الأمم المتحدة تحذر من تحول «داعش» إلى شبكة عالمية سرية

لديه 20 ألف إرهابي رغم هزيمته في العراق وتقهقره في سوريا

طفلة لعائلة إثيوبية داخل مخيم للنازحين في شيليلكتو التي تشهد اضطرابات متواصلة منذ زمن طويل (رويترز)
طفلة لعائلة إثيوبية داخل مخيم للنازحين في شيليلكتو التي تشهد اضطرابات متواصلة منذ زمن طويل (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تحذر من تحول «داعش» إلى شبكة عالمية سرية

طفلة لعائلة إثيوبية داخل مخيم للنازحين في شيليلكتو التي تشهد اضطرابات متواصلة منذ زمن طويل (رويترز)
طفلة لعائلة إثيوبية داخل مخيم للنازحين في شيليلكتو التي تشهد اضطرابات متواصلة منذ زمن طويل (رويترز)

حذر وكيل الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف من أنه رغم الهزائم العسكرية الجدية التي مني بها، لا يزال لدى تنظيم داعش نحو 20 ألف مقاتل في العراق وسوريا، منبهاً بصورة خاصة إلى أن التنظيم يواصل «التحول الخطير» نحو شبكة عالمية سريّة، مع التركيز على نشاطات الجماعات الإقليمية التابعة له.
وكان كبير المسؤولين الدوليين عن مكافحة الإرهاب يتحدث في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن ليعكس خلاصات التقرير السابع للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في شأن تهديد «داعش» للسلم والأمن الدوليين، فضلاً عن جهود المنظمة الدولية لدعم الدول الأعضاء في مواجهة هذا التهديد المتطور والعابر للحدود. وأفاد فورونكوف أنه رغم هزيمة «داعش» في العراق وتقهقره السريع في سوريا، لا يزال التنظيم يشكل «هاجساً مهماً وخطيراً». وقال إن «ما يسمى بخلافة «داعش» قد واجهت خسائر كبيرة، ولكن التنظيم لما يزال يثير القلق البالغ»، موضحاً أنه «منذ نهاية عام 2017. هزم «داعش» في العراق، كما يتقهقر بسرعة في سوريا». بيد أنه قدر عدد عناصر «داعش» في سوريا والعراق بـ «أكثر من 20 ألف شخص». لافتاً إلى أن «بعض مقاتلي «داعش» ينخرطون بشكل فاعل في القتال، ويتخفى آخرون بين المجتمعات والمناطق الحضرية المتعاطفة معهم». وأكد أن «هيكل قيادة «داعش» صار غير مركزي، كي يتمكن التنظيم من التكيف مع الخسائر»، مرجحاً أن «يستمر جوهر التنظيم في سوريا والعراق على المدى المتوسط، بسبب استمرار النزاع والتحديات المعقدة التي تهدد الاستقرار. كما يوجد أيضا أعضاء تابعون لـ«داعش» في أفغانستان وجنوب شرقي آسيا وغرب أفريقيا وليبيا، وبدرجة أقل في سيناء واليمن والصومال ومنطقة الساحل». ولاحظ أيضاً أن «داعش» يواصل تثبيت حضوره ونفوذه عبر طيف واسع من البلدان والمناطق، مشيراً إلى أن إندونيسيا ضربت بسلسلة من التفجيرات الانتحارية القاتلة في مايو (أيار) الماضي، بينما يخيم على أوروبا الهاجس من الرسائل التجارية المشفرة والتطرف في السجون. ونبه إلى أن الجماعة الإرهابية تحاول حتى توسيع حضورها في أفغانستان، كاشفاً أنه خلال مهمة له في كابل بين 14 أغسطس (آب) و15 منه، اقترح الرئيس أشرف غني عقد اجتماع رفيع المستوى في العاصمة الأفغانية السنة المقبلة، بدعم من شركاء من أجل تطوير استراتيجية إقليمية لمكافحة الإرهاب مع التركيز على أفغانستان. وإذ أفاد أن تدفق مقاتلي «داعش» الأجانب في اتجاه بلدانهم أبط مما كان يُخشى، عبر عن «قلقه الشديد» من الخطر المتمثل بخبرة صنع القنابل المكتسبة في مناطق النزاع، مثل مهارات تصنيع العبوات الناسفة وتفخيخ الطائرات من دون طيار «الدرون». وأضاف أن عودة المقاتلين السابقين إلى بلدانهم يمكن أن تؤدي إلى تطرف آخرين، أكان في أنظمة