات) و(الاشتراكي)، كما يفترض أنه بات على قناعة بأن تحجيمهما لا يمكن أن يتحقق، ويتحمل مسؤولية هذا الوضع أمام الرأي العام اللبناني».
ورأت المصادر أن باسيل في وضع مأزوم، كونه في مواجهة مع «القوات» و«الاشتراكي» والحريري و«المستقبل» والشارع السني، في ظل حياد الثنائية الشيعية، وفي ظل رأي عام يسأل إلى أين سيوصل باسيل سياساته لبنان، في ظل تحديات اقتصادية صعبة.
وقالت المصادر إن باسيل «يستند إلى حجج وذرائع واهية لاتهام (القوات) باستهداف صلاحيات رئيس الجمهورية»، مؤكدة أن «القوات» هي أكثر طرف سياسي حريص على صلاحيات الرئيس والرؤساء الثلاثة؛ لأنها تدرك أن أي مساس بصلاحيات أي طائفة يؤدي إلى انزلاق الوضع إلى فتن مرفوضة نهائياً.
وأوضحت المصادر أنه «في مسألة كتلة الرئيس، فـ(القوات) واضحة، أنه يجب أن تكون هناك كتلة وزارية للرئيس، بينما الطرف الذي عارض أن تكون للرئيس كتلة وزارية هو التيار الوطني الحر والوزير باسيل نفسه، عندما كان الرئيس السابق ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وما ينطبق على سليمان ينطبق على كل العهود. وبالتالي فإن الطرف الذي يزايد لا تحق له المزايدة الآن». وأضافت: «كل ما تقوله (القوات) إن الحصة الوزارية للرئيس يجب أن تكون بشكل مؤكد، ولكن إذا كانت له كتلة نيابية فإن حصته يجب أن تكون جزءاً لا يتجزأ من الكتلة، وطبعا ينطبق الأمر على الرئيس المكلف الذي يجب أن تكون لديه حصة، إذا أردنا أن نطبق المعادلة التي يتحدث عنها الوزير باسيل، ما يعني أن رئيس الحكومة المكلف يجب أن يكون من حصته ثلاثة وزراء، إضافة إلى ما يمثله على مستوى كتلة (المستقبل)، أي 8 وزراء من حصة الحريري».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».