السجون أو في المجتمع الأوسع، مشيراً إلى أن الدول الأعضاء لا تزال تواجه صعوبات في تقييم الأخطار التي يشكلها هؤلاء، ولذلك يجب عليها أن تطور استراتيجيات محكمة للتعامل مع عودتهم. وكشف فورونكوف أن تطور «داعش» من بنية دولة بدائية إلى شبكة سرية أدى إلى إخفاء أموال التنظيم، مما جعل رصدها أكثر صعوبة. ولذلك لا يزال التنظيم يمتلك القدرة على توجيه الأموال عبر الحدود، غالباً عبر بلدان وسيطة، إلى وجهتها النهائية. ولفت إلى ما أوصى به تقرير الأمين العام للدول الأعضاء والمجتمع الدولي لجهة ضرورة تجديد الجهود لمكافحة الخطر العالمي المتطور لـ«دعش»، مضيفاً أنه ضمن الأمم المتحدة، هناك هيئات تعمل سوية عن قرب لمواجهة التنظيم وللتعامل مع المجالات الحرجة كتمويل الإرهاب والتعاون القضائي الدولي والملاحقة القانونية وإعادة التأهيل وإعادة الدمج. وكذلك أكدت مديرة الدائرة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ميشال كونينكس أن «المعركة العالمية ضد «داعش» والجماعات الموالية لها متواصلة»، مضيفة أن الأمم المتحدة تدعم الدول الأعضاء بأحدث التقنيات لتأمين حدودها، وتقدم التوجيهات للاستخدام الفعال لهذه التقنيات مع التقيد التام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان. وقالت: «نواصل أيضاً إقامة شراكات جديدة ومبتكرة مع القطاع الخاص، بما في ذلك على وجه الخصوص في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات»، مشددة على أن مثل هذا الانخراط ضروري، على سبيل المثال، من أجل جمع الأدلة الرقمية في قضايا الإرهاب. وقالت الباحثة في المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي لدى كلية كينغز كولدج في لندن جوانا كوك إن أبحاثها أظهرت أن هناك 41 ألفاً و490 من المواطنين الأجانب عبر 80 دولة أعلنوا الولاء لـ«داعش». وأضافت أن واحداً من كل أربعة من مقاتلي «داعش» من النساء والقاصرين، وهذا عدد لا سابق له لدى جماعة إرهابية. وقالت: «نعتقد أن هذا يمثل تقديراً قليلاً بدرجة هائلة نظراً إلى الفجوات الحالية في البيانات». وأشارت إلى أن التنظيم تواصل مع النساء عبر التجنيد الجندري المستهدف، مستغلاً الإحساس بالانتماء الذي تقدمه «داعش».
وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت الذي ترأس الجلسة إن الأسباب الجذرية لظهور المجموعة لم تحل بعد، مشدداً على أن هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لدعم السلام والمصالحة في العراق والتوصل إلى حل سياسي في سوريا.
ووصفت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة نيكي «داعش» بأنه «عدو مرن»، قائلة إن بلادها تعمل مع شركاء للمساعدة في إعادة البناء في العراق وسوريا، وفي استعادة الكهرباء والخدمات الأخرى، وبالتالي السماح لـ150 ألف من السوريين بالعودة إلى الرقة. وتعهدت تعزيز الشراكة مع الدول التي تحارب الإرهاب.
وأكد نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا أن كل جهود مكافحة الإرهاب يجب أن تنفذ باحترام كامل لسيادة الدول حيث ترتكب مثل هذه الجرائم. وأشار إلى أن بلاده تتعاون مع الحكومة السورية. وأثنى نائب المندوب الكويتي على جهود الأمم المتحدة لإشراك شركات التكنولوجيا في الحد من استخدام الإنترنت لأغراض إرهابية. ودعت نائبة المندوب الفرنسي إلى تطوير حلول تعددية وشاملة في العراق وسوريا بهدف إنهاء الإفلات من العقاب على الاسترقاق الجنسي الذي ارتكبه «داعش» ضد الشعب الإيزيدي.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